راوية الشاعر والإحالة التكرارية.. في( خيول ناعمة )

2016-04-21
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/2f094633-a796-4a34-81b5-10201e82e5b1.jpeg
الدكتورة راوية من الشاعرات والقاصات العراقيات، نالت العديد من جوائز الابداع العراقية والعربية وهي مدرّسة فنون مسرحية  وكذلك لها خبرة ثلاث سنوات في مدرسة الفنون للأطفال المعاقين، كما انها كانت لاعبة في صفوف المنتخب الوطني لكرة اليد والريشة الطائرة .. وهذه المعلومات مثبتة في الصفحة الاخيرة من كتابها، تعني ان راوية الشاعر تحاول شعرنة حياتها بكل السبل المتاحة او التي تجترحها.. فهي تكتب وتفعّل الكتابة ميدانيا أمام جمهور واسع يتفاوت ثقافيا، لذا تلتقط الشاعرة :الكلمة المتعارف عليها بين الناس وتنفخ فيها من روحها ...
(*)
ارى المجموعة الشعرية نصا واحدا رشيقا بعنوانات فرعية، تتوزع النصوص بين اشتعالات الذات وانكسارات الوطن .. وهي انكسارات معلنة في النصوص وكذلك في قفا الكتاب وتحديدا تحت صورة الشاعرة، نقرأ الوجع الجماعي :
( شهداء البوح ... والمطر
رفاتنا قلمٌ
وقيامتنا قصيدة ٌ)
وبعد صفحة العنوان في داخل المطبوع، نقرأ الذات كمقتبس شعري ذاتي اعني من انتاج الشاعرة وليس كما ألفنا المقتبسات ،مقبوسة من نصوص سوانا وتصلح كمهاد للأستعمال النصي الخاص.. مثلاً يبدأ الكتاب بمقطع  قصيرمن قصيدة للسياب أو جملة من الروائي أورهان باموق وغير ذلك.. مقتبس رواية يعلن
( أنفخ بخلايا الاختلاف
كأني أفخرُ الوجع كوكباً
كأن بطني مجرة ٌ من طين ٍ
تدور بالدمع والدخان )
(*)
 ترى قراءتي ان معظم النصوص تشتغل وفق الاحالة التكرارية للجملة الشعرية :
 في نص ( عزلة لا ) تنتظم الكلمات عبر خيط اداة الاستفهام ( كيف ) المتكررة اربع مرات ثم ينتقل النص الى تكرار حرف الجر (ب) ..
( كيف تلمس خشونة القوارب 
نعومة البحر
كيف يلهث قبطان الشُباك
على ظهر سمكة 
كيف يكون الشراع
سيدا في سرير الموج
كيف يهتف الأعمى ب عربته
على حورية ٍ لامعة../41 )
ثم ينتقل النص عبر الإحالة بحرف الجر ( ب ) :
(تلك النعومة 
 تزهق أرواح الدوائر
في توابيت الأصابع
برتابة عشرين عاماُ
ثلاثون سنة 
ب الضرب نفسه ُ
ب الزفير عينيه 
ب الاقصاء عينيه
ب قشعرة الوسادة
وهي تسمع صراخ الباب
ب القفل نفسه
وهي تصافح الحلم 
ب الحلم عينيه../42 ) ..
 ..تعتمد قصيدة ( تصويت/ص99 ) على تكرارات ( لا ).. ( 24 ) مرة مقابل ( 5 ) مرات ( نعم ) والفاعلة في القصيدة هي ( لا ) اما ( نعم ) فهي إما ملجومة او مغيّبة أو متقيحة .. وتعتمد قصيدة ( كفن الثلج ) على تكرار اداة الاستفهام ( كيف ) أثنتي عشر مرة في نص ( فوضى عصب /ص97 ) تتقاسم الاحالة التكرارية كل من ( لن ) ولام التعليل  في قصيدة ( ك نزيف مغدور) تتنقل القصيدة بين تكرارين هما الكاف والباء.. قصيدة ( راويات ) تعتمد  سبع احالات من ( ليتك ) ثم تنتقل الى ثلاث تكرارت ( راوية ) في نهاية ثلاث اسطر وتعتمد قصيدة  (شياطين ناعسة ) على تكرار فعل التمني ( ليتك ) خمس مرات.. وسيكون حرف الباء هو الاحالة التكرارية في ( طقس السقوط )
(*)
لااعتراض على توظيف ماتراه الشاعرة موائما لنسيج نصها، شريطة ان تدفع عن نصها بصمة التنميط الشعري.. فالتكرار الاحالي يورّط النص احيانا بالمراوحة في حيز واحد ولايمنح فضاء النص سعة جديدة.. وسيكون مؤثريتها على التلقي مألوفة مما يؤدي الى تخفيف من شحنة الدهشة في النص ومن المؤكد وتحديدا الآن بعد إصدار الشاعرة رواية لكتابها سترى ضرورة تجاوز ذلك الاسلوب في انتاج النص ..
(*)
ألعاب اللغة
*ثريا المجموعة : خيول ناعمة : هنا لدينا تضاد لغوي يؤدي الى صدمة تلقي.. جميعنا نقصد : القوة ..السرعة  ...الفحولة، مجدنا العربي الآفل، حين نقول : الخيول أو الحصان الذي تحول الى وحدة قياس للقوة التقنية .. اما توصيف الخيول بالنعومة فهو انزياح نحو دلالة أخرى.. لوكان العنوان / خيول / لأستلمنا المعنى المتداول لمفردة خيول، لكن توصيفها بالنعومة جعل المعنى يستدير الى جهة مغلقة ربما سنجد المفتاح في القصيدة التي تحمل العنوان نفسه.. سنلتقط الجملة الشعرية التالية 
( تُحمّل الفم كسارية 
والعنق كخيل جامحة /47)
.. شخصيا ارى كاف التشبيه زائدة وستكون الاستعارة اعمق صورة لو كانت هكذا : ( العنق خيل جامحة ) حينها ستركز كاميرا التلقي على اعناق الخيول اثناء جموحها.. وسيمنحنا النص مفاتيحه الشفيفة كلها فالقصيدة تتناول لحظة حميمية يوجزها السطر التالي ( كما تقافز مطر على طين شبق /ص48) .. 
خصوصا وان النص نفسه يشتغل على الاستعارة بعد سطرين من كاف التشبيه :
( أحرق قطن رأسي المكدس 
ضمني بين عشب ضلعك ) .
وكما استعملت النعومة للخيول ستسبغ نعاسا على شياطين ..( شياطين ناعسة مص93)
وبين المطر والماء والقوارب تتنزه نصوص راوية ومنها :( سرية الحواس /ص31 ) ( تزال/ 21 )
( انكسار الكسل ) ( طقوس السقوط ) ..

(*)
ألتقطت قراءتي هذه الجمل الشعرية الانيقة من نصوص الشاعرة راوية :
*كيف تلمسُ خشونة القوارب نعومة البحر/41
*رفاتك أوردة نابضة ٌ/49
*هذا الانتماء لزجاجك يقلق حبات المطر/ 9
*تغمس الخصر بمحبرة الغياب /29
*أيّ كسرٍ بينك وبين حطبي
كلانا دشن المواقد بالمرايا
*كيف أسدد ديون الخطيئة
وفساتين الذنوب بيضاء
*ضعيفة ازرار الشوق /29
*يلامسك على ظهر بيت ٍ
باعه الصمت للغرباء/ 8
*نظارة المدير المشنوقة ب التنانير /85
*كلما تعثرت العرافة
كلما ابتكرنا النرد /89
*الليل يفتك بنا..يكنس الخطوة بالغبار
يعسكر بين شوقك ولهاث ِ يدي /ص94
*أطمئن فلن أسلبك َ سوى جلدك 
لأجعل منه مسلة عطور/ 97
*لن أحتال على الذنوب إلاّ بك 
*كغزل الضفائر..همسك /113
*تتأرج الخيمة بالقصص /103
*أو سريرك الوثير بقصص الاقمار/121
*رواية الشاعر/ خيول ناعمة / دار المرتضى/ بغداد – شارع المتنبي/ 2014

مقداد مسعود

مقداد مسعود (من مواليد 15 أكتوبر 1954م البصرة، العراق)، هو شاعر وناقد عراقي بدأ النشر منتصف السبعينات من القرن العشرين ولدَ في بيتٍ فيه الكتب  أكثر من الأثاث . في طفولته كان يتأمل عميقًا أغلفة الكتب، صارت الأغلفة مراياه، فعبر إليها وتنقل بين مرايا الأغلفة، وحلمها مرارًا . في مراهقته فتنته الكتبُ فتقوس وقته على الروايات، وقادته إلى سواها من الكتب، وها هو على مشارف السبعين في ورطته مع زيت الكتب وسراجها بقناعة معرفية مطلقة

مؤلفاته
الزجاج وما يدور في فلكه
المغيب المضيء
الإذن العصية واللسان المقطوع
زهرة الرمان
من الاشرعة يتدفق النهر
القصيدة بصرة
زيادة معني العالم
شمس النارنج
حافة كوب ازرق
ما يختصره الكحل يتوسع فيه الزبيب
بصفيري اضيء الظلمة
يدي تنسى كثيرا
هدوء الفضة
ارباض
جياد من ريش نسور
الاحد الاول
قسيب
قلالي

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved