من مركز مدينة"مَغْنيّة" بالغرب الجزائري، تستطيع أن تسلك ثلاثة طرق واسعة: أما الطريق إلى وهران فيتجه بك شمالاً، والطريق إلى تلمسان يتجه بك جنوباً، أما طريق الغرب فيوصلك بعد أقل من عشرين كليومتراً إلى الحدود الجزائرية ـ المغربية، ومن ثم إلى مدينة وجدة المغربية، حيث تنفتح أمامك، دفعة واحدة، كل الطرق إلى كل القارات.
مركز مدينة" مغنية "متواضع: مفترق نظيف، وإشارات مرور واضحة جداً، ومقهى حديث افتتح مؤخراً في احتفال أذيع خبره من الإذاعة الوطنية، وفندق "مرحبا" الوحيد ومجموعة مطاعم متوسطة وصغيرة، ومحطة الوقود، وموقف سيارات الأجرة.
من مركز المدينة، تتفرع دون تمهيدات، الازقة المزدحمة، ومحلات تصليح السيارات، والأسواق الشعبية حيث تتجول الخراف المعروضة للبيع، وحيث يأتي فلاحون عليهم سمات المغاربة ببضاعتهم ونسائهم شبه المحجبات.
هنا أيضاً، باعة المقانق والأكباد المشوية، والبطاطس المهروسة والمقلية بشكل أقراص صغيرة لها لون الزعفران.
* * *
اثنان وجدا نفسيهما، مباشرة، بعد أن دفعا الباب الثقيلة، أمام موظف الاستعلامات في فندق" مرحبا". كانت حقيبتاهما خفيفتين، وكان أحدهما ـ وهو الأصغر سناً ـ قلق العينين واليدين، أما الآخر، ويبدو عليه أنه يقارب الثلاثين، فاتجه إلى موظف الاستعلامات، مقدماً جواز سفره، ومتناولاً بطاقتين بدأ بملئهما دون أن يستعين بجواز السفر، وعندما انتهى تناول بطاقتين أخريين، والتفت إلى صاحبه، طالباً منه جواز سفره. بحث هذا في جيوبه كلها، ثم فتح حقيقته شبه مضطرب، ونثر ملابسه وهو يتنفس تنفساً مسموعاً، ثم أخرج جواز السفر. تناول الآخر الجواز، وشرع يملأ البطاقتين. وقع الأصغر سناً، وأخذ موظف الاستعلامات الجوازين والبطاقات الأربع، ثم ناول الآخر مفتاح الغرفة.
تمت العملية، ولم يسأل موظف الاستعلامات سوى سؤال واحد:
ـ كم ستقيمان هنا؟
ـ ليلة واحدة. سنغادر صباح الأحد.
* * *
في الشمال الغربي لـمَغنية، وعلى مبعدة كيلومترات قليلة، يقع ميناء بورساي الصغير، والبحر المتوسط. كان ميناء بورساي يشكل مع بني صاف أهم مركزين لصيد الأسماك بين وهران ومليلية الإسبانية على شاطيء البحر المتوسط، أما الآن فلم يتبقّ من أسطول صيد السمك سوى عدد قليل من الزوارق القديمة التي لا تغامر بالتوغل عميقاً في البحر، والتي لا تكاد تكفي حاجة سكان المدينة إلى الطعام البحري الذي ألفوه منذ زمن طويل، والذي لا يستطيعون الاستغناء عنه بسبب غلاء اللحم، إلا أن أعمالاً جديدة توفرت لأهالي بورساي وإن لم تكن بسعة الأعمال القديمة وأمانها، من هذه الأعمال التهريب: تهريب البضائع والأشخاص بين المغرب والجزائر، والاستفادة من فرق العملة بين أرض كانت مشتركة يوماً ما، ولا يفصل بينها ـ حتى الآن طبعاً ـ سوى نهر يستطيع الأطفال عبوره سابحين.
* * *
جوازا السفر مغربيان.
من السهل معرفة الأمر بمجرد التقاط العين لون الغلاف الأخضر الشاحب الصقيل.
في الصباح كان موظف الاستعلامات في فندق" مرحبا" يقلبهما، وهو يتحدث إلى أحد رجال الكمارك:
ـ مضت عليهما سنتان دون أن يدخلا المغرب.
ـ هل غادرا الجزائر؟
أعاد موظف الاستعلامات تقليب الجواز الأول:
ـ بن عمر سافر إلى هافانا عام 1965. هذه هي سفرته الوحيدة.
* * *
الطائرة التي يجلس فيها بن عمر، لصق النافذة، هي طائرة التوبوليف التي تتوقف عادة في مطار العاصمة الجزائرية، في رحلتها الطويلة من موسكو إلى هافانا. كان الجو داخل الطائرة أقل من دافيء، وكان بن عمر يشعر بنوع من الخدر الخفيف. مال بصدغه على الزجاج، فبعثت الاهتزازات السريعة العميقة شعوراً أكثر بالخدر في رأسه. عدل جلسته، وألقى برأسه إلى الخلف، مغمضاً عينيه، محتفظاً بآخر صورة التقطتها عيناه من داخل الطائرة: فتاة واسعة العينين ذات سروال واسع وشعر طويل أسود ناعم جداً.
إنه يرى الفتاة، الآن في مساء بالدار البيضاء. عيناها واسعتان، لكن شعرها الطويل الناعم يختفي تحت غطاء الرأس الذي يشكل جزءاً من الجلابة.
الفتاة تحدثه، تمسك بيده، ويسيران معاً، نحو الميناء، حتى إذا بلغا مرسى الزوارق، انحرفا. وتابعا مسيرهما. اقتربا من مقهى سجلماسة، حيث اعتادا أن يجلسا، مواجهين البحر، في قاعة داخلية ذات زجاج ملون وزخارف خشب.
عندما بلغ المقهى، لمح رجلين في الممر الجانبي. كان وجه أحد الرجلين معروفاً، أما الآخر فقد اندفع نحو بن عمر. صرخت الفتاة صرخة واحدة، ثم اختفت عن عيني بن عمر في استدارة الممر الجانبي مع حركة الرجل الأول.
مرات عديدة، استطاع بن عمر أن يتخلص، كما تخلص هذه المرة، إلا أنه في هذا المساء، حزن حزناً عميقاً. إن مليكة لن تكون معه، حتى لو عادت إلى منزلها بالدار البيضاء بعد يوم أو بعد سنة. مليكة سوف تخجل من النظر في عينيه.
مدن عديدة، تنقل بن عمر بينها، لكن مدينتين ظلتا تنبضان في نفسه: الدار البيضاء وفاس.
في فاس، سكن عَدْوَة الاندلسيين.كان مسكنه، مثل مساكن الطلبة بجامعة القرويين، غرفة صغيرة ذات نافذة واحدة تطل على زقاق من تلك الأزقة التي تطول وتلتوي وتصعد وتهبط لتعود بالمرء إلى منطلقه الأول بعد أن تطوف به المدينة.
في هذه الغرفة الصغيرة، أقام بن بركة ليلتين. كان يجيء قبيل انتصاف الليل، مرتدياً برنساً خشناً، مع شابين يتركانه حين يبلغ الباب. وكان بن بركة يبدو مثقلاً ومرهقاً، واثقاً وقلقاً في آن واحد.
في الليلة الثانية أجاز بن عمر لنفسه أن يوجه سؤالاً إلى بن بركة:
ـ ممن نتعلم؟
أجاب بن بركة: من انفسنا ومن كوبا.
الحرارة داخل طائرة التوبوليف المتجهة إلى هافانا، ترتفع. يفتح بن عمر عينيه ويوجه منفذ التهوية نحوه، دون جدوى. يغمض عينيه مرة أخرى، ويعود إلى أزقة فاس الطويلة الملتوية الصاعدة الهابطة. ويبلغ
عدوة الاندلسيين ثم يدخل غرفته الصغيرة.
ـ ممن نتعلم؟
ـ من أنفسنا، ومن كوبا.
* * *
موظف الاستعلامات في فندق مرحبا أخذ يقلب الجواز الثاني:
ـ عبد الكريم سافر إلى مرسيليا عن طريق ميناء وهران عام 1966.
* * *
سفينة الركاب ، القيروان ، من أقدم السفن التي تعمل في المتوسط ذات خط واحد: وهران ـ أليكانت ـ برشلونة ـ مرسيليا، وبالعكس، والقيروان سفينة قديمة المواصفات أيضاً، فركاب الدرجة الأولى معزولون تماماً عن ركاب الدرجة الثانية، أما ركاب الدرجة الثالثة فليس لهم من سبيل إلى أي من الدرجتين.
كان عبد الكريم متمدداً على كرسي قماش طويل في السطح المغطى بمشمع ثخين. إنها سفرته الأولى منذ مغادرته المغرب ليدرس في جامعة وهران حيث التقى بابن عمر في النادي مع أحد الطلبة المغاربة. يومها وجد عبد الكريم أنه أحب الشخص الذي يراه لأول مرة، حباً سببه حديثه الجارح عن مسائل المغرب، ومعرفته العجيبة بالمدن والناس هناك.
هبات عنيفة من الريح والموج تحمل رذاذاً كثيفاً إلى جوانب الدرجة الثالثة، بحيث اضطر عدد من المسافرين إلى مغادرة أماكنهم واللجوء إلى وسط القاعة. بينما بدأ عمال القيروان بتوزيع البطانيات على المسافرين. كانت الأرضية الخشب رطبة إلى حد توشك فيه أن تنِزَّ ماء.
استسلم عبد الكريم إلى دفء البطانية غير المنتظر. كان متعباً. إذ نام متأخراً البارحة، واستيقظ فجراً، ليجمع حوائج السفر، ويصل رصيف الميناء، فسفينة القيروان تقلع الساعة العاشرة صباحاً، وعليه أن يكون داخلها في الساعة التاسعة، بعد أن يتم السلسلة الطويلة من إجراءات السفر.
قال لي بن عمر: حين تصل مرسيليا اذهب إلى بار رويال، أول بار تبلغه سائراً عند تقاطع الطرق الأول، بعد مغادرتك منشآت الميناء مباشرة. سل عن سيدي أحمد. قل له إن بن عمر أرسلني. سيدي أحمد سوف يدبر أمر الرحلة بالقطار من مرسيليا إلى ألمانيا، وسوف يدلك على من تتصل به في ألمانيا، وهناك تعرف كل شيء.
كان وجه عبد الكريم، خارج البطانية الداكنة، مثل وجه صبي متعب من طول اللعب، وكانت خصلة دقيقة منحدرة على جبينه تكاد تغطي إحدى عينيه المغمضتين.
الريح تزداد عنفاً.
والقيروان تتعثر في رحلة أخرى مرهقة، تزيد آلاتها العتيقة تآكُلاً، وتمضي بها، خطوة فخطوة، عبر البحر المتوسط، إلى أليكانت، فبرشلونة، فمرسيليا حيث بار رويال، وسيدي أحمد، والطريق الطويل الذي ينتظر هذا الصبي النائم المتعب.
* * *
سأل رجل الكمارك في فندق مرحباً:
ـ كم بقي بن عمر في هافانا؟
فتح موظف الاستعلامات إحدى صفحات الجواز الأول، وقال ببطء:
ـ أقل من عام... من شهر جويلية 1965 إلى شهر مارس 1966.
سأل رجل الكمارك:
ـ والثاني؟ كم استمرت سفرته؟
ـ أكثر من عام.
ـ هل أقام في فرنسا فقط؟
تأمل موظف الاستعلامات عدداً من صفحات الجواز الثاني ثم قال:
ـ أقام فترات في ألمانيا الغربية ويوغوسلافيا.
ـ ما مهنتاهما؟
ـ طالبان.
كان الشاي المائل إلى الخضرة. يبدو أكثر خضرة من حقيقته، بسبب أوراق النعناع الكثيرة التي تملأ النصف الأعلى من الكأس الصغيرة... أرتشف رجل الكمارك رشفة سريعة ثم أعاد الكأس إلى مكانها من مكتب الاستعلامات الذي يشبه حدوة حصان متسعة وقال:
ـ هؤلاء المغاربة يدبرون رؤوسهم.
سأل موظف الاستعلامات:
ـ هل تظن الأمر سهلاً؟
نظر رجل الكمارك إلى علبة دخان الكولواز الزرقاء المربعة على المكتب. وتناول منها لفافة لم يشعلها، وإنما ظل يتلمسها بأنامله. كان موضع الأظفر في أحد أصابعه مشوهاً:
ـ الشعب يدبر.
قال موظف الاستعلامات وهو يضم الجوازين إلى بعضهما، ويضعهما إلى جانب لوحة المفاتيح:
ـ إنهما خارج البلاد.
ـ لا بأس.
ـ ماذا يستطيعان أن يفعلا خارج البلاد؟
ـ أين كانت اللجنة السرية وقت الثورة؟
ـ في سويسرا.
أشعل رجل الكمارك لفافة الكولواز، وتنهد قليلاً، وهو يستمتع بطعم الدخان الثقيل ورائحته النفاذة وهي تملأ تدريجياً القاعة الصغيرة.
* * *
إحفير ـ بَركان ـ الناضور.
ثلاث محطات بين وجدة المغربية، ومليلية الإسبانية. تتجه نحو البحر في خط عمودي. يخترق السهل. أولاً ثم منطقة التلال المتموجة. قبل أن ينحدر سريعاً. نحو الشريط السهلي الضيق على الشاطيء.
إن هذا الخط العمودي الذي يبلغ طوله مائة كيلومتر تقريباً. يحصر إلى شرقه قطاعاً ضيقاً يوازي خط الحدود شبه المستقيم بين المغرب والجزائر. هذا القطاع الضيق الذي يضم مجموعة كبيرة من القرى الزراعية، يتكون أغلب سكانه من عوائل مغربية ـ جزائرية، وقد يقيم عدد من أفراد الأسرة الواحدة في الجانب الآخر من الحدود.
إن سلطات الحدود في كلا البلدين لا يمكنها إلا أن تبدي نوعاً من التساهل تجاه انتقال الأشخاص والبضائع، شأنها شأن معظم سلطات الحدود، في مناطق أخرى مشابهة من العالم، لكن التساهل يختفي أحياناً، عند حدوث اضطرابات أو أحداث معينة، وغالباً ما يكون هذا في الجانب المغربي. غير أن التشدد لم يصل يوماً إلى حد إطلاق النار.
أقرب المحطات الثلاث إلى مليلية الإسبانية ـ حيث يتم الانتقال إليها بالهوية الشخصية، وأحياناً دون هوية ـ هي بلدة الناضور الواقعة على شبه خليج. إن الناضور التي تضم عدداً من الفنادق، ومطاراً صغيراً محاطاً بالأشجار، وحامية عسكرية في ثكنات من الحجر الجبلي، وتسهيلات متواضعة لقوارب الصيد المغربية، والقوارب الإسبانية التي قد تلجأ إلى الخليج أثناء العواصف والطوارئ ـ تعتبر واجهة مغربية أمام المنطقة الإسبانية الملاصقة.
والطريق من بورساي إلى الناضور ليس سهلاً كما يتصور المرء، فحين يعبر المرء النهر الفاصل بين بورساي والأرض المغربية، عليه أن ينحدر جنوباً، ويظل ينحدر، مخترقاً العديد من القرى والمزارع والتلال المتموجة، ليبلغ إحفير أو بَركان. ومن هاتين البلدتين الصغيرتين، يبدأ من جديد رحلة نحو الشمال، بوساطة الحافلات أو سيارات الأجرة، حتى يصل الناضور.
إن الرحلة إلى الناضور، عبر إحفير وبَركان شديدة البطء إذ أن هذا الخط العمودي الذي يبلغ طوله مائة كيلومتر تقريباً، ويمتد بين وجدة ومليلية، يعتبر منطقة تهريب، ومنطقة كمركية موحدة، تنشط فيها الدوريات من كل صنف: دوريات الكمارك، دوريات الشرطة السيارة، دوريات شرطة الدراجات النارية. ودوريات الأمن ذات الملابس المدنية المتنوعة.
ليس التهريب وحده، وراء هذه الدوريات، فالمنفيون المغاربة في أوروبا. وبربر الشمال، المهتمون بالسياسة، ذوو الميول الجمهورية في مدينة وجدة هم أيضاً... وراء هذه الدوريات.
* * *
في حوالي الساعة الرابعة من عصر الأحد، عاد المغربيان، ليواجها موظف الاستعلامات في فندق مرحبا.
كان رجل الكمارك الجزائري ما يزال جالساً في القاعة المعتمة.
وضع المغربيان حقيبتي السفر متلاصقتين إلى جانب الحائط أسفل المكتب، فبدأهما موظف الاستعلامات مستفهماً:
ـ ألم تسافرا؟
قال بن عمر: لم نستطع.
نهض رجل الكمارك من كرسيه الخيزران، وخطا خطوتين باتجاه المكتب، ووضع إحدى يديه عليه، وقال موجهاً الحديث إلى عبد الكريم:
ـ هل كنتما في بورساي؟
التفت عبد الكريم إلى رفيقه مستفهماً.
أجاب بن عمر:
ـ نعم، ولم نستطع اختراق الحدود.
قال رجل الكمارك:
ـ أكان ذلك بسبب الجزائريين؟
ـ نعم...
سأل رجال الكمارك:
ـ أتظن للأمر علاقة بمعاهدة إفران()؟
فكر بن عمر لحظة، ثم أجاب:
ـ لا أدري إن كانت هناك نصوص سرية للمعاهدة تتعلق باللاجئين السياسيين؟
قال رجل الكمارك:
ـ إنك تتذكر اتفاقيات إيقيان()...
لم يجب المغربي، واكتفى بهز رأسه موافقاً.
كان صمت متوتر يسود القاعة الصغيرة: المغربيان، ورجل الكمارك، واقفون أمام المكتب، وهم يبدون عاجزين عن أي شيء، بينما يتابع موظف الاستعلامات جلسته الثابتة التي تظهره من أمام المكتب، مثل تمثال نصفي لجندي جزائري شاب من المنطقة الغربية.
أخيراً قال موظف الاستعلامات، وهو يميل بصدره على حاجز المكتب:
ـ لمَ لم تسافرا بوثيقة سفر اللاجئين السياسيين؟
أجاب بن عمر:
ـ لأننا نريد البقاء في المغرب.
ـ ألا تستطيعان السفر بها إلى مليلية، ومن هناك تدخلان المغرب سراً؟
ـ سوف يسلمنا الإسبان.
الصمت المتوتر يسود القاعة الصغيرة، من جديد. لكنه ينقطع فجأة. كان رجل الكمارك هو المتحدث:
ـ سوف أصحبكما إلى بورساي.
بغداد 11/12/1972
() معاهدة إفران: بين الجزائر والمغرب.
() اتفاقيات إيفيان: اتفاقيات الاستقلال بين الثورة الجزائرية وفرنسا.