أهدانا مشكورًا معلم التاريخ الأستاذ أحمد رشيد اغبارية كتابه الصادر حديثاً، الموسوم "مشيرفة بين الماضي والحاضر"
يقع الكتاب في 152 صفحة من القطع الكبير، قام بتدقيقه لغوياً الأستاذ رياض رشيد اغبارية، وهو من تصميم ومونتاج مطبعة توب برينت، وقد أهداه إلى "عائلتي الغالية، واهل هذا البلد الطّيّب، وإلى الّذين هم مصدر معلوماتنا والهامنا، وإلى كل من يجمعنا بهم رباط العلم، من قرّاء وطلّاب ومعلمين" .
ويُعد هذا الكتاب محاولة متواضعة ومرجعاً تاريخياً مهماً وجهداً بحثيًا مباركاً، من حيث المراجع والهوامش ومصادر المعلومات والمقابلات والصور التراثية القديمة، وما يعطيه ويمنحه أهمية دخوله في تفاصيل قريته مشيرفة، الواقعة في المثلث الشمالي، والتابعة لنفوذ مجلس طلعة عارة، بتاريخها ورجالاتها وعائلاتها وعاداتها وأحيائها وأزقتها وشوارعها وأوديتها، في حاضرها وماضيها .
يتناول أحمد في كتابه تاريخ قرية مشيرفة من خلال أربعة فصول، الفصل الأول يركز على تاريخ القرية من النواحي الجغرافية والتاريخية والاجتماعية والعمرانية، وتضاريسها وأوديتها، علاوة على الظروف المعيشية لأهلها قبل دخول المشاريع الحيوية (شبكات الماء، الكهرباء، الهواتف، الشوارع المعبدة، ووسائل النقل) .
وفي الفصل الثاني يتحدث عن الحياة في القرية وكيفية قضاء الوقت وأشكال التسلية والعاب الصغار والقصص الشعبية التي كان يقصها الكبار على الصغار خاصة في ليالي الشتاء، فضلًا عن طبيعة عمل الأهالي قديمًا وحديثًا، والمشاريع التطويرية، وبناء المدارس، وبدايات التعلم والتعليم، وكذلك الجهاز الإداري في القرية إبان فترة المخاتير والمجلس المحلي .
أما الفصل الثالث فيتطرق للعلاقات الاجتماعية في القرية وطقوس وعادات الزواج والخطوات الذي تسبقه، والأعراس في الماضي، ويعرض للأغاني التي كانت تغنى في الاعراس، بالإضافة لطبخة رمضان، والمسحراتي، وصلاة التراويح، والافطار الجماعي، وعادات وتقاليد الوفاة، وزيارات المرضى، وتسمية الطفل .
في حين يتمحور الفصل الرابع حول الحمائل والعائلات في القرية ولقاءات مع كبار السن. وأيضًا يتضمن الكتاب على ملحق فيه صور قديمة وخرائط للقرية، ومراجع البحث .
ويمكن القول ان الكتاب هو مجهود مبارك ومُقدّر، ويكتسب أهمية بما فيه من معلومات وحقائق أعتمدها من مصادر مختلفة ومتعددة، ومن ألسنة كبار السن الذين التقى بهم، وهو يفتح ثغرة في البحوث والدراسات القروية الريفية التراثية، وكما يقول في الخاتمة ان الكتاب عبارة عن محاولة لتدوين وتوثيق تاريخ قرية مشيرفة من النواحي التاريخية والجغرافية والسكانية والاقتصادية والاجتماعية وغير ذلك من أمور ومواضيع، ويشكل مرجعًا شاملًا بما يتعلق بشؤون القرية وتطورها، وعملاً خالصاً يهدف لحفظ تراث القرية، تاريخها القديم والحديث، وتقديم المعلومات للأجيال الصاعدة والناشئة الجديدة التي لم تعش وتعاصر المتغيرات والتورات التي طرأت على القرية وأوضاعها البنيوية .
وتجدر الإشارة إلى أن مؤلف الكتاب أحمد رشيد اغبارية من مواليد قرية مشيرفة العام 1965، أنهى دراسته الابتدائية فيها، والثانوية في مدرسة عرعرة الثانوية العام 1983. عمل في فرع البناء ما يقارب العشرين عاماً، وفي جيل 37 بدأ تعليمه الأكاديمي في الجامعة المفتوحة، وحصل على اللقب الأول بموضوع تاريخ الشرق الأوسط والتربية العام 2006، واللقب الثاني في موضوع تاريخ الشرق الأوسط من جامعة حيفا، وهو يعمل في سلك التدريس بالمدرسة الثانوية التكنولوجية عتيد- ابن الهيثم بأم الفحم، مدرسًا لموضوع تاريخ الشرق الأوسط ونظام الحكم في الدولة الإسلامية، وكان قد عمل سابقًا معلمًا في مدرسة عَمال الثانوية- عرعرة النقب .
إننا إذ نرحب بالكتاب، الذي يفتح ثغرة في البحوث والدراسات القروية الريفية التراثية، ونبارك للمؤلف أحمد رشيد اغبارية، ونشد على يديه، ونرجو له التوفيق والنجاح في البحث والتوثيق، ويا حبذا لو أعطى كتابه لمصمم مختص لجاء الكتاب بصورة أفضل وأجمل من الناحية الشكلية والفنية، فالخط صغير وتصعب قراءته للكثيرين .