شاعرة تغزل اشعارها بخيوط مغمسة بأحزان الآخرين\ لا

2015-01-30
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/229b9bb3-2891-4c81-ab02-6819ff052e8b.jpeg
 لها قدرة على تصوير أحزان الآخرين بألفة وكأنها تحمل خلاصة تجارب الآخرين ومحنهم من خلال محنتها الشخصية.
تجربتها تحفل بأحزان شديدة العمق والاتساع، فتنقل القارىء بقصائدها الجميلة الجارحة، الى أجواء الفقد والموت، وقد تحولا الى خبز يومي.. . حين تصور الأحزان، تجعلها تبدو وحدة يصعب التفريق بين خاصها وعامها .
 تتحولعندها الآلام الشخصية إلى مأساة إنسانية .. كما انها ترى في آلام الآخرين على عموميتها.. مأساتها الخاصة.
ومأساتها الأعظم، مدينتها بغداد، تقول عنها :
"لا توجد مدينة مثل بغداد يتداخل فيها الاسطوري بالواقعي. وقليلة هي المدن التي تحتل مكانة في الخيال والذاكرة الجمعية كما هي بغداد. مدينة حاضرة غائبة لا تعمر الا من اجل ان تخرب. اول مراكز قوى العالم الاسلامي وحاضرة الدنيا اجمعها. تآلبت على ارثها العريق كوارث الطبيعة والاوبئة والحكام...
والفجيعة الكبرى عندها ما يبدو من عبثية ما يجرى، فهي تعجز عن فهمه. فتقول "انهم لا يعرفونا/ انهم لم يعرفونا/ لم يذوقوا ماء نهرينا/ ولا خبزا خبزنا بيدينا/ ما رأونا قبل هذا اليوم قط/ فلماذا يقتلونا..".
 
هي شاعرة وقاصة وناقدة فنية عراقية.  لها في الشعر «طائر النار» و«غزالة في الريح» و«محنة الفيروز»، ومما لها في القصة القصيرة «البجع» و«بريد الشرق» و«ألم يبق منهم أحد؟»، والأخيرة (2011 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر) هي في بقايا في الذاكرة لبعض من كانوا وبانوا في بغداد، مدينة الشاعرة وحبها المهجور والمكسور. أما آخر ما صدر لها في النقد الفني فكتاب عن الفنان العراقي رافع الناصري (ولادة 1940 في تكريت، العراق) بعنوان «رافع الناصري: رسام المشاهد الكونية) حديثاً عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر. ولها، كتب مترجمة في الشعر «صناعة الشعر" لتيدهيوز، وفي «اللوحة والرواية» لجفري ميرز، و«الأوهام البصرية» لينكولاس ويد، و"حياتي مع بيكاسو" لفرنسواز جيلو وكارلتون ليك، و«باريس عندما تتعرى» لإيتبل عدنان... وكتابها النقدي الأخير، عن الفنان رافع الناصري، الذي هو زوجها منذ عام 1973، حيث التصق الفنانان الزوجان في حياة مشتركة ومكشوفة على بعضها البعض كمرايا متقابلة ...
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/97f0f78b-ed67-47b8-accb-06cdc60a6984.jpeg 
 
هي مي عباس مظفر الخالدي. ولدت في بغداد عام 1940. حصلت على البكالوريوس في الأدب الإنجليزي ـ جامعة بغداد. عملت في شركة إعادة التأمين العراقية باحثة ومترجمة, لمدة خمسة عشر عاماً ثم تفرغت للكتابة.

دواوينها الشعرية:
طائر النار 1985 ـ
غزالة في الريح 1987 -
ليليات 1994.
أعمالها الإبداعية الأخرى: لها عدد من القصص هي:
خطوات في ليل الفجر ـ
البجع ـ
فصوص في حجر كريم.
 
مؤلفاتها: ترجمت خمسة كتب عن الإنكليزية, معظمها في مجال المقارنة في الأدب والفن, بالإضافة إلى دراسات, ومقالات نشرتها في الصحف, والمجلات المتخصصة باللغتين العربية والإنكليزية
 
يقول صباح الناصري في المقدمة التي وضعها على مجموعتها :"لم أتوقع عندما بدأت قراءة قصائدك الدخول إلى العالم الذي أدخلتني فيه. وعندما انتهيت من قراءتها بقيت ساكنا صامتا فترة طويلة، قبل أن أعود إلى مجرى حياتي العادية... وأعدت قراءتها مرات ومرات تخرجني كل مرة من حياتي المسطحة الباهتة، وتجذبني نحو أعماق الاسى والامل التي لا قعر لها...".
مجموعة مي مظفر جاءت في نحو 100 صفحة متوسطة القطع، وبلوحة غلاف للفنان العراقي رافع الناصري. وصدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وأهدت الشاعرة مجموعتها "الى روح اخي نمير".
 
أدرجت الشاعرة مي مظفر قصائدها تحت أربعة عناوين هي "في أحوال الغربة والتغرب" و"أينما تكون.. سلاما" و"ما بين بين" و"أوطان مفخخة". معظم القصائد كتبت في البحرين وعمّان. وقصائدها إلا قليلا جدا منها لم تحمل عناوين.
تقول في قصيدة تلت قصيدتها الأولى متحدثة عن حضور خفي للراحلين وما أكثرهم في العراق
 
"أغلقت الباب ورائي لم أترك غير الجدران ترافقني
في غرفة بيت مسكون
بشخوص أخرى ترقبني
تترصد خطوي
توميء.. تغمز.. تحفر وجها في الجبصين
وتخفي ناسا في الاركان
فأكاد بأذني أسمع همسا يأتي من شق
في تلك المنضدة وذاك البرفان
من هفهفة الموسلين على شباك أغلق منذ سنين
شفة تهمس
ريح تجري من بين أصابع كفي الذابلتين
جمع يتدفق دون استئذان
ليطارد وجهي في كل مكان".
ترسم بأسى ومرارة صورة مؤلمة "لحركة الحياة" في بلدها فتقول في قصيدة أخرى
"مذ أمست الطرقات فارغة.. وقام
العسكر الاغراب يحمون الشوارع
يستبيحون المنازل
ظلت العربات واقفة..
وساعات المدينة
ودنا المساء
فحل ضيفا عند عائلة رهينة".
وفي تصوير جميل مفجع للغربة القسرية وفي ذكريات الأيام  الآفلة تقول
 
على طرف خفي من جنائنهم
جلسنا نحن مغتربا ومغتربة
نحاول أن نرمم روحنا..
ملامحنا التي بدأت تزول
تبادلنا بأيدينا حكايات مهربة
تذاكرنا عن الطرقات عن
مقهى.. وعن جسر ومئذنة
وناس فوق كف الماء يلتمسون أوطانا
ولا مهرب
صمتنا حين بددنا الكلام سدى
وعدنا مرة أخرى
نشد على أيادينا
نتفّه من ماسينا
نسافر نحو نهر مستبد في أغانينا
فنلقى طائرا عطشا يحوّم حول شاطئه
ولا يشرب".
قصائد الشاعرة صوراً باذخة، تنقل لنا الآلام ووجوهها المختلفة. ففي تصوير رائع لوحشة الغربة وزمن الاحزان الذي لا يتحرك وكأنه لا يزال مربوطا بأمراس الكتان التي تحدث عنها امرؤ القيس تقول
"الساعة ظلت واقفة بعد الظهر
ظلت ساكنة فوق الحائط
تتطلع في وجهي المبلول
تتكتم عن قول.. وتقول
الساعة ظلت واقفة
والصمت يفيض ويهطل غيما ابيض
للساعة وجه امرأة
نزفت ماء العين..
ويداها مرسلتان على جسد مشلول
والوقت يطول".


عالية كريم

رئيسة تحرير "معكم"

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved