(الرجل الأم = الأم المعيـــلة)
اقتراح مقدم إلى / المجلس القومى للمرأة بمصر
[ كافة الأجهزة والمجالس القومية العربية والإسلامية المعنية بقضايا المرأة]
ــ موضوع الاقتراح :
منذ أصدر قاسم أمين كتابه : تحرير المرأة عام 1906 والمرأة المصرية تحاول مضاعفة جهدها فى المطالبة بحقوق أكثر ومكاسب أكبر كل ما ظهر لها انفراج سياسى برلمانى فى مشوار كفاحها الطويل .
وتكفينا نظرة واحدة إلي القوانين التي صدرت خلال الآونة الأخيرة لصالح حقوق المرأة والطفل بما في ذلك حق منح الجنسية للأبناء من أم مصرية وقانون محكمة الاسرة فضلاً عن القانون الذي سمح بتعيين قاضيات, حيث تم تعيين أول قاضية في عام2003 وارتفع عدد القاضيات الآن الي65 قاضية يعملن في المحاكم المصرية , إضافة الي قانون حقوق الطفل ومنع الاتجار بالاطفال ورفع الحد الادني لسن الزواج إلي 18 عاما ، كذلك قانون منع ختان الإناث، وقرارالمحكمة الدستورية العليا المصرية بمنح النساء حق الحصول على جوازات سفر وحق السفر دون موافقة مسبقة من أزواجهن، وهو القرار الذي صدر في نوفمبر عام 2000.
كما لايمكن أن نغفل صدور قانون الخلع وهو القانون المعروف بأنه القانون رقم 1لسنة 2000 والذي ينظم أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية ، والذى قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بدستوريته حيث يتيح للمرأة أن تطلق من زوجها بدون موافقته مقابل تنازلها عن حقوقها المادية وأن ترد له ما دفعه من مهر.
وأنا ومعظم الرجال ـ تقريباً ـ لا تسبب لنا مثل هذه المكاسب أى نوع من الضيق أو التبرم خاصةً ، لأننا إذا رأينا أنها فى غير صالحنا ونحن حديثى عهد بالزواج ؛ ألا أننا لاشك سنفرح بها ونحن آباء لبنات متزوجات، وقد عمنا الاطمئنان لو لا قدر الله طالهم ما يطول بعض الزيجات الحديثة من طلاق وما يستتبعه هذا من قضايا سواء النفقة أو المسكن أو حق الرؤية ومكان الرؤية بالنسبة للأطفال . وكم رأينا فى القوانين القديمة من اعطاء الرجل كافة الحقوق التى استخدمها بطريقة مؤذية و متعسفة يناصره فيها السلطة التنفيذية والتى فرح بها زوجاً إلا أنها قتلته كمداً وحزناً عندما يراها تمارس من قبل رجل آخر تجاه فلذة كبده وربما تكون وحيدته .
كما أسعدنى والكثير غيرى ما اتخذه المجلس القومي للمرأة من قرار جرىء لمواجهة إيجاد المسكن للمطلقات غير الحاضنات والأرامل اللائي لا يجدن مأوى يقمن فيه وذلك عن طريق تخصيص نسبة معينة من مساكن الشباب التي تقيمها الدولة لهن ، وهو حل يعبر عن روح التضامن الاجتماعي التي تدفع إلى رعاية هؤلاء السيدات.
وذلك لاشك نابع من الرؤية المجتمعية للمجلس والقائمة على أنه لايمكن أن يتم تحقيق نجاحات حقيقية للمجتمع بمعزل عن مشاركة المرأة.
إلا أننى أرى أن أولى جانباً هاماً ربما لم يركز المجلس القومى للمرأة عليه ؛ ففى الوقت الذى حقق المجلس مكاسب كثيرة للمرأة تكاد تصيبها بالتخمة إلا أنها لم تفْ نساء أخريات حقهن بالقدر الكافى، مما صحت المقولة فى مثل هذا الموقف : ( إسرافٌ هنا وتقتير هناك) ، ألا وهى ( الأم البديلة ) .
كما أن المكاسب الكثيرة للمرأة أصابت بعضهن بانبهارٍ شديد فاستخدمنها استخدام الطفل للسكين يريد أن يلهو فيقتل ، ويبدو هذا واضحاً فى الاستخدام المتعسف والسىء من قبل المرأة تجاه الرجل بعد صدور( قانون الخلع )، والعيب ليس فى القانون ولكن فيمن يستعملنه بغير حق الله وبغير ما صدرله، حتى تحول لمباريات انتقامية بين الزوجبن، أو معارك ثأرية لم تراع المرأة فيها إلاً ولا ذمة ، والشواهد على طلب الخلع لأسباب تافهة كثيرة .
كان من نتيجة هذا التعسف ضياع أسر بكاملها ، واهدار حقوق الأبناء ، فى معركةٍ غير متكافئة وجد فيها الرجل نفسه مهزوماً على كافة الأصعدة ، كما وجد نفسه يقوم مقام الأم حين تخلت الأم حتى صار حاله يشبه تقريباً حال (الأم المعيلة) التى قامت بأعباء الأسرة المادية حين تخلى الزوج بإرادته أو بغير إرادته عن القيام بدوره فى الأسرة .
و غالباً ما لايستطيع الرجل الصمود فى تحمل دور ( الرجل / الأم ) وقتاً طويلاً فما لمثل هذه المهمة الصعبة الشاقة خلقه الله ، فترنو عيناه إلى من تجد فى نفسها الرغبة فى تحمل وزر لم ترتكبه بينما ارتكبته أختها المرأة بإعتبار الجنس لا السلوك ، فتتقدم الزوجة الجديدة لتكون ( الأم البديلة) أو ( الأم الثانية ) أو ( الأم بالتربية ) .. كما يجب أن تسمى ، فتقوم بدورها خير قيام وهى لا تنتظر الثواب والجزاء إلا من الخالق سبحانه وتعالى ، ورأينا فى هذا نماذج رائعة ـ وهذا ما نعول عليه فى مشروعنا هذاـ ضربن أروع الأمثلة حتى كسرن الأرقام القياسية عند مساواتهن بالأم الحقيقية دون افتئات أو مغالاة أو حط من قدرالأم الأصلية.
وفى الوقت الذى لم تطمح تلك الأمهات البديلات الجديدات فى الأجر والمثوبة من أحد ، لم يجدن من يذكرهن بالخير ولو من بعيد على سبيل التعميم وحسب ؛ بل وجدن الاهمال والتقصير من قبل حتى الجمعيات التى ترفع لواءها النساء ، ولنضرب مثالاً : هل تم تخصيص يوم لعيد الأم البديلة / المربية ؟!! ، هل تم ذكرهن فى يوم عيد الأم الذى أسميناه ( عيد الأسرة ) حتى لا نغفل دور الأب ، فما بالنا أغفلنا دور تلك التى ربت وعانت وزوجت بنات وأولاد لم يمروا برحمها كأم طبيعية وإن مروا من حنايا قلبها كأم أكثر من الطبيعية التى تخلت وولت الأدبار ؟!!
بل تنكر المجتمع لهن فى نظرته الكلاسيكية المتوارثة العتيقة حتى من أولئك اللواتى ينادين بالتحرر و الانفتاح ، ولنراجع كافة الأمثال الشعبية المبثوثة فى ثنايا تراثنا الشعبى المصرى والتى ربما كانت من ابداع قريحة المرأة تجاه المرأة الأخرى فى نفس المجتمع ، تلك الأمثال التى لم نعمل على تنقيحها من العمومية والمغالاة فى العداوة ، ولم نعمل أيضاً على تلقيحها بأفكار و صور جديدة داعمة لصورة تلك المرأة التى تربى وتقوم بمهمتها فى صمت بغير ذكر ٍ أو شكر.
أن ما أحاول طرحه هنا هو مشكلة كل عناصرها نسائية وليس للرجل فيها إلا التقابل مع المرأة وذلك فى أمرين : حين وصفناه بـ (الرجل الأم) لكونه يقوم بمهام الأم التى تخلت وقام بدورها ، وحين ساويناه فى موقعه الجديد بـ (المرأة المعيلة) ، وأعود لأكرر أن التى خلقت المشكلة هى ( الأم الهاربة ) والتى تحملت المشكلة مع الرجل هى ( الأم البديلة ) .
ولا أحاول تسطيح الأمورعندما لم أناقش مدى مساهمة الرجل فى تفجير الأوضاع التى حرضت (الأم/ الزوجة) على الهروب والتخلى ، أهى ظالمة أم مظلومة ، بقدر ما نناقش مدى تضحية الأم على الجانب الآخر التى قد تعيش فى ظروف أكثر ظلماً وإيلاماً لها مع حقها فى أن تأخذ نفس زمام المبادرة بتحريك عصا القانون لتهوى بها على رأس ظالمها ولكنها تنظر على الجانب الآخر فتجد أن من سيتحمل عنتريتها أطفالها الزغب فتؤثر الابحار بقارب الأسرة متفاديةً بماوهبها الله من صبرٍ وحكمة وحنكة جنادل وشلالات الضياع والانهيار .
ــ المطالب والاقتراحات :
ــ وبعد ماتقدم فأقصى ما أطالب به مجلسكم الموقر الآتى :
1 ـ الرجل الأم أصبح موجوداً بشكل أو آخر فى مجتمعنا، ومن المؤكد أن هناك من يقوم بهذا الدور وحده وهو يئن فى صمت خاصةً ممن كان كثير العيال ، و لا يملك الدخل المناسب ، ولا يستطيع القيام بالدورين إلا على حساب أولاده .. فنرجو تكوين صندوق لرعاية هذه الأولاد معه على سبيل المشاركة المجتمعية مساواة له بالمرأة المعيلة ، خاصة وأن مجتمعنا يخلو من مجلس قومى للرجل .
2 ـ اعادة الاعتبار للأم البديلة وتكريمها كالأم الحقيقية سواء بسواء ، وذلك فى نفس يوم احتفالنا بعيد الأم ؛ فدورها لايقل عنها فهدفهما ورسالتهما واحدة وهو الحفاظ على قوام وتماسك الأسرة من التشرذم والانهيار والضياع خاصة لمن تولت المسئولية بعد (وفاة الأم) أو(هروبها) أو( انفصالها ) بالخلع أو خلافه مخلفة صغارها لزوجها ، وذلك بالبحث عن تلك النماذج الناجحة والمشهود لها وهن من الكثرة بمكان .
3 ـ اقتران القوانين التى تصدر لصالح المرأة بالبرامج الاجتماعية والتربوية عن طريق ارساء القيم الدينية والأخلاقية فى نفوسهن ، وتحذيرهن من مغبة استخدام تلك القوانين بما يهدد سلامة وأمن الأسرة وبالتالى سلامة وأمن المجتمع، ومن المعروف أنه ليس هناك غير الأم التى تحمى وتجمع الأسرة والمجتمع حولها.
4 ـ تقديم النصح الدائم للزوجات اللواتى منحهن الله فرصة تصحيح مسار أسرة فقدت الأم بالوفاة أو بتلك الطرق التى أشرنا إليها ، أن يتقين الله فى أنفسهن وفيما استرعاهن عليه خشية أن يلحق بأولادهن ما لحق بأبناء أزواجهن ، وأن تعمل على أن تسوى بينهن فى المعاملة والحب والعطاء . وذلك من خلال تقديم حزمة من البرامج الإعلامية الهادفة ، أو عقد دورات تثقيفية تعليمية ، أو عمل اعلانات تحذيرية ارشادية تبثها وسائل الاعلام المختلفة بالتعاون مع كل الهيئات المعنية فى هذا الشأن .