تعتبر شالة من بين اهم المواقع الأثرية، بمنطقة الرباط، حيث اكتشفت خلال بداية العهود التاريخية، وقد ساهم في نشأهتها، وفي ازدهارها، مصب ابي رقراق، وتوفرها على احدى أهم عيون المنطقة، وردت تسمية سلا منذ منتصف القرن الأول بعد الميلاد، عند بعض الكتاب القدامى وفي وثائق أثرية، كالنقود، كما اطلق الإسم نفسه، قديماً على وادي ابي رقراق، الذي ذكر عند بلينيوس الشيخ كذلك تحت اسم سلات، وخلال الفترة الإسلامية، اصبح اسم سلا يطلق على مدينة سلا الحالية الواقعة على الضفة اليمنى لنهر ابي رقراق، في حين اطلق اسم شالة على هذا الموقع .
واذا كان من الصعب تحديد الجذور الأولى لنشأة سلا القديمة فإن موقعها يتوفر على كل المؤهلات التي تجعل منه الى جانب لكسوس وجزيرة دوكاود، احدى أهم المحطات البحرية الفينيقية على الساحل الأطلسي .
وقد اتخذت مدينة سلا طابعاً حضارياً منذ العهد الملكي الموري، اي قبل الإحتلال الروماني، بحيث كشفت الحفريات عن بنايات عمومية، كالمعابد كما كانت للمدينة علاقات تجارية مع دول حوض البحر الأبيض المتوسط وتثبت ذلك الموجودات الأثرية كالخزف والنقود، وقد ادى ازدهار هذه العلاقات خلال نهاية العهد الى سك نقود تحمل اسمها .
ومع الإحتلال الروماني، عرف الحي العمومي بالمدينة تشييد مجموعة من البنايات العمومية كالمعبد الرئيسي ( الكابيتول )، والساحة العمومية ( الفوروم )، والحمامات، والبازليكا، وقاعة المجلس البلدي ..
وترجع اهميتها التاريخية خلال هذه الفترة الى كونها شكلت حداً فاصلاً بين ولاية موريتانيا الطنجية والأراضي غير الخاضعة للإدارة الرومانية، ذلك ان الأبحاث الأثرية كشفت عن معسكرين، الأول يوجد تحت مقبرة سيدي خليفة والثاني على الضفة اليمنى لنهر ابي رقراق، كما شهدت المدينة ايضاً بناء سور تتحدث عنه نقيشة ماركوس سليكيوس بيليكس، وذلك سنة 144بعد الميلاد .
قد اظهرت الحفريات التي اجريت خارج السور المريني في حي باب زعير وفي حي الفخارين القديم وجود مجموعة من المقابر ترجع الى فترة تمتد بين القرن الأول قبل الميلاد والقرن الرابع الميلاد .
ولم تلبث المدينة ان دخلت مرحلة غامضة من تاريخها منذ بداية القرن الخامس بعد الميلاد اي بعد جلاء الإدارة الرومانية، وقد ظهرت شالة من جديد مع نهاية القرن الثالث عشر .
في سنة 1284 م قام السلطان المريني ابو يعقوب يوسف، ببناء مسجد وبعض الأضرحة ليجعل منها مقبرة ملكية حيث دفن فيها هو وزوجته " ام العز " غير ان شالة لم تعرف أوج ازدهارها الاّ في عهد السلطان ابي الحسن الذي شيد بها المدرسة الزاوية وأحاطها بسور له ثلاثة أبواب، اكبرها الباب الجنوبي الغربي، ويتميز ضريح هذا السلطان عن باقي مدائن الخلوة بهندسته المحكمة، وبغنى أشكاله الزخرفية، سواء منها التي على الزليج، أو المصبوغة او المنقوشة .
ومع السلطان ابي عنان، الذي اختار مدينة فاس مدفناً جديداً للأسرة الحاكمة، بدأت شالة تفقد شيئاً فشيئاً من اهميتها ولكنها حافضت على طابعها القدسي والروحاني .