عشر قفزات طبية قلبت حياة البشر انها اولا وآخرا القفزات التكنولوجية التي قلبت العالم رأسا على عقب والتي مكنت الطبيب من مسارقة النظر الى اقصى دواخل الجسم ومدي تواجد او استفحال المرض او انتشاره.
انها التكنولوجيات القافزة التي تحدث الآن يوما بعد يوم بعد ان كانت تحدث في سنوات او عقود من الزمن والتي دخلت حياة كل انسان على وجه الارض. اما اهم الميادين الطبية التي شملها هذا التقدم الطبي فهي في الميادين التالية:
اللقاحات
الامراض المعدية في الماضي كانت عنيفة في تاريخ الانسان حتى ظهر واحد من اكثر الطرق فعالية في مقاومة الابتلاء الفايروسي وهو التطعيم . جاء بالفكرة الدكتور ادور جنر في عام 1796 عندما منع فتاة من الاصابة بمرض الجدري.
فكرة التطعيم حركت العالِم لويس باستور وفي عصر ليس ببعيد لقح الجنود في الجبهات في الحربين العالميتين الاولى والثانية بلقاحات ضد امراض عديدة كالتيتنس والخناق والتيفوئيد. وكان اشد اللقاحات اثرا في العالم هو لقاح شلل الاطفال (البوليو) الذي ابتكره الدكتور جيفري بيكر استاذ برنامج تاريخ الطب في كلية طب جامعة ديوك.
من ناحية عالمية كان لكل هذه الابتكارات في اللقاحات طفرات اخرى في المجالات الطبية اذ انقذت حياة البلايين من الناس في كل ارجاء العالم.
المخدر الجراحي والمعقمات
كانت الجراحة عبر التاريخ شيئا مرعبا وكان يسود الطب فكرة (آخر الدواء الكي) ذلك ما جاء في مدونات الطب حتى منتصف القرن التاسع عشر لم يكن التخدير مستحسنا. في عام 1846 اعلن الدكتور وليم مورتن عن مادة فعالة تخفف الالم والعذاب في الجراحة ومنذ ذلك الحين اصبح التخدير والجراحة صنوان لا يفترقان. بدأت الجراحة التخديرية انطلاقة كبرى والذي زادها انطلاقاً ونفعاً (التعقيم) وخلق (بيئة جراحية معقمة دون الم) ولولا التعقيم فان المريض يموت حتما من الاصابات البكتيرية.
ماء نظيف وبيئة صحية متقدمة
لو وضعنا الى جانب الطفرات الجراحية الماء النظيف والاجراءات الصحية العامة المتخذة الآن نجد ان حياة الملايين بل البلايين من الناس قد نجوا من مصايب وبلايا صحية لا حد لها. يقول الدكتور بيكر (كان 15% من الاطفال يموتون باللإسهال بسبب الماء غير النظيف وتلوث الحليب به). ان الاجراءات الصحية العامة قد قللت بشكل دراماتيكي حدوث امراض ينقلها الماء الملوث كالكوليرا والاصابات التي البكتيرية او الطفيلية.
المضادات الحيوية ومضادات الفايرس
المضادات الحيوية فتحت عهدا جديدا في الطب خاصة في الامراض المعدية. وفكرة المضادات الحيوية حدثت عرضاً، ففي عام 1928 ترك الكساندر فلمنك صحنا مختبريا يحتوي مكروب الستفايلوكوكس (العناقيد السبحية) مكشوفا وجد بعد حين ان المكروبات قد ماتت بفعل العفن. وبعد دراسة للعفن حياتيا اكتشف عائلة من العفن تتولى قتل المكروب تدعى (بنيسيليوم نوتيتوم) ومن هنا جاء البنسلين الدواء الاعجوبة. عندها استخدم البنسيلين في العديد العديد من الامراض. اما الآن فانهم جادون في محاولة اكتشاف (مضاد الفايرس) المكروب العنيد المسبب لاعاد كبيرة من الامراض خاصة الايدز.
اقراص منع الحبل
اقراص منع الحبل احدثت ضجة كبرى وحاولت مجموعات عدم الحد من الانجاب الا انها لقيت اقبالا ليس له ضريب. في الستينات اشارت عنه انه سالم عند اخذه الا ان حددته منظمة العقار والغذاء للمتزوجات وفي 1972 اطلقته للاثنين غير المتزوجين. وبسبب اخذ الكثير من النساء لمانعات الحبل فقد خلقت ثورة اجتماعية. قالت احدى الناطقات باسم النساء بان مانعات الحمل (حولت حياة المرأة اذ ادخلتها قوة في العمل وتشكيل عائلتها بالطريقة التي تنسجم مع النمط القائم) و (لاول مرة في التاريخ يأتي عقار لتشكيل نمط الحياة ةليس لمعالجة مرض بل لفرض حياة اجدى للمرأة).
تحسن جراحات القلب والعناية القلبية
القفزات في اللقاحات والتخدير والفحص باشعة اكس احدثت اكبر الطفرات الطبية في عالمنا. امراض القلب تعتبر في اعلى جدول الامراض القاتلة ورغم ذلك فقد كان التقدم متعددا ومهما في العلاجات واطالة الاعمار وتحسين حياة المبتلين بامراض القلب. وغدى لجراح القلب القدرة على تصليح القلب دون تعريض المريض لاخطار لم تكن ضرورية. ويقول خبير (ربما يمكن القول ان اللحظة الكبرى حدثت في اللعب بانابيب القلب وايصال بعضها البعض في عملية "التوصيل الجانبي في عملية القلب - الرئة heart-lung bypass " والتي تنجز في بضع الدقائق، ثم حل التقدم في "توصيل الشريان التاجي للقلب" وهي من اهم العمليات الكبرى في عصرنا.
التصوير الراديوي
قبل حلول تكنولوجيات التصوير الراديولوجي الكبير كان الامر مقتصرا على التصوير باشعة اكس في الفيزيائي الالماني روتنكن في عام 1800 واعتبروا الكشف في البداية تدخلا في الخصوصية وليس اداة لانقاذ الحياة الا ان الامر انقلب الى طفرات في تطوير اجهزة المسارقة لجسم الانسان. المرحلة الاولى كانت التعرف على الكسور واشياء بدائية الا ان هذه التقنية لم تقف عند حد. فبالوسع الآن مسارقة النظر في الجسم المغلق ومعرفة السبب ومدي المرض مما قلب الاساليب التي يلجأ لها الطب. كان ذلك في السبعينات حيث حل المسارق الذي يرسم الاعضاء والعظام والاوعية الدموية في شرائح واضحة لاعد لها تظهر على شاشة الكومبيوتر وحيث يؤدي الى تشخيص لا خطأ فيه. خاصة في الكشف عن السرطانات وامراض القلب وانابيبه الدموية والخلل العظلي والعظمي. المسارق يسمونه اختصارا بالكات (CAT) وعملية الفحص بالكات تخلو من اي نوع من الألم.
الانجازات في التوليد
حتى منتصف القرن العشرين كانت عمليات توليد الاجنة حتى في الاقطار المتقدمة محفوفة بالمخاطر على حياة المرأة ولو ذهب المرء الى المقابر لوجد الكثير من القبور التي تظم نساء في العشرينات من اعمارهن ذهبن الى الآخرة في لحظات الانجاب. اما في عصر تقنيات التخدير والشق القيصري والاستولاد بالمقبض المعدني ووسائل التعقيم والمراقبة الالكترونية والحواضن وخبرات الاطباء والممرضات كان لها الاثر في الام والوليد حتى لاؤلك الولداء الذين يلدون قبل الاوان.
نقل وزرع الاعضاء
تقنيات واستنباطات جراحية جديدة بسطت جراحات معقدة في نقل الاعضاء. اول عملية ناجحة في زراعة الكلية حدثت في 1954 من اخ لاخيه التوأم في، 1967 نجحت ععملية زرع كبد اما اول عملية زرع قلب قفد حدثت في 1968 وهزت العالم. اليوم يوجد 90 الف في انتظار زراعة نوع من اعضاء الجسم وتطورت تقنيات زراعة الاعضاء الى جراحة مصحوبة بالمناعة من رفض الاعضاء. وما هو الآتي؟
- التقدم في التقنيات الطبية والجراحية قد احدث طفرات في الممارست والنتائج الباهرة التي حدث لحياة الانسان الا ان الامر لايزال متخلفا في السيطرة على الامراض المزمنة. الطب الآن يرى الامل مفتوحا في الاعتماد والكشف عن اسرار المورثات وكانت اهم الانجازات في هذا الميدان نجح العلماء في رسم (الخارطة الوراثية genome) التي تحمل الاسرار الدقيقة المحشوة في الوحدات الحية في الانسان وهي خطوات فيها الامل الكثير في كشف اسرار الامراض المزمنة. المورثات اي الجينات يها امل كبير في المستقبل غير البعيد.
تجارب السيطرة العشواتية
Randomized Controlled Trials وهي تطور غير منظور والتي يمكن تفسيرها من خلال الابحاث الطبية بالمستوى الذهبي gold standard of medical research وهي ابحاث في التوصل الى اي من العلاج او اي من العقاقير فعال وايها غير فعال. والطريقة تمارس في تقسيم المرضي الذين يعانون نفس المرض الى فريقين. فريق منهم يعطى العقار الجديد وفريق آخر لا يعطى عقارا ثم مقارنة ما يحدث وما لا يحدث. التجارب هذه فتحت بابا عريضا لـ (عهد طب مثبت الاسس era of evidence-based medicine ) لتستمر مرشدا في طبيقات الممارسات الطبية الاكلينيكية. وبها غدى الطب قادرا على التعامل مع السرطانات وامراض عديدة اخرى, وفي المستقبل سيرجع لها الطب كخطوة جبارة في التقدم الطبي.