منذ فريد الأطرش ، والمرسى وحلق الواد، ظلّت شواطيء تونس تُلهِم الناسَ والأغاني. حتى إذا جئنا مطرودين من بيروت، وجدنا أنفُسَنا في حمّام الشطّ : شاطيء تونسيّ أيضاً .
أبو جهاد قُتِل في سِيدي بوسعيد : شاطيءٌ تونسيّ .
وسيف الدين رِزقي ، قُتِلَ على الرمل، في رويال مرحبا، بسوسةَ .
شاطيء تونسيّ .
لكن سيف الدين رِزقي قتلَ أناساً أبرياء على الشاطيْ .
قيلَ إن الفتى كان يضحك وهو يختار قتلاه .
( القَتول الضخّاك ) في وصف محمد بن عبد الله .
لم يقتل تونسيّاً، بالرغم من أن خدم الأوتيل التوانسة اصطفّوا حاجزاً بشريّاً، لدرء المجزرة .
*
أكان طالبُ العِلْمِ في القيروان، حيث قال عُقبة بن نافع في القرن الأول الهجري وهو يقِيم معسكرَه :
هنا قيروانُنا ، المِقِيل ...
أقولُ : أكان طالبُ العِلم، سيف الدين رِزقي، يطأ للمرة الأولى في حياته، شاطئاً تونسيّاً ؟
ألا شيْ يجمع بينه وبين سناء محيدلي وهي تطأ للمرة الأولى شاطئاً فلسطينيّاً ؟
شاطئاً محتلاًّ ...
*
بعد أن طردَنا شارون من بيروت، جئنا إلى تونس .
أقمتُ سنين في تونس، هي من أجمل سِنِيّ حياتي .
لقد كانت خمساً .
فيها عرفتُ البلادَ وأهلَها، شُعراء، وفنّانين، وسياسيّين بينهم محمد حرمل الرفيق الكريم .
*
مرةً كنتُ رفقةَ أستاذٍ كريمٍ للأدب ونقده في الجامعة التونسية .
كنا في سيّارته الأودي .
مررنا بمنتجَعٍ سياحيّ شبيه برويال مرحبا ( شاطيء المجزرة ) .
قال لي الصديق التونسيّ :
أتعلمٌ ؟
نحن، التوانسة، ممنوعون من دخول الفندق.
قلتُ للإدارة : أدفعُ ضِعف ما يدفعه الأوربي !
(مرتّبي جيّدٌ، وكنت عملتُ ىسنين في بلدان الخليج )
لكنهم رفضوا !
هؤلاء الأوربيون يحتلّون شواطئنا .
لم يعُدْ لدينا بحرٌ .
أبقَوا لنا الشواطيءَ الملوّثةَ بالمجاري ...
*
في عدد اليوم من " الغارديان " كتب أحدهم مخاطباً ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني :
كفى كلاماً ...
لنتركْ تونس للتونسيّين !
*
من المؤلم أن تتمّ الإشارة إلى الواقع المرير، بوقائعَ أشدّ مرارةً .
لندن 29.06.2015