سليلةُ القيثارة السومرية

2014-05-19
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/004ec0fc-8439-4b52-82ab-ad7efc74f349.jpeg
 أمُّنا التي في السماوات
أبقَي في عليائك
لاتهبطي إلينا 
وليطُلْ مكوثُك هناك
لم نعد نتشوّق اليك
فقد أنجبتني رؤومٌ سومرية المحتد
تضاهيك رقّةً ورِفْعةً 
تفوقكِ صلابةً وقوّةً
لها حبلٌ سرِيٌّ طويل ممتدٌّ
يترعُنا حناناً ، يملأ أفواهَنا
يتخمُنا خبزاً ودماً طاهراً نقيّاً
أمّي التي تجالسنا على حصيرٍ
نسَجتهُ بكفّيها الكريمتين
لو مال البيتُ فقراً وضنَكاً
وهدّ أركانَه العوزُ والضيق
قوّمتهُ بكفافِها ورفعتْهُ بظَهرِها الصلب
وان أجهشَ بالبكاء
وابتلّتْ خدودُه بالدموع
خطفتْ جهشتَه وألقتْها في صدرِها
اذا غاب نسلُها 
احضرتْه ُبحديثها وقصصِها
ان افتقدت حميمَها  ومهوى قلبها
حلّقت اليهِ بجناحيها 
وان ضاقتْ سُفرتُها
وشحّت مائدتُها
أعدتْ كؤوسا مترعةً بالرضا 
وملأت صحونَها بالقناعة
اذا تجهّم  ربيبُها ووليدُ بطنها
ألبست محيّاه جمالا 
قمّطتهُ بالابتسامات والهدهدات
اذا يبس ضرعُ صدرها وجفّ درُّهُ
هطلت عليه زخّاتٍ من حبّاتِ مطرِها
اذا غُلِّقت ابوابه وصدأت مصاريعُهُ
فتحته برتاجِ ترحابها 
اذا انحسرَ ماءُ بيتِها وجزرتْ أوانيه
فيّضتهُ بغدائرها السخيّة
وان نبتتْ أشواكُ العداوة بين ظلالهِ
ودغلتْ خضرته
قصّتها بشفرة هدوئها وسماحها
وان سرى السقامُ في اركانه
طبّبته ببلسم دعائها وشكرها
وان اظلمّتْ نوافذُهُ 
فتحتْه بستائرِ بهجتِها 
وألقتْ ضوءَها بين جنباتِهِ
وان تداعت أعمدتُه ُ
ركزتْها بمساندِ إصرارها
وان اغبرّتْ جدرانُه 
وعرّشت العناكبُ في زواياه
أزالته بطلاءِ قلبها الناصع البياض
هي ذي صائغةُ قلادة الحياة
قيثارتي السومرية
تعزفُ ألحاناً  انْ جاعت
تهزجُ ان شبعت
تمرحُ ان اغتنتْ
تضحكُ ان افتقرتْ
خفيفٌ ناعمٌ أبيضُ كالقطْنِ ثقالُها
رياشٌ من خوافي البلابلِ عبؤها
شهْدٌ من حدائقِ الورد إكسيرُها
رَيٌّ من شفاه العذراواتِ مذاقُها
نبعٌ من جِنائن " ميديا " عذوبتُها
واحةٌ طافحةٌ بالمعينِ صحراؤها
عطرٌ من قوارير عشتار أنفاسُها
" هـي ذي أمّي عـلى سيمـائِها
أيــن في النـاسِ خليقٌ مثلها ؟!
مَن يـدانيها ويحذو حــذوَها ؟!
هـكـذا قــد طهّـرتْ أحـشـاءَهـا 
نـشـرتْ ضحْـكتَها مـلء الفضا
أرضعـتـنا صبرَها مـن ثـدْيِها "

جواد كاظم غلوم
jawadghalom@yahoo.com



جواد غلوم

خريج كلية الآداب/جامعة بغداد / قسم اللغة العربية لعام 1974-1975. عمل في التدريس بعد التخرج لغاية العام/1990 وفي الصحافة وهو طالب في الجامعة ونشرت في معظم الصحف والمجلات وقتذاك. سافر إلى خارج العراق بسبب الاضطهاد وظروف الحصار وعمل خلالها أستاذا في الأدب العربي/ ليبيا. عاد للعراق سنة/2004 وينشر في العديد من الصحف الورقية والالكترونية. ولديه اربع مجموعات شعرية مطبوعة وكتابان بعنوان / مذكرات مثقف عراقي أوان الحصار، و قطاف من شجرتَي الادب والفن وهي مقالات في النقد الادبي .

jawadghalom@yahoo.com

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved