سيرة الخراب .. وضرورة الاعتراف

2011-02-28
في قيد المرحلة الفذّة التي تتمتع بها المسألة الفلسطينية تطرق الاسئلة ارجاء الصمت المُغلّف بالجهل:ما الجديد منذ قرن يُشرف على الاكتمال نكبة ً وتبعثراً ؟
ما هو الإبتكار الفلسطيني الأصيل في عملية المواجهة والإنبعاث ؟متى سنكتشف معنى الصمود الذي يُضفي حين نفهمه إلى التجدد والتغيير ؟
لا لجل الذات وحرقها ..بل سعياً وراء الإعتراف .. إعترافنا الذي يُطهرنا ويزيح عن كاهلنا عبث البقاء في متاهة الجهل والظلام ..حيث المسألة الفلسطينية تتجدد بأشكالها المتشابكة والمعقدة التي لا تحمل في طياتها سبيل التحرر والتقدم .. فلا شيء ولا جديد تحت الشمس..
منذ أزل الضياع ونحن نحاول الإنبعاث وحين ندرك الحاجة إلى التحرك واللحاق بعجلة التاريخ والتقدم فإننا ندركها بتقادم خانق نُشيّد عبره غاياتنا وأدواتنا وشعاراتنا على أسس مُتَفسخة لا تلبث أن تتحول إلى صرح شامخ الجهل ..

لا شيء .. لا جديد تحت الشمس..
منذ بدايات القرن العشرين ونحن كما نحن مجموعة من الوعي الركيك المحكوم لثَلّة من الذين يدّعون التنوير والقدرة على التغيير ..
حيث كنا في البداية بضع قبائل .. ومن ثم أصبحنا مجموعة من الاحزاب الكلاسيكية التي تتصارع على النيل من الجائزة التشريفية الكبرى .. القيادة ونسيان عرق الفلاحين وترابهم العابق دماً ودمعاً .. وتعبئة الشعب الريفي البسيط بشعارات الجهاد المقدس والإنقاذ المُريع للساحل والنهر وما بينهما من جبال وشهداء وانبياء وتلال وإلهات عتيقة ..
لاشيء .. لا جديد تحت الشمس ..
تبدأ اللحظة الطاهرة بالتمخص .. تلد نور البندقية ..بداية الإسترداد .. وبلورة ما تبقى لنا من هوية وتكلّلها كوفية وبضع رصاصات .. وبالرغم من طهر المرحلة وقداستها إلأّ أننا لم نكن كما يجب أن نكون مُوحدين .. بل أقحمنا أنفسنا في دهاليز النظريات وأرهقنا بنادقنا بما ليس يُرضيها .. وتجاذبنا أطراف أهدافنا إلى أن مزقناها أشلاء .. فهل كنا نعلم حيث حملنا الخيام مرة أخرى أن فلسطين لا تستحق ما إقترفناه بحقها من نظريات ومقولات وترّهات وشتات آخر ؟
لا شيء.. لا جديد تحت الشمس ..
كنا نتعلم ونحفظ تاريخ الثورات .. كنا مُفعمين بالجبال والبزّات الفدائية ونحفظ عن ظهر قلب مقولات الثوريين الخالدين البعيدين .. ولكن بعد تردي حالة الطقس الثورية سألنا أنفسنا هل تعلمنا كيفية إشعال الثورات وماهو الفرق "البسيط" بين أحراش يعبد وأدغال فيتنام ؟
كان الصمت وحده الإجابة المُعلّقة خماراً على وجه أُمنا البعيدة .. بعيدة جداً يا إخوتي
لا شيء .. لا جديد تحت الشمس ..
المسألة .. أقصد مسألتنا الفلسطينية المغرورة والمُعتدَّة بنفسها لم ترحمنا ولم نرحمها ..
لدرجة أن أية دراسة علمية لواقعنا الماضي والحاضر لن تفي بالمستقبل وبإساخلاصات علمية وعملية واضحة حول كيفية إيجاد معايير التغيير والتقدم .. حيث الحيرة تصرخ بألم حين نكتششف أن هناك ثمة جدار عازل عالٍ ومتعالٍ تشكّل بفضل معونتنا وقدرتنا الخلاّقة على عدم القدرة على تلبية الحاجات والضرورات التي يطالبنا الواقع بها عبر إنعكاساته الصريحة ..
لا شيء .. لا جديد تحت الشمس ..
كم نحن رائعون حين نترك لبنادقنا حق التنافخ وطناً وشرفاً على بعضنا البعض في الجنوب والشمال على مرأى من أمنا البعيدة ، كما قلت لكم سابقاً لذلك علينا أن نكون حذرين جداً في التعرف على معنى الشهادة والشهداء ومعرفة أسباب الدم الحقيقية ..
في نفس الوقت ثمة شهداء بالفطرة لا قدرة لديم بالاستمرار حين يخذلهم أخوتهم جهلاً فيموتون صمتاً وراء أبواب الجرح المُوصدة ..
لا شيء .. لا جديد تحت الشمس ..
يأتي الطهر هذه المرة من حجر .. من ذرة تراب تلد عنفواناً .. كان الشعب هو مؤسس الفعل في العصر الحجري الضمير .. إذ بعد الهجرة الاخيرة والتيه المجزوء الذي لم يكتمل ليصل الأربعين حتى يشتدّ قلبه ويكبر .. وددنا لو تعرفنا على الجماهير لإدراك عفويتها ونقائها .. فكان لها ذلك .. وإنتفضنا إلى عَلتْ الأناشيد بإيقاع الزغاريد في زفّات الشهداء .. وامهات يمنحن المزيد من أنبياء الحجارة خدوا أولادي جميعاً وأعيدوا لي أُمي ..أُمي البعيدة..ولكن مرة أخرى بعد اللجان والكتب السوداء والبيضاء ومعاهدات السلام والمناورات العالية الجودة على الساحة الدولية قمنا بدفن الحجارة والعظام ونفضنا الغبار عن أيدينا وطالبنا أنفسنا ببعض العقلانية والهدوء ..
لا شيء .. لا جديد تحت الشمس ..
مصافحة تاريخية سريعة وصورة تُجمّد العداء المتبادل ليصبح لدينا الآن جواز سفر يا آخر الخيبات ومشارف دولة غفرت لِرحاب فعلتها الدنيئة بعد إسترداد بقايا سدوم ..
إنها الواقعية .. دعونا نعمل دعونا نمر يا أخوتنا وامنحونا فرصة لنثبت لكم أننا كنا على صواب ..
كان الفرح وإن لم يكن شاسعاً إلاّ أنه كان جميلاً .. فرحنا بالرغم من كل شيء وفداحة الجرأة والعجلة ..إذ لدينا اليوم مؤسسات وبني وطن هم أجد بقيادتنا حتى وإن جاروا علينا .. وأصبحنا أبناء الثورة الأنيقة الناعمة ..
لا شيء .. لا جديد تحت الشمس ..
مرة أخرى تجتمع وتتراكم كل الأشكال المزدوجة بضيق أفقنا وبرامجنا لتعلو البندقية إمعاناً في القتل والقسوة علينا بالعراء والعار ..
هاهي ذي المتجلّية دوماً في سمائنا المُلبّدة بالغايات المُزيّفة أدواتنا التي لم تُسعفنا بوطن أبداً تتصارع وتتصارع على سفك المعنى المقدس للدم الفلسطيني الحرام وتلقي بأحلام بعضها البعض من حالق الوهم الله أكبر ..
لا شيء .. لا جديد تحت الشمس ..
هي ثقافة الآخر الوطني وليس الآخر العدو .. هي كل ما يغلب الآن على ثقافتنا .. كرهنا أنفسنا وأخوتنا ففي الجنوب ألف جنوب وفي الشمال ألف شمال وأما الآن فهل تستحق أُمّنا فلسطين كل هذا ؟

ثمة شيء .. ثمة شيء جديد تحت الشمس ..
الكلمات الفلسطينية التي تُزيل عازل العجز والجهل كي تدرك وطننا وذاتنا الجماعية بالمعرفة والنقد والتغيير ..
لنعلن الكلمات بالإعتراف ..إعترافنا الأصيل والصادق الذي نزيل من خلاله مباني الوهن والضعف والوهم ..
فلنعلن دمارنا وخلاصنا وفشلنا الذريع في عشق هذا الوطن بثورة شاملة طاهرة..
فلنعلن بداية التجدد والتقدم بكلمات فلسطينية هذه المرة لا أقل ولا أكثر ..حتى تصبح فلسطين قريبة ..قريبة أكثر من أي وقت مضى ...



الأسير الصحفي باسم خندقحي

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved