ذكرى اتفاق أوسلو

2021-09-13

مضى 28 عامًا على توقيع اتفاق أوسلو بين الإسرائيليين والفلسطينيين برعاية أمريكية . ولم يكن هذا الإتفاق مجرد اتفاق مرحلي، وإنما كان نهاية لمرحلة من الكفاح الوطني الفلسطيني، مرحلة شهدت تطورات عديدة على الساحة الفلسطينية والإسرائيلية. فالإتفاق لم يدم طويلاً، والمفاوضات السياسية بين الطرفين لم تفضِِ إلى حل للقضية الفلسطينية .  

وهذا الإتفاق جاء في تكون أوضاع جديدة، وتغير موازين القوى العالمية، في أعقاب سقوط وانهيار الإتحاد السوفييتي، وحدوث انقسام في الموقف العربي إزاء الإحتلال العراقي للكويت، وتأييد منظمة التحرير للموقف العربي، وما نتج عن ذلك من تداعيات وفرض حصار اقتصادي وسياسي على منظمة التحرير بسبب موقفها من الأزمة بين البلدين العراق والكويت . 

ويعتبر اتفاق أوسلو تتويجاً لجهود الإدارة الامريكية في المنطقة، حيث تتوجت هذه الجهود لاحتواء الحركة الوطنية الفلسطينية، وجذب القوى اليمينية الفلسطينية داخل منظمة التحرير، للتسليم بالرؤية الإسرائيلية الأمريكية في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي . 

وكانت الفصائل المعارضة لمشروع الحكم الذاتي والإدارة المدنية هي الرافضة لهذا الإتفاق، واعتبرت مشروع الإتفاق وملحقاته ليس إلّا انصياع للرؤية الأمريكية الصهيونية، والتي تتحدد بالحل عبر الحكم الإداري الذاتي الذي يتجاوز الحد الأدنى من الحقوق الوطنية الفلسطينية .  

وشكّل اندلاع لهيب انتفاضة القدس والأقصى العام 2000، نهاية مسار أوسلو التفاوضي، ووصول العملية السياسية السلمية لطريق مسدود، بعد سعي اليمين الإسرائيلي لتعطيل عملية السلام، والتنكر لمبادئ اتفاق أوسلو، مستغلة العمليات التفجيرية التي كانت تقوم بها قوى المقاومة الفلسطينية داخل إسرائيل . فبعد انسداد أفق التسوية وصعود اليمين الإسرائيلي لسدة الحكم بعد اغتيال اسحق رابين، حاول الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الضغط على إسرائيل من خلال انطلاق انتفاضة الأقصى ودعمها بالمال والسلاح، عقب زيارة شارون للمسجد الأقصى . 

والناظر إلى الوراء يرى أن خطورة الزاوية التي منحها اتفاق أوسلو حملت ابعاداً مستقبلية تتعدى ما يمكن أن يسجل على الجانب الفلسطيني ما قدمه من تنازلات، بل حمل أبعاداً تمس الأمن العربي، وتجرح الإنتساب الفلسطيني للأمة العربية والولاء واتجاه البوصلة، وعليه فإن الإتفاق هو خطيئة سياسية يدفع ثمنها شعبنا الفلسطيني منذ 28عاماً .  

ولعل أخطر نتائج اتفاق أوسلو ما تجلى وتجسد على أرض الواقع بمنح الشرعية لوجود الإحتلال دون اشتراط وشرعية مقابلة لدولة فلسطينية وما ترتب من امتداد مساحات المستوطنات وسلب الأرض والوطن، وتشكل سلطة حارسة على الأمن الإسرائيلي، لم تعد قادرة على تمثيل الشعب الفلسطيني وطموحاته، وتحقيق حلمه بالحرية والإستقلال، بل تقمع معارضيها وتزج بهم في السجون والمعتقلات، كما يفعل بالضبط الاحتلال . 

لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تخرج القضية الفلسطينية من مأزقها الراهن، ومن خطر نكبات جديدة لاحقة من دون استخلاص النتائج والعبر، ومن دون إلغاء السبب الرئيس للوضع الذي آل إليه حال شعبنا الفلسطيني من تمزق داخلي وأوضاع اقتصادية صعبة، وهو اتفاق أوسلو. ولذلك يتطلب نفض القيادة الفلسطينية من هذا الاتفاق وإلغائه، حيث كان يفترض أن يكون عند توقيعه اتفاق مبادئ مرحلياً لخمس سنوات، ولم يحقق أي شيئ سوى التوسع الاستيطاني وتكريس الإحتلال، فضلاً عن العودة لبناء منظمة التحرير الفلسطينية من جديد على أسس سليمة وثابتة، واستعادة اللحمة الوطنية  والعودة لمسار المقاومة والتحرير. 

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved