لا يختلف حال غالبية الصحافيات المصريات عن حال المرأة المصرية بشكل عام، فبعضهن يواجهن تحرشات جنسية من زملائهن (راجع السفير عدد 19-8-2016) وهو ما تواجهه ملايين النساء المصريات في الشوارع وأماكن العمل بحسب إحصائيات رسمية. التمييز على أساس النوع لا يتوقف ضد الصحافيات، والسبب دائماً «أنت امرأة فلا يحق لك أن تنجحي، أو تحصلي على نفس الأجر، أو تصلي إلى مناصب عليا».
«أنت فتاة ما الذي يجعلك تنزلين من بيتك يا قليلة الأدب؟» جملة قالها شرطي للصحافية المصرية دينا النجار أثناء تغطيتها لتظاهرة في محافظة الإسكندرية (شمال مصر)، لم تكن الجملة العنصرية الوحيدة التي تسمعها النجار أثناء تأدية عملها في الشارع، فالأمر يتكرر.
تروي النجار قصتها : «لن أنسى هذا الموقف، كنت مع زميلة لي نقف أمام مديرية الأمن لتغطية اشتباكات بين متظاهرين وأفراد أمن فسمعت مدير الأمن يتحدث مع زميل له عني وزميلتي قائلاً «بنات مش متربية» لو كنت أحد أفراد عائلتهم ما كنت سأسمح بنزولهما أبداً لتغطية اشتباكات». لا يختلف الأمر كثيراً داخل مقر العمل بحسب النجار، «ذات مرة عرضت على رئيس تحرير فكرة تحقيق لكشف فساد في المجمعات الاستهلاكية في الإسكندرية لكنني تلقيت رفضا وتوبيخا من رئيس التحرير بدون سبب واضح، لكن بعد أن تم تكليف زميل لي بالعمل على الفكرة نفسها، فهمت أن اعتراضه كان لأنني فتاة».
ما واجهته دينا تعرضت له صحافية أخرى في إحدى الصحف المستقلة (رفضت ذكر اسمها)، تحكي : «بعد أكثر من 3 سنوات من العمل في الصحيفة رفض رئيس التحرير أن يضع اسمي على قائمة المرشحين للتعيين، وفي اجتماع عام سألته عن السبب قال لي إن هناك العديد من الذكور في الصحيفة وهم الأولى بالتعيين لأن لديهم التزامات بينما أنا فتاة يمكن أن أنتظر التعيين. الغريب أن زملائي الرجال في الاجتماع لم يعترضوا على كلامه بل قال أحدهم لرئيس التحرير «أتفق معك»، وبالفعل تأخر تعييني سنة كاملة لمجرد أنني فتاة»!
لم تستطع الصحافية السابقة أن ترفض ما حدث لها بصوت عال لتخوفها من الطرد، لكن صحافية أخرى هي فتحية الدخاخني أعلنت رفضها للتمييز ضد الصحافيات في مقال نشرته مؤخراً في الصحيفة التي تعمل بها وحمل عنوان «عايزين راجل». وثقت الدخاخني في مقالها طلب رئيس التحرير منها ترشيح صحافي لتغطية الشؤون الديبلوماسية، بشرط أن يكون رجلاً لا امرأة، قائلاً لها حرفيا «عايزين راجل»، برر رئيس التحرير طلبه بأن التعامل مع الذكور أسهل، كما أن الصحافي الرجل لن يتضرر إذا طلب منه السهر أو السفر أو الخروج لتغطية تظاهرة. تعجبت الدخاخني مما حدث «أنا أعمل في «المصري اليوم» منذ نشأتها عام 2004، ولم أتضرر يوماً من السهر أو السفر أو الوفاء بمتطلبات العمل أياً كانت». بشجاعة اعتبرت الدخاخني أن طلب رئيس التحرير يوضح أن «دعم صحيفة المصري اليوم لحملة الأمم المتحدة لمناهضة كل أشكال العنف ضد المرأة، غير حقيقي، وأن الحديث عن المواد الدستورية التي تدعم المساواة بين الرجل والمرأة، مجرد حبر على ورق». طرحت الدخاخني سؤلاً «إن كان ذلك موجوداً بهذا الشكل على مستوى النخبة، والجماعة الصحافية التي تنادي دائما بالحريات وتنفيذ الدستور، فما بالنا بباقي فئات الشعب؟».
يسيطر الرجال على المهن القيادية في غالبية الصحف المصرية، فمن النادر أن تجد امرأة تعين رئيسة قسم، إلا اذا كان هذا القسم خاصّا بالموضة، كما أن رؤساء تحرير معظم الصحف المصرية رجال ما عدا مجلات الأطفال ومطبوعات المرأة. وفي أيار من العام الحالي تكاتفت منظمات مدنية معنية بقضايا المرأة هي «مؤسسة قضايا المرأة المصرية» و «نظرة للدراسات النسوية» و «مؤسسة المرأة الجديدة»، وبدأت شبه حملة تطالب بحق النساء في تولي مختلف المناصب، بينما أطلقت مؤسسة «وومانيتي» (مؤسسة دولية معنية بقضايا المرأة) مسلسلاً إذاعيا عرض على محطات مصرية يحمل اسم «بميت راجل» أدت دور البطولة فيه الممثلة المصرية منى زكي ويناقش التمييز ضد المرأة في مصر.
مؤخراً وضع المنتدى الاقتصادي العالمي مصر فى المرتبة الـ 132 من 140 دولة على مستوى العالم من حيث المساواة بين الرجل والمرأة. ورصد تقرير «فجوة النوع» الذي أصدره المنتدى تراجع دور المرأة بالمقارنة مع الرجل في مصر في معظم المؤشرات.