سلامٌ على هضَباتِ العراق
وشطَّيه والجُرفِ والمنحنى
على النخلِ ...
والقريةُ الإنجليزيةُ الآنَ صارتْ تُجرجرُ ، هُوناً ، سحائبَها
والمساءُ ادَّنى
فهي تدْفأُ ، كالقطِّ ، في نومِها
وتذودُ الكوابيسَ عن شجرٍ أغرقتْهُ البحيراتُ ...
يأتي المساءُ
بطيئاً
ومنتظماً ( سوف تُحصي ثوانيَه مرّةً )
هل ستُغمِضُ عينيكَ ؟
عند نهايةِ ذاك الـمَـمـرّ
ومن مرتبى النافذةْ
نهضتْ دوحةُ الجوزِ ...
يأتي المساء
بطيئاً
ويرحفُ حتى يُهدهِدَ جفنَيكَ :
هل تبصرُ السعفةَ المستحيلةْ ؟
سلامٌ على هضباتِ العراقِ
وشطّيهِ ، والجُرفِ ، والمنحنى ...
هل كنتُ أدري أنّ وجهي، بَعدكَ ، الطُّرُقاتُ ؟
أبواباً مُغَلَّقةً تركتُ ، ومنزلاً للريحِ . لم تكنِ البلادَ
ولم تكن أمواهُكَ الخضراءُ جابيَتي .
لقد خلّفتَني في قلعةِ الصحراءِ . ماذا أرتجي منكَ ، العشِيّةَ ؟
في الصباحِ خذلتَني ، ودخلتَ في الثُّكُناتِ . قلتَ : " الحربُ أجملُ " .
لن ترى قدَمَيَّ بعدَ اليومِ .
إني مُنشِدُ الطُّرُقاتِ والحاناتِ ،
إني الشاعرُ الأعمى.
لدَيّ من الخريفِ الجهْمِ موسيقى لألوانٍ .
ومن مرأى الغروبِ غَضارةُ الوردِ .
وأسألُ عنكَ
أسألُ عنكَ ...
لكنْ مثل ما يتساءلُ الملدوغُ عمّا حَلَّ في دمِهِ .
سلاماً
لا أريدُكَ أن ترُدَّ ...
اقرأْ على الوشلِ السلامَ .
( اقرأْ على الوشَلِ السلامَ وقُلْ لهُ
كلُّ المشاربِ مُذْ بَعُدْتَ ذميمُ
سقياً لظلِّكَ بالعشيِّ وبالضحى
ولبردِ مائكَ والمياهُ حميمُ ... )
*
وسلامٌ على هضباتِ العراقِ ...
الذبيحةُ في العيدِ ، بغدادُ في العيدِ ؛
تلك المقاهي : لها الشايُ مُرّاً ،
وتلكَ الفنادقُ : سُكّانُها الأبعدون .
الصلاةُ أُقيمَتْ
صحونُ الحساءِ بها مرَقٌ من عظامٍ
ومن لحمِ سُحْلِيّةٍ ...
والمساجدُ مغصوبةُ الأرضِ
أبوابُها للجنودِ ، مُشاةً ، وبَحّارةً ، وملائكةً طائرينَ ...
ســـلامٌ على ...
لندن 31.08.2003