وطني كم أنت طيب حين أكلوا لحمك تبسمت َ بشفاه الله !
ترنيمة لمنفى واحد قصائد للشاعرة العراقية المغتربة " سوزان سامي جميل "
الديوان الذي يضم بين دفتيه شاعرتين تقيمان خارج الوطن، ،مترعتان بالأحلام المعجلة والمؤجلة، وهما الشاعرة " سوزان سامي جميل " و الشاعرة " أفين إبراهيم " وبعد قراءة الديوان، قررت فصلهما والكتابة عن أحدهما .
وهي الشاعرة العراقية التي اهدت لي الديوان " سوزان سامي جميل "، والذي يحمل العنوان "ترنيمتان لمنفى واحد " وهو من القطع المتوسط ،ويقع الكتاب في ص 139 ، وصادر عن دار نشر العارف للمطبوعات مؤسسة المثقف العربي .
قال عنها بقصيدة عمودية الشاعر والناقد الذي كتب عنها مقدمة الكتاب الأستاذ "جميل داري " ويبدو من كتابة مقدمته إنه بحقٍ وحقيقة، صاحب قلم معرفي وثقافة واسعة ولغة قل نظيرها هذه الأيام، لما نتابعه من الكثير من الكتب والمجموعات الشعرية التي تطبع .
سوزان
في رؤاها كل حرف قد نطق
مثلما النورعلى شط الغسق
تكتب الشعر بقلبِ نابضِ
ليس حبراً أبداً ليس ورق
بل لهيب في المدى مستعر
ورياح قد أصيب بالأرق ص10
يقول هنري ميللر " على الحالم أن يرضى بأنه يحلم واثقاً من أن المخيلة تصنع الجوهر، هذه هي وظيفة الشاعر، وهي الأسمى لأنها تبلغّه المجهول، تبلغه حدود الخلق " الشعر هنا مسكون بهاجس التوق إلى الأبعاد وسبر غياهب المجهول يحمل مصباحه في وضح الحلم .
" يارجل الشمس، أحمل من ضيائك قبساً، ينحت بين أضلع الزمن قلباً من صخر" ص46، وبهذا رسمت بوحها الشعري عبر نوافذها المفتوحة التي شرعتها لخلق عالمها الخاص والمدروس بطريقة تجعلك تأخذ منها الكثير وكأنها تعاليم تريد أن تفرضها على الواقع .
" تيقن من انتمائي إليك، لأن أرواحنا تنادي باعتلاء الشهوات " ص 47
وهي التي تنقلت بمفرداتها الفلسفية والعميقة وصورها الرائعة التي تحفزك أمام غياب هذا الوطن . وهي التي تجيد عدة لغات وخاصة الانكليزية والعربية منطلقة من عالمها الخاص وعذاب روحها ونسيجها الفني الجميل .
يقول سقراط " المرأة أحلى هدية قدمها الله للإنسان "
" تحصدك المسافات صباراً بلون الموت " ص39
ولهذا جاءت وكأنها تمارس دورها الريادي الذي خطته لنفسها، وبما أن الشعر لعبة لغوية فانتازيا خاصة، يجب أن تدرك بالنص، فالقيم والممارسات لدى ىشاعرتنا " سوزان جميل "هوتأكيد قدرتها على صنع خاصية لها تجذب المعنيين في هذا المجال، ليس هذا فحسب هي تبرهن لنا ومن خلال قصائدها هي قادرة على الدخول في قارة الشعر من أوسع بابها . ومن خلال المجموعة والإهداء في بداية هذا الديوان اوهذه الترنيمة التي تقول فيها "إلى الغربة التي صعقت الفراشات ببريقها، وإلتهمت النوارس بقسوتها، إلى من قاسموني مواسمي، إلى ولديَ َ وابنتي " فجميع القصائد صارخة لروحها التي مسها الألم والشوق إلى هذا الوطن، وحتى لا نسير في طرق متعددة وربما تأخذنا إلى طرق أخرى، لأن القصيدة تكتب من روح الشاعر، فالشعر هو الجمع بين الروح والنص .
"تسحق ُ أغصاني الصدئة حد الموت، تنساني، توغل في غياهب الماضي، وتبحر في نزق "27، وظلت مقدمة الديوان التي كتبها في بدايته الشاعر والناقد الأستاذ " جميل داري " هي دراسة مفصلة تبحث في إشتغالات قصائدها مشاركاً فيها القارئ " ليس الشاعر هو من يكتب القصيدة وحده وينتهي الأمر، فالقارئ الحذق يضيف إليها من خياله أيضاً فإذا بها تغدو قصيدة مشتركة وربما من هنا يحن إلى قراءتها حيناً بعد حين " ص9 .
انها تصنع من صلصال اللغة كائنا شعرياً قدماه في الأرض ورأسه في السماء، وهي ممارسة الصمت لصالح هذه البشرية التي اكتوت بها من ظلم . وهي تدور الشاعرة " جميل " ضمن واقعيتها التي اتصفت بها مستخدمة عمق معانيها متنفسة الكثير من قضايا الناس، والصور الشعرية التي اكتست فيها الكثير من قصائد الديوان، بالإضافة إلى التشبيهات والاستعارات وغيرها .
" تحاكيني بألف ليلة وتنسى شهرزاد التي أجهضت الجريمة، تداعت أمامها ذكورة القبائل ككرات من ثلج، تتدحرج كالنيزك القصي في مخابئ المراوغة " ص16.
تقول عنها الكاتبة الدكتورة " أسماء سنجاري " : وأنا أقرأ هذه الترانيم المشبعة بالحزن واليأس من عالم غارق في الفوضى وناءٍ عادة عن الحب والجمال، وهي ترسم اللوعة وقلة الحيلة التي تتميز بها رحلة الإنسان " .
" جمعت ُ صواعقي وغيومي، في مزنة أزلية باكية، تزيل عن مناسك تهدجي، نوحي وتوسلي لابتسامة ماتت " ص34 .
وتتسم القصيدة لدى الشاعرة من الخصائص الجمالية وهي تتفاعل في البوتقة الشعرية ، بأسلوب وجداني إنساني دال، محاولة بذلك ومن معظم قصائدها كشف المستور ودخولها بعبق التجلي الكلي، ولهذا تتحول دراسة العلاقة بين الشاعر وشعره إلى علاقة جوهرية لغرض امكانية كشف الروح في أفق حياة الآخرين .
" حتى يجف النهر، فتخمد الجراح في معابد الضياع تنجو من قهر الحرير، وتولد من أديم الأرض " ص32 .
بقى أن نذكر أن الشاعرة " سوزان سامي جميل "لها عدة اصدارات منها مجموعة شعرية بعنوان " دوامات من العسل الماطر " في عام 2011 من دار المغرب في بغداد، ولها مجموعة قصصية بعنوان " عرس الشيطان " وأخرى شعرية بالانكليزية، ولها عدة مقالات في الصحف والمجلات، ولادة العراق، كردستان، مدينة زاخو، وتقطن الشاعرة كندا حالياً .