عودة مسلة أكسوم

2008-08-05

//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/b4dc056d-ed0c-4faa-a69b-f8e13bad10ed.jpeg


بمناسبة عودة مسلة أكسوم مؤخراً إلى موطنها الأصلي في شمال إثيوبيا، تكرس "رسالة اليونسكو" عددها لبعض المواقع الثقافية الإثيوبية. في هذه الرحلة التي تتفادى الخوض في الدروب المعبدة، يسعنا اكتشاف كنز آخر أقل هيبة وجلالاً من قصور قوندار، وأقل بهاءً وإشراقاً من كنائس لاليبيلا الصخرية، ولكن كنزاً يعادلهما روعة وتأثيراً، قصدنا بذلك تراث اثيوبيا غير المادي.

 

خلال حفل تدشين مسلة أكسوم في موقعها الأصلي، بتاريخ 4 أيلول/سبتمبر الماضي، قالت فرانسواز ريفيير: "التراث الثقافي بمقدوره أن يصبح أداة مصالحة حقيقة." وخير دليل على ذلك هذه المسلة التي تبلغ من العمر 17 قرناً والتي كان جيش موسوليني نقلها إلى روما عام 1937 قبل أن تعيدها الحكومة الإيطالية لإثيوبيا منذ فترة وجيزة. يبلغ ارتفاع المسلة 24 متراً ووزنها 152 طناً، وهي بالتالي ثاني أكبر المسلات التي يحتضنها موقع أكسوم المتاخم لإريتريا، والمدرج على قائمة التراث العالمي.

"إنه حدث عالمي من الدرجة الأولى"، بنظر فرانشيسكو باندارين، مدير مركز التراث العالمي لليونسكو. "إعادة تدشين المسلة رقم 2، الذي يندرج في إطار اتفاقية 1972 الخاصة بحماية التراث العالمي والثقافي والطبيعي، يسمح بفتح صفحة جديدة من صفحات التاريخ. صفحة لا تخص إثيوبيا بمفردها، بل العالم بأسره."

وكان وزير الثقافة والسياحة الاثيوبي محمد ديرير أعلن في مقابلة أجرتها معه "رسالة اليونسكو" في شهر أيار/مايو الماضي أن "هذه المسلة رمز للقارة الإفريقية كلها إن صح التعبير". فهو يرى أن موسوليني حين أمر بشحن المسلة إلى روما أراد بهذه الخطوة أن يثأر لقوات الاستعمار الإيطالية التي هزمت في أدوا (عام 1896)، شمال إثيوبيا. "لكن دعونا نخرج من الماضي. علينا التطلع نحو المستقبل. نحن لن ننسى، ولكننا سامحنا."

وفي حين ساد الوئام في إثيوبيا بين قطاعي الثقافة والسياحة منذ سنتيين، يشير محمد ديرير إلى أن اثيوبيا، "التي يسعها التغني بتاريخ عمره آلاف السنين"، عليها أن تستفيد من ثقافتها "من أجل تطوير سياحة مسؤولة". وهو حين يعتبر أن التراث الثقافي هو الذي يصنع صورة البلاد أمام أعين العالم، فهو لا يقصد بذلك الآثار فحسب، بل أيضاً التقاليد كطقوس القهوة الشهيرة مثلاً، والصناعات الحرفية التي يعيش منها عدد كبير من المواطنين لاسيما النساء والشباب. وهو ويؤكد على مفهوم "شيمغالينا" الذي يعني الحوار والحكمة في الوقت ذاته، وعلى حسن الضيافة الإثيوبية وروح التسامح السائدة.

 

//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/8148c9a4-50cd-4c05-8c62-5b39f05d7eb1.jpeg

من الصعب على المرء التفريق بين التراث المادي والتراث غير المادي، وبالأخص حين يتعلق الأمر ببلده الأصل. إنها إحدى الأسباب التي دفعت فرانسواز ريفيير إلى إطلاق "ورشة" جديدة في لاليبيلا تحديداً، وهو موقع إثيوبي مدرج على قائمة التراث العالمي، يشتهر بكنائسه المنحوتة في كتل حجرية واحدة.

تقول ريفيير: "نأمل القيام بمشاريع متكاملة في المواقع المدرجة على قائمة التراث العالمي. الهدف المنشود هو أن تساهم هذه المشاريع في التنمية الاقتصادية والبشرية بحيث تستهدف، حسب الاحتياجات، السياحة الثقافية، وحماية التراث غير المادي، وتعزيز التنوع الثقافي والحوار واللغات والصناعات الثقافية. وسوف نختار موقعاً في كل منطقة للخوض بتلك المشاريع. بالنسبة لإفريقيا، فإن الموقع الذي تم اختياره هو موقع لاليبيلا حيث تتواجد اليونسكو منذ فترة طويلة."

وقد سبق إرساء دعائم هذا المشروع الجديد. فاليونسكو بوسعها العمل في إطار عدد من الاتفاقيات لاسيما تلك الخاصة بالتراث العالمي (1972) والتراث الثقافي غير المادي (2003) وتنوع أشكال التعبير الثقافي (2005). "هذه الأدوات، إذا استخدمت بشكل متكامل، يمكنها تحويل الثقافة إلى وسيلة نمو جبارة"، توضح فرانسواز ريفيير.

 

 

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved