أيّامُ تورنتو السبعة

2015-11-15
 //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/bb798d17-bd6e-4edb-bbcb-5c743a055600.jpeg

يوم القِرد
كان ، وهو الشريدُ  ، يريدُ ، الوصولَ إلى غابةٍ
كان يحملُ نظرتَهُ وابتسامتَه والبراغيثَ ، 
مثلَ الجوازِ الذي سوف يحملُه ذاتَ يومٍ ...
لقد بَعُدَ العهدُ ؛
والغابةُ ، الآنَ ، صارتْ دروباً ، شوارعَ
أو مَلْعَباً  يتعاركُ فيه الصغارُ على كرةٍ .
أين يمضي إذاً  في العشيّةِ ؟
أيّانَ ترفعهُ دوحةٌ بذراعَينِ من ورقٍ ولِحاءٍ ...
وأنّى سيُغْمِضُ عينيه ، في هدأةِ المستحيلِ ؟
لقد قطعَ البحرَ
واستنفدَ البَرَّ  ،
يحملُ نظرتَه ، وابتسامتَه ، والبراغيثَ 
بحثاً عن الغابةِ ...
الآنَ ، سوفَ ترِقُّ له ، في الحديقةِ ، مصطبةٌ ؛
وهو يسألُها  ، ذاهلاً ، أن تنامْ .
22.04.2015   تورنتو

يومُ الله
لا سبيلَ  إلى حيثُ يسْكنُ إلاّ سبيلُ الكنيسةِ !
كم حاولَ الاستدارةَ
واللفَّ
والدورانَ ، فراراً من المسْلَكِ الأحدِ !
الطوْقُ أُحْكِمَ ...
يا سيّدي :
لا سبيلَ إلى حيثُ تسْكنُ إلاّ سبيلُ الكنيسةِ ...
فاهدأْ
وكُنْ عاقلاً ، وحكيماً ، وأحبِبْ ، على الكُرْهِ ، تلكَ البنايةَ
أبوابَها ، وحجارةَ قرميدِها ، والصليبَ الذي في الأعالي .
لا تَقُلْ إنّ جدرانَها تحْجِبُ النورَ عنكَ ،
ولا تسأل البلديّةَ عن مَسكنٍ لا تُطِلُّ عليه الكنيسةُ ...
أنتَ إنْ قُلتَ هذا حُرِمْتَ حِساءَكَ
والخبزَ ؛
إنْ قُلْتَ هذا طُرِدْتَ من الجنّةِ ...
الناسُ راضونَ
فاهدأْ
وكُنْ مثلَ ما هم عليه :
الجنون !
22.04.2015  تورنتو

يومُ التِبِت

يدفنُ التبِتيّونَ موتاهمو في رؤوسِ الجبالِ
ويَتَّرِكونَ لتلكَ الطيورِ الجوارِحِ في الهمَلايا  ، الطعامَ العجيبَ ...
ولكنّهم  ههنا في السهوبِ التي ليس فيها طيورٌ كتلك التي في ذُرى الهمَلايا ؛
هنا ، الشُّرُفاتُ ستكتظُّ :
تلك بيارقُ بوذا ،
وتلك التي في أناملِهِم ، سُبَحٌ ، نحو مترَينِ طُولاً 
وتلك ثيابُ النساءِ ، التي تتماثَلُ عرضاً ولوناً وطولا ...
تُرى ، أين يمضي ، هنا ، التبِتيّونَ ، بالميّتينَ ؟
العماراتُ ليس بها ، ههنا ، سُلّمٌ  للسطوحِ ...
وليس بها مثلُ تلك الطيورِ الجوارحِ في الهملايا ،
تُرى :
أين يَمضي  ، هنا ، التبِتيّونَ ؟
قهوةُ تِمْ هورْتِنز ، البدءُ
قهوةُ تِمْ هورتِنز ، المنتهى  ...
Tim Hortons
*
إننا لن نضيع ...
والدلاي لاما  ربُّ الجميع !

تورنتو   22.04.2015


يومُ الغرافيتي
إنْ تكُنْ بَرشلونةْ
أقربَ المدُنِ الأجنبيّةِ للقلبِ  ؛
فالفنُّ  ما كانَ أقربَ 
في هذه القلعةِ الكنَديّةِ ... تورنتو
إنّكَ بين العمائرِ ، فأرٌ تناهبَهُ الفقرُ 
والذُّعرُ  ...
أنتَ الذي جئتَ من كوكبٍ آخرَ ، الخبزُ لكْ
والزنازينُ قد قدّرَتْ منزلَكْ ،
والتمَشِّي على الماءِ لكْ ...
والقميصُ الذي كان يلبسُهُ اللصُّ لكْ .
أطبَقَ الفخُّ :
فاهدأْ قليلاً
ودَعْ  شارعَ الناسِ للناسِ ...
دَعْ برشلونةَ نائمةً في البعيدِ ، وناعمةً  ، هشّةً  ، مثلَ أطفالِ مِيرو
وكُنْ في الزُّقاقِ الفقيرِ ،
لترسُمَ ما يجعلُ الوهمَ أجملَ
ما يجعلُ الوحلَ يبدو معارِجَ نحو السماء !
تورنتو   22.04.2015

يومُ البحيرة
تبدو بُحيرةُ أونتارْيو كأنّ بها بحراً ، وأنّ وراءَ البحرِ
سلسلةً من الجبالِ ، وأنّ الطيرَ يهبطُ في تلك الجبالِ
إذا ما الليلُ جَنَّ ، ليأتي في الصباحِ إلى الساحاتِ
يصرخُ موجوعاً من الجوعِ ، كم حاولتُ أن أجدَ
الخبزَ الذي كان يرميه الحُفاةُ له ... كانت نوارسُ
تورِنتو تَخاطَفُ كي تناهبَ الخبزَ ، حُرّاً في الهواءِ.
لِمَنْ ، إذاً ، أكْنِزُ الماسَ ؟ انتهَيتُ إلى أني سأُطعِمُ
أسرابَ النوارسِ ماساً ...
يابُحيرةَ أونتاريو
سلاماً
أليسَ  البحرُ ... ما يَعِدُ  ؟
تورنتو  24.04.2015
يومُ الشمس
شمسُ نيسانَ باردةٌ رطْبةٌ ...
أهْيَ عشبُ البُحيرةِ  علَّقَهُ عابثٌ بالسماءِ ؟
الغيومُ الشفيفةُ سارتْ إلى مُستقَرٍّ لها ...
كي تُدَبِّرَ للناسِ في البلدةِ الكنَديّةِ شمساً ؛
ولكنّها شمسُ نيسانَ :
باردةٌ
رطْبةٌ ...
والبُحيرةُ هادئةٌ ، شِبْهُ قاتمةٍ
ماؤها من رصاصٍ مُذابٍ ،
نوارسُها ، منذُ قَرنٍ ، تلوذُ بما هيّأتْهُ الكنائسُ .
هل تَغْرُبُ الشمسُ ؟
هل تُشرِقُ الشمسُ ؟
بَلْ ...
هل تساوى هنا ، لَيلُنا والنهارْ ؟
................
................
...............
شمسُ نيسانَ ، باردةٌ ، رَطْبةٌ ...

تورنتو   25.04.2015

يومُ الصين
أنتَ في الـــــ ـChinatown
لستَ في كنَدا  ...
فاتَّئِدْ ، واعتمِدْ ما تراه أمامَكَ :
أنتَ ترى اللافتاتِ  ...
 أتقرأُ ؟
 إنْ لم تكُنْ تقرأُ الصينَ ، فاذهَبْ إلى حيثُ تقرأُ !
أنتَ في الــ Chinatown
أطرشُ في زَفّةٍ !
غيرَ أنك تدخلُ ...
أعني سيأخذُكَ اللونُ حتى النهايةِ ،
حتى ترى أنّ ما كنتَ تحسَبُهُ كنَدا  ، لم يكُنْ ، أبداً ، كنَدا ...
أنتَ في الصينِ
فلنحتفِلْ !

تورنتو   25.04.2015


سعدي يوسف

 شاعر عراقي وكاتب ومُترجم، وُلد في ابي الخصيب، بالبصرة عام 1934. اكمل دراسته الثانوية في البصرة. ليسانس شرف في آداب العربية. عمل في التدريس والصحافة الثقافية . غادر العراق في السبعينيات وحاليا يقيم في لندن ونال جوائز في الشعر: جائزة سلطان بن علي العويس، والتي سحبت منه لاحقا، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية. في العام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ. في العام 2008 حصل على جائزة المتروبولس في مونتريال في كندا . وعلى جائزة الأركانة المغربية لاحقاً

عمل كعضو هيئة تحرير "الثقافة الجديدة".

عضو الهيئة الاستشارية لمجلة نادي القلم الدولي PEN International Magazine

عضو هيئة تحرير مساهم في مجلة بانيبال للأدب العربي الحديث .

مقيم في المملكة المتحدة منذ 1999.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved