(1)
يومُ القِرد
كان، وهو الشريدُ، يريدُ الوصولَ إلى غابةٍ .
كان يحملُ نظرتَهُ، وابتسامتَه، والبراغيثَ ،
مثلَ الجوازِ الذي سوف يحملُهُ ذاتَ يومٍ ...
لقد بَعُدَ العهدُ؛
والغابةُ، الآنَ، صارت دروباً،
شوارعَ
أو ملْعَباً يتعاركُ فيه الصغارُ على كُرةٍ .
أين يمضي، إذاً، في العشيّةِ ؟
أيّانَ ترفعُه دوحةٌ بذراعَينِ من ورَقٍ ولِـحاءٍ ...
وأنّى سيُغمِضُ عينيه في هدأةِ المستحيلِ ؟
لقد قطعَ البحرَ
واستنفدَ البَرَّ،
يحملُ نظرتَه، وابتسامتَه، والبراغيثَ
بحثاً عن الغابةِ ...
الآنَ، سوف ترِقُّ له، في الحديقةِ، مصطبةٌ؛
وهو يسألُها، ذاهلاً، أن تنامْ .
(2)
يومُ الله
لا سبيلَ إلى حيثُ تَسكنُ، إلاّ سبيلُ الكنيسةِ ...
فاهدأْ
وكُنْ عاقلاً، وحكيماً، وأحْبِبْ، على الكُرْهِ، تلكَ البنايةَ
أبوابَها، وحجارةَ قِرميدِها، والصليبَ الذي في الأعالي .
لاتَقُلْ إن جدرانَها تحجبُ النورَ عنكَ،
ولا تسأل البلديّةَ عن مسْكنٍ لا تُطِلُّ عليه الكنيسةُ ...
إنك إنْ قلتَ هذا حُرِمْتَ حساءَكَ
والخبزَ؛
إنك إنْ قلتَ هذا طُرِدْتَ من الجنّةِ ...
الناسُ راضون
فاهدأْ
وكُنْ مثلَ ما هُمْ عليه :
الجنون !
(3)
يومُ التبِت
يدفنُ التبتيّونَ موتاهمو في رؤوسِ الجبالِ
ويتَّرِكونَ لتلك الطيورِ الجوارحِ، في الهملايا، الطعامَ العجيبَ ...
ولكنهم، ههنا، في السهوبِ التي ليس فيها طيورٌ كتلك التي في ذُرى الهملايا؛
هنا، الشرُفاتُ ستكتظُّ .
تلك بيارقُ بوذا،
وتلك التي في أناملِهم، سُبَحٌ، نحو مترَينِ طولا
وتلك ثيابُ النساءِ التي تتماثلُ عُرْضاً ولوناً وطُولا ...
تُرى، أين يمضي، هنا، التبتيّونَ، بالميّتين ؟
العماراتُ، ليس بها، ههنا، سُلّمٌ للسطوحِ ...
وليس بها مثلُ تلكَ الطيورِ الجوارحِ في الهملايا،
تُرى :
أين يمضي هنا، التبتيّون ؟
قهوةُ تِمْ هورتِنْز، البدءُ
قهوةُ تِمْ هورتِنز، المنتهى ...
Tim Hortons
*
إننا لن نضيعْ
والدالاي لاما رَبُّ الجميع !
(4)
يوم الغرافيتي
إنْ تكُنْ برشلونةْ
أقربَ المدنِ الأجنبيّةِ للقلبِ؛
فالفنُّ ما كانَ أقربَ
في هذه القلعةِ الكنديّةِ...تورنتو
إنك بين العمائرِ، فأرٌ تَناهبَهُ الفقرُ
والذُّعرُ ...
أنت الذي جئتَ من كوكبِ آخرَ، الخبزُ لكْ
والزنازينُ قد قدّرتْ منزلَكْ،
والتمشِّي على الماءِ لكْ ...
والقميصُ الذي كان يلبسُهُ اللصُّ لكْ .
أطبَقَ الفخُّ :
فاهداْ قليلاً
ودَعْ شارعَ الناسِ للناسِ ...
دعْ بَرشلونةَ نائمةً في البعيدِ، وناعمةً، هشّةً، مثلَ أطفالِ مِيرو
وكُنْ في الزُّقاقِ الفقيرِ
لترسُمَ ما يجعلُ الوهمَ أجملَ
ما يجعلُ الوحْلَ يبدو مَعارِجَ نحو السماء !
(5)
يوم البُحيرة
تبدو بُحيرةُ أونتاريو كأنّ بها بحراً، وأنّ وراءَ البحرِ سلسلةً من الجبالِ
وأنّ الطيرَ يهبطُ من تلك الجبالِ
إذا ما الليلُ جَنَّ، ليأتي في الصباحِ إلى الساحاتِ
يصرخُ موجوعاً، من الجوعِ،
كم حاولتُ أن أجدَ الخبزَ الذي كان يرميه الحُفاةُ لهُ ...
كانت نوارسُ تورنتو تَخاطَفُ كي تناهبَ الخبزَ، حُرّاً في الهواءِ.
لِمَنْ، إذاً، أكنِزُ الماسَ ؟ انتهيتُ إلى أني سأُطعِمُ
أسرابَ النوارسِ ماساً ...
يا بُحيرةَ أونتاريو سلاماً
أليس البحرُ ما يَعِدُ ؟
(6)
يوم الشمس
شمس نيسانَ باردةٌ رطْبةٌ ...
أهيَ عشبُ البحيرةِ علّقَهُ عابثٌ بالسماءِ ؟
الغيومُ الشفيفةُ سارتْ إلى مستقَرٍّ لها ...
كي تُدَبِّرَ للناسِ في البلدةِ الكنديّةِ شمساً؛
ولكنها شمسُ نيسانَ
باردةٌ
رطبةٌ ...
والبحيرةُ هادئةٌ ، شِبْهُ قاتمةٍ
ماؤها من رصاصٍ مُذابٍ،
نوارسُها، منذ قرنٍ، تلوذُ بما هيّأتْهُ الكنائسُ .
هل تَغْرُبُ الشمسُ ؟
هل تشرقُ الشمسُ ؟
بَلْ
هل تساوى هنا، ليلُنا والنهارْ ؟
...........
...........
...........
شمسُ نيسانَ، باردةٌ، رطْبةٌ ...
(7)
يوم الصين
أنت في الـChinatown
فاتّئِدْ، واعتمِدْ ما تراه أمامَكَ :
أنت ترى اللافتاتِ ...
أتقرأُ ؟
إنْ لم تكنْ تقرأُ الصينَ، فاذهبْ إلى حيثُ تقرأُ !
أنت في الــــChinatown
أطرشُ في زفّةٍ !
غيرَ أنك تدخلُ ...
أعني سيأخذُكَ اللونُ حتى النهايةِ،
حتى ترى أنّ ما كنتَ تحسَبُهُ كنَدا، لم يكنْ، أبداً، كنَدا ...
أنتَ في الصينِ
فلْنحتفِلْ !
تورنتو 25.04.2015.