آل باتشينو في فيلم " أنتم لاتعرفون جاك " ..

2011-06-20

آل باتشينو
في فيلم " أنتم لاتعرفون جاك " ..
إشكالية القتل الرحيم بين الديني والسياسي !
بات من المؤكد ان السينما العالمية الآن لاتبحث فقط عن التسلية وقضاء الوقت وترفيه جمهورها بالقدر المستطاع ، بل راحت تبحث عن موضوعات جادة وساخنة تضع المشاهذ وسط دوامتها لينتهي الى حيرة مؤداها إما الوقوف بجانبها أو رفضها ، هذا ما حصل مع فيلم " أنتم لاتعرفون جاك " الصادم لكل التابوهات والمتناول سيرة الطبيب الأمريكي جاك كيفوركيان رائد ما يسمى ب " القتل الرحيم " الذي أودع السجن لمدة 10 الى 25 عاما بعد ان بعث شريط فيديو يصور عملية القتل الرحيم للبرنامج التلفزيوني الأمريكي 60 دقيقة الذي أثار من خلاله جدلا واسعا وسط شريحة من المحافظين المشدودين الى مرجعيات دينية وأخلاقية ترفض وبشدة هذا القتل حتى ولو جاء بتأييد وموافقة الجهة التي يجري القتل عليها .
ولد جاك كيفوركياان في 26 مايو/ ايار 1928 بولاية ميشيغان الأمريكية وامتهن الطب بعد تخرجه وهو في الوقت نفسه رسام وملحن وعازف سيطر قبل سنوات على عناوين الأخبار حينما وقف في قفص الإتهام بجريمة القتل العمد ، لكنه دافع عن جريمته تلك بمساعدته الناس المرضى اللذين باتوا يشرفون على الموت بموت آخر سماه القتل الرحيم بإضفائه الشرعية عليه ،هذا القتل كان يتم بواسطة جهاز يساعد الناس الذين يرومون التخلص من حياتهم من خلال منحهم مادة مخدرة تليها جرعة قاتلة من كلوريد البوتاسيوم .
بعد قضائه حكما مدته 8 سنوات أطلق سراحه مع وعد منه بعدم ممارسته لفعلته تلك ، ومع ان وسائل الإعلام تناست هذه القضية بعد اسدال الستار عليها لكنها سرعان ما عادت ثانية تطرق الأبواب بشدة على يد المخرج الأمريكي باري ليفنسون مستعينا بثلاثة من اكبر كتاب السيناريو لوضع معالجة مثيرة لهذه القصة واختار لتجسيد دور الطبيب كيفوركيان النجم المخضرم آل باتشينو وهو أول تعامل معه ، متقمصا حالة سلوكية وذهنية ومتمتعا بالوقت نفسه بلياقة حركية تؤكد شمولية موهبته وقدرته على تنويع أدواره وقد وقفت الى جانبه الممثلة الكبيرة سوزان سارا ندون في دور جانيت صديقته المدعمة لمشروعه تستعين هي الأخرى بخدماته لوقف معاناتها مع السرطان ، وجون غودمان في دور نيكول رفيقه في تنفيذ عمليات القتل الرحيم .
ليفنسون نقل في أحد مشاهد الفيلم لقاءا لكيفوركيان مع أندرسون كوبر مراسل
msnbc لخدمات الأخبار جسده باتشينو مجيبا عن سؤال مفاده :
- إذا كنت مصابا بمرض عضال فهل هذا يعطيك الحق في القيام بقتل نفسك ؟
أجاب :
- إذا كان الألم لاينتهي وليس له علاج فمن الطبيعي أن ألجأ الى فعل هذا ، إنه حقي الطبيعي الوارد في الدستور / التعديل التاسع الذي يبيح لي التصرف بكل ما أريده مع جسدي ، أي شيئ طالما أن هذا القتل لايؤثر على اي شخص أو أي ممتلكات أخرى ، وأعطي الموافقة على ذلك ، أنا أساعد المرضى لكن بموافقتهم وأعتقد أنه ضروري .
نص الفيلم يهزم احتمالات السقوط في الحشو ، التشتت الدرامي ، أو الملل رغم طول الشريط الواقع في ساعتين ونصف ، تبدوان جد مركزتين لجمع شظايا سيرة رجل مثير للجدل ساعد 130 مريضا في مراحلهم الوبائية الأخيرة على وضع حد لحياتهم وفق فلسفة آمن بها كيفوركيان واستطاع ان يقنع بها أولئك المرضى تخلو من إطلاق رصاصة الرحمة لكنها موت آخر .
الفيلم لدى عرضه أذكى جدلا واسعا حول إشكالية القتل الرحيم في الولايات المتحدة والعالم باستثناء هولندا وبلجيكا اللتان تطبقانه منذ سنوات ، وكونه توثيقا فنيا لسيرة الطبيب جعله يبدو منحازا تماما لوجهة نظره ،
C N N من جانبها قالت عن الفيلم انه يصور كيفوركيان مناضلا يواجه الملاحقات القضائية والمظاهرات الشعبوية ويضطر في غياب فضاءات استقبال ملائمة الى اجراء عملية حقن " زبائن الموت " بالمادة القاتلة على متن مقطورته القديمة في شارع منزو أو غابة مجاورة .
وبينما يحتفي العمل بنضالية وصمود الطبيب جاك ، فإنه لم يخل من غمز في حق الإنتهازية السياسية في التعامل مع قضايا الرأي العام ، والأسئلة والحوارات التي دارت على خلفية الدكتور كيفوركيان والوثائق التي طرحت بصفة خاصة وضعت الجمهور أمام خيارات عديدة للقبول أو الرفض اصطدمت هي ايضا بلاءات الرسميين ، ومع ان هذا الفيلم هو بانوراما أخرى تعرض الرجل من خلال تصرفاته العامة وحواراته مع حفنة من الناس إلا ان آل باتشينو أراد ان يقطف ثمرة مشاركته بتجسيده دوره على الشاشة ، فقد اجتمع به ايضا وأنصت لشروحاته المتضمنة فلسفته الداعية الى القتل الرحيم مع مراقبة يداه وعيناه ، وجهه الذي يعاني اصلا من الكهولة اضافة الى ما تعرض له من إنتقادات تركت آثارها عليه ، ومن يقول ان الفيلم قد انحاز له بشكل غير عادل فهذا لا على الإطلاق - كما يقول مخرجه ليفنسون - هو يعرض كل ما تقدم ويترك الأمر لجمهور المشاهدين بالوقوف معه أو رفضه كليا ، وآل باتشينو كان قوة دافعة للفيلم فقد انغمس في دور كيفوركيان تماما واصبحت له طريقة يتحدث بها كما يتحدث دكتور الموت والطريقة التي يمشي بها ، وقال انه يظهره كرجل ينمو ويتغير مع مرور الوقت وتتجلى طبيعة ذلك في النصف الأول من الفيلم الذي يعبر عن رأ ي رجل من خلال دراسة حياته بدون تردد وبكل اخلاص وهو بالتالي معالجة جريئة أ قدمت عليها هوليوود لإماطة اللثام عن قضية شغلت الرأي العام الأمريكي والعالمي ولا تزال .
تاكركين /
Entertanment Weekly
أحمد فاضل

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved