الصيف في المدينة: الانتقال إلى مومباي / أفني دوشي

2021-08-30

أفني

ألقيت نظرة حولي . هل تعلم أنني أعيش وحيدة ؟ . كنا في شهر حزيران، والسماء في الخارج رمادية متوحشة . وموسم الخماسين يقترب . نظرت جدتي للغيوم، وقالت من الأفضل لنا أن ننطلق إن كنا نريد أن نقهر المطر . وبدأنا من سوق سانتا كروز، وهناك صفع الهواء وجهي ونحن ندخل في حانوت ضيق . انتقت عدداً من أنواع المؤونة . نوعين مختلفين من بقلة الماش والعدس الأحمر، وأشارت إليَّ بقول راجما (الباقلاء)، ولكن أخبرتها أنني لا أحبه .

“لماذا ؟” .

"لا أستطيع أن أهضمه” .

ضحكت وهزت رأسها، وطلبت على أية حال مقدار كيلو غرام منه . التالي هو الأرز . تجاوزت البصماتي المعتاد واختارت صنف الأمبيموهار لرائحته العطرية النفاذة . ثم توقفت عند أنواع الدخن . وقطبت تعابير وجهها  وقالت لا يوجد شيء جيد . وأخبرتني أنها سترسل لي طحينا طازجا في الأسبوع القادم . وأخبرتني أنه عندما سافرت أمي إلى الولايات المتحدة بعد زواجها، لم تكن تعرف كيف تطبخ . “جهزنا دفتراً فيه طرق الطهي، وثبتنا على الصفحات أكياساً صغيرة معبأة ببذور الكمون والشيلم، لتعرف الفرق بينها” . وانتقلنا إلى الحانوت التالي . وعبرنا بنفق من الأواني المعدنية . وتأملت انعكاس خيالنا عليها . لم نكن متشابهتين . ومع ذلك برفقتها كنت أشعر كأنني في بيتي . انتقت الجدة عدداً من الأحجام والأشكال، ومن ضمنها إنائين يعملان بضغط البخار . أحدهما كبير والآخر أصغر .

قالت :”يمكنك استعمال الكبير إذا لديك حفلة” . ابتسمت . الحفلات التي أخطط لها لا تشمل الطهي، وهذا بالضرورة سيخيب أملها . بعد ذلك انتقلت نحو لوازم وجبة الغداء . كانت الأطباق مضادة للكسر كما هو واضح . اقتربت من المنصة، والتقطت زبدية عميقة ورمتها على الأرض . والتفت البائع لينظر . واستقرت الزبدية على الأرض دون أن يمسها أذى . انحنت لتحملها مع ابتسامة وقالت :”رائع، أليس كذلك ؟” . 

كنا بالسيارة عائدتين إلى البيت، ونقترب من المبنى الذي أسكن فيه، ونمر من خلال طريق مقوّس . وقد أصابوا حين أطلقوا عليه اسم طريق زيك زاك . وهناك جمدت حركة المرور . كان المطر يغسل الشوارع،  ومستوى الماء يرتفع و داهمني الشعور بالخوف . كم سيطول بنا التوقف هنا ؟ . مدت جدتي يدها لأحد الأكياس وسألتني :”هل أنت جائعة ؟” . قبل أن تتسنى لي فرصة الإجابة، أخرجت كرتين من الورق المعدني الذهبي البراق . وفي داخلهما وجدت قطعة شوكولا داكنة محشوة بشراب الروم . ألقيت واحدة في فمي . ودب الدفء سريعا في بلعومي وبطني فطلبت أخرى . فمدت لي يدها بعلبة كاملة .

فتحت المذياع، وأنشدت عدة كلمات من أغنية هندية قديمة كانت تعزف في الإذاعة. واغتنمت الفرصة لتخبرني أن صوتها كان جميلا، ولكن السترويد الذي تناولته لتعالج الربو تكفل بإتلافه . تناولنا المزيد من الشوكولا وسألتني إن كنت مغرمة بالشاب الذي أواعده . وحلت الدهشة عليَّ . قلت لها : ربما لا . قالت : لا يجب أن أتزوج منه إن كان بمقدوري ذلك، من الأفضل أن نستمتع بحياتنا مع الاحتفاظ بحريتنا . ثم ضحكت وأراحت رأسها على ظهر مقعدها . وركزت نظراتها على السيارات الواقفة أمامنا .

 

 الترجمة عن الغارديان / 14 آب 2021

 

أفني دوشي  Avni Doshi كاتبة أمريكية من مواليد 1982 . مولودة لعائلة هندية في نيوجرسي . تقيم وتعمل في دبي . وصلت للقائمة القصيرة في جائزة المان بوكر البريطانية بعملها الأول: "سكر محروق" عام 2020.

 

 

 

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved