أنا ابنةُ الشّاعر: تقولُ دارينُ لصديقاتِها . .....ثمّ رأتْ دارينُ المدينةَ تضيءُ كألوان ثوبِها في اﻷعياد، حاولتْ أن
تمسكَ باﻷصفر....فأعجبَها اﻷبيضُ.. ثم البرتقاليُّ.كيفَ لها أن تجمعَ هذه اﻷلوانَ في كفّها ؟ . تريدُ أن تملكَ المدينةَ، ففتحتْ كفّيها لتندفعَ اﻷنهارُ واﻷشجارُ إليها .
اﻷنهارُ أكثرُ زرقةً فوقَ يديها، واﻷشجارُ أكثرُ خضرةَ .
كنتُ أبحثُ عنها ونحن نمشي محاذاةَ ضفّة النهر، اﻷوراقُ تراها وحدَها لتظلَّلها دوني .
أظلُّ أبحثُ عنها بينَ خضرةِ اﻷشجار علّي أراها نجمةً تشعُّ خَلَلَ اﻷغصان .
أتذكّرُُها طفلةً... كانتْ تفرشُ سجّادةََ جَدّتِِها البنيّة التي تتسعُ لخمسةٍ من أمثالِها .
أبحثُ عنها في تلك البلاد، فأراها في هذي البلاد تقولُ لي : ما هذه الدمعةُ الخضراءُ في عينيك يا أبي ؟ . وكنتُ أخجلُ أن أقولَ لها إنّها دمعةُ بلادي المتعبة مذ فارقتُها، إنّها بلادي مذ فارقَها أهلُها .
أبحثُ عنها في متاهةِ الشّرق فأجدُها تائهةً في متاهات الغرب حيث يصطدمُ صديقٌ بصديقِه كغريبين، وكانَ بينهما خبزٌ وملحٌ و جلساتُ السّمر .
أسألُ البيتَ عنها، فتجيبُني تلويحتُها اﻷخيرةُ للباب اﻷخضر حين غادرتْه .
دارينُ التي تركتْ غرفةَ جَدِّها، ورأتْ كيفَ غادرَ جَدُّها الغرفةَ والبيتَ واﻷهلَ واﻷصدقاء .
ورأتْ كيفَ انمحى البيتُ كأنّه رسمُ طفلٍ خطّه على الرمل.. فمحاه أهونُ ريح .