أخيرا مع جوته، وغدا مع نوبل ..
يوم الثلاثاء المصادف 30 اغسطس / آب من هذا العام منحت المانيا الشاعر العربي الكبير أدونيس جائزة شاعرها العظيم جوته وقد اعتبرت لجنة تحكيمها في حيثيات منحها له الجائزة ان أدونيس نجح في نقل منجزات الحداثة الأوربية الى الثقافة العربية ، وانها منحته الجائزة لموهبته الشعرية الفائقة وتوجهه الكوزموبوليتي ومساهماته في الأدب العالمي وقد تسلم الجائزة في الثامن والعشرين منه، والذي صادف يوم ميلاد جوته ، وتمنح الجائزة التي تبلغ قيمتها المادية 50 الف يورو كل ثلاثة أعوام ويقام حفل التكريم في فرانكفورت مسقط رأس يوهان فولفغانغ غوته .
بترا روت رئيسة بلدية فرانكفورت مسقط رأس جوته قالت في حفل التسليم : ( أعماله الأدبية متأصلة ومشبعة بقيم الحرية وفصل السلطات وحقوق المرأة والحوار بين الشرق والغرب، ومعه نكرم ايضا دعاة تحقيق الديمقراطية في العالم العربي ) .
صحيفة الغارديان اللندنية بعد نقلها للخبر اشارت الى ان صحيفة نيويورك تايمز كانت قد اجرت لقاءا مع ادونيس في 17 اكتوبر / تشرين الأول 2010 كتبه تشارلز ماكغراث الذي قال عنه ان أدونيس أبهر الشباب الأمريكي بطروحاته وتوقعوا له الفوز بجوائز عديدة ولأهميته فقد مررنا عليه هنا بعد ان تحققت احداها وقد تتحقق الأخرى في العام القادم .
17 أكتوبر / تشرين الأول من كل عام تشهد جامعة ميشيغان الأمريكية وعلى مدرجاتها لقاءات غاية في الأهمية قد لاتتكرر مع نخبة من مثقفي العالم الذين تركوا بصماتهم على مجمل العملية الثقافية سواء أكانت في أوطانهم أو في بقاع أخرى من العالم، هذا العام كان لقاء الجامعة مع الشاعر السوري أحمد سعيد علي إسبرالذي حمل اسما مستعارا زاد في شهرته هو أدونيس وظهر مرارا كمرشح لنيل جائزة نوبل للأدب التي تنتهي في كل مرة الى مرشح آخر لايقل أهمية عنه كماريو فارغاس يوسا .
أدونيس كان يمكن له ان يكون من الفائزين العرب ثانية بعد نجيب محفوظ لكنه لايفكر في ذلك ولايريد التحدث بهذا الأمر مطلقا والذي يشغله وهو يجلس قبالة العشرات ممن جائوا يستمعون له ان معظم الأمريكيين لم يسمعوا شعره مع ان المسألة مختلفة تماما في العالم العربي، انه هناك شخصية مشهورة فقد استطاع ان يحدث ثورة في الشعر العربي المعاصر مع محاولة تحرير اللغة العربية من الأشكال التقليدية، لكن بعض قصائده طويلة جدا وصعبة جدا بسبب نصوصها الواسعة وهي بحد ذاتها تشبه الى حد بعيد اناشيد باوند أو ويتمان .
أدونيس البالغ من العمر الآن 80 عاما عاش في باريس بعد ان انتقل اليها من سوريا ولبنان عام 1960 لأسباب سياسية جاء الى ميشيغان بعد صدور قصائد مختارة له ترجمها الى الإنكليزية خالد مطاوع العربي المقيم في أمريكا والمعيد بنفس الجامعة الذي عرض فكرة ان يلقي أدونيس بعضها بصوته مع امكانية إعطاء بعض المحاضرات الصغيرة معها باللغة الإنكليزية التي يتقنها اضافة للفرنسية، لكنه ترك للسيد مطاوع تفسير بعض قصائده لأنه يفضل استخدام اللغة العربية مع ان السياقات لمواكبة طريقة تقديمها تتوقف على لغتهم فقط وهو ما شعر به من إيماءات وابتسامات الجميع ترحيبا بذلك، ويتضح من احدى محاضراته ان مفهوم الشعر لديه ليس مجرد نوع أو شكل فني بل هو طريقة للتفكير يكاد يكون في بعض نواحيه وحيا صوفيا، ونحن على الغداء لاحظنا أدونيس يهز رأسه حينما دار الحديث عن الحالة الشعرية في الغرب وحماسه للشعر العربي الذي اعتمد كثيرا على التقاليد والأساطير، مع انه خرج على مألوفه القديم اما شعره الذي اطلق عليه بعض النقاد شعر المنفى فقد قال عنه :
- لاتوجد مشكلة هنا على الإطلاق فكل فنان منفي داخل لغته الخاصة .
مررنا بعدها على موضوع المرأة العربية وهل اخذت كفايتها من الحرية خاصة الثقافية منها بعد ان علمنا ان ادونيس مهتم جدا بالمحنة التي تمر بها قال :
- الآن بتنا نشعر بشلل ثقافتنا العربية فنحن نعاني من احساس ان المرأة تفتقر الى الحرية ومحرومة منها ومن المستحيل لثقافة ان تتقدم بالرجال وحدهم من دون إشراك المراة .
قلنا له بعدها :
- هل يمكن للشعر ان يغيّر المجتمع ؟
قال :
-الشعر لايمكنه ان يغيّر المجتمع دون تغيير في المؤسسات .
أدونيس له بنتان احداهما فنانة تشكيلية والأخرى مديرة منظمة ثقافية فرنسية ، قال عنهما :
- وددت ان لا يكونا شاعرات لكن في النهاية الخيار لهن وليفعلن ما يشأن حتى لو وقفن ضدي لأنهن بالنتيجة أحرار .
أحمد فاضل