هانوفر بستانُ الله

2021-09-21

"أعيشُ في الجحيم وأكتبُه، وأنتم تقرؤونه"

قلتُ لأخي عبدالرحمن أريدُ أن أقضي ساعةً في عامودا بهانوفر بعيداً عن السماء الأولى ومقيماً تحت سمائِها في نفس الآن . كيف تستقيم هذه الحالة ؟، فعامودا تبعدُ عنّي ثلاثةَ آلاف كيلو متر، لكنّها معي بكلّ تفاصيلها، بدءاً بالنهر الذي كنتُ أقطعُه قفزاً لأكونَ كالغزال في الضفّة الأخرى، لكن هذا النهرَ الذي أراه في هانوفر لا يشبه نهري، فعلى جوانبه تتمدّدُ الفتياتُ عارياتٍ... نعم عارياتٍ.. ضاحكاتٍ.. مستغرباتٍ  من أمثالي المتلصّصين الذين لم يَرَوا الدنيا بعريها . قلتُ لأجعل هذا المدى المخضّر المتدفّق بالألوان إحدى ضواحي عامودا حيث كنتُ أدرسُ في كتاب مدرّسيّ وتخفقُ شمسُ تموزَ فوقَ رأسي، وحينَ أعودُ للبيت أراني أكثرَ سُمرةً تشبهُ سمرةَ الغجر ."أتذكّر .. حين دخلتُ بلغاريا هارباً من تركيا فَرِحَ أهلُها بي .. مبتسمين.. مرحّبين بي... ولو أني لا أعرفُهم ولا أعرفُ لغتَهم . سألَ أحدُ أصدقائي : أ تدري لِمَ يبتسمون معك ؟.... أجبتُه  لا، صفعَني جوابُه : أنت تشبهُ هؤلاء الغجرالذين يظنّون أنك منهم" .

أشار أخي إلى ساحةٍ فيها مقاعد تشعُّ نظافةً، في الساحة على امتداد البصر أشجارٌ عملاقةٌ.. خضراءُ طَوَالَ العام، تتسلّقُ ظلالُها جوانبَها طَوَالَ اليوم، قلتُ ليكن مجلسُنا على العشب كما كنتُ في عامودا حيث تختبيءُ الأفاعي بينَ الأعشاب، أتذكّرُ .. قبلَ أربعين عاماً مرّت أفعى على يدي بينما كنتُ جالساً على العشب أقرأُ في كتابٍ مدرسيّ يتحدّثُ عن الحركة التصحيحية .

وكأنّ تلك الليالي التي أنفقتُ من عمري.. مع الأحبّة كانت كلُّها عُرساً .

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved