هِبْ أنني عبَّدت حصتي من الضباب إن برغوة الذاكرة
أو بتداعيات هذا المنفى الذي شاء أن يترنَّح في أعماقي
وكأنه ناقوس
هِبْ أنني واظبتُ على حراسة إيقاعك
الذي يروّض الدم السائب في جسد الماء وعروق الحائط
الذي يوقظ نهد الأنثى لحظة تغفو أنامل الفتى
هب أنني سمَّيتُ لك قناديل الشوارع
قنديلا قنديلاً،
ورهنت أمسي وغدي في كفك
صخب أعمال شاقة في مفكرة محايدة
لكن، كيف سأنجو من هذه " الآن"
الحادة كعقرب الساعة
أو أُنقذ أحلامك بسهوٍ مقصود
مُوقداً ناراً أخرى
في حدقتيك اللائقتين بالحب دائماً
من أجل أن
من أجل أن
من أجل أن تفسر لي بود لا متناهٍ
سر هذه الفصول التي تخمَّر الجليد في القلب
لكن . . .
يا لها من مفارقة تثير الشجن
أن ترى أغنيتك ملحمة حماسية يردِّدها خصمك ضدك
أفلم يكن بمقدورك أن تنتسب للعاصفة التي لم تكن جنيناً
لتمنحنا هذا السؤال المدهش
من أي نطفة تكونت ؟
أن تحتفي بزوال المسافة بين الماء والسراب
أن تحجب الذاكرة بكفك
كي يعبر غريب آخر
دائماً تطوع سفني رهبة بحارك
إلا أن السواحل ذوات المباهج الزائفة والأمان المرتعش
سرعان ما تبدد فينا حكمة امتطاء الرغبة
فإلى أين سيهرب أحدنا
مختزلاً الخصوم كلهم فيه
حاشداً غمامات الحنين في الصدر
باسطا ذراعيه للمطر
غير مبالٍ بعدم حشـّد صواعقه ضدنا
ومرتجفا في الآن ذاته إزاء أبسط موت
كنار في عين غزالة شاردة
هب أنني خبأت عشبة الذهن تحت حجارة صلدة
ورممَّت المدى بشهقة طرية
أتراني قادراً على اقتياد قطيع ألحاني إلى الماضي
أن أو قف سيل الدم المتدفق من صدغي البهجة
أن أفضَّ شجار الليل والنهار
أن أعاتب كل نهارٍ تركني وحيداً مع الليل
وكل ليلٍ لم يسكب خمرته فيَّ
حقا أنه لمن المدهش أن نتسكع في جحيمٍ متخيل
أن نلاحق الكواكب والمجرات كالمراهقين
ونغفل القلق الذي يغير لونه، كل حين، في أعماقنا
وكأنه سماء
الأرض تسّاقط
فيما ينصبون عليها حيطانا ثابتة
فلأقل لنفسي
أنها متعبة مثلي وكئيبة مثلك
لكن أوّاه أيها الصديق
أهكذا دون أن تستأذنني
تقتحم دار المجانين التي في رأسي؟