كشف الحساب

2022-01-04

كثيراً ما يحدث حينما نخلد للنوم ليستريح الجسد من إعياء النهار، أن نفتح نحن بأنفسنا ستار الحفل الليلي على مسرحية <<كشف الحساب>> الموجهة للكبار فقط، حيث تتراقص أمامنا بعض المواقف النهارية في ظروف خاصة مسائية غير مناسبة بالمرة، وحتى تكتمل فصول الملهاة والمأساة يتواصل إزعاج النهار، ويمتد ليشكل سلسلة مترابطة حلقاتها مع إزعاج الليل، وسيكون الضمير الحي هو <<نجم الشباك>> -كما يقال في عالم الفن- والبطل المطلق لهذا النوع من المسرحيات، إذ تتوارد قافزة إلى الذهن العديد من الأسئلة والاستفسارات، بل والتمنيات أيضاً، أبسطها الاستفهامي وأوسطها التأنيبي وأشدها على النفس التنديدي الاستنكاري، إنها عملية تفريغ صندوق الذاكرة بدءاً بما الذي فعلته..؟ مروراً بكيف حدث هذا ؟ ووصولاً إلى كنت أتمنى لو أن .. قد تستعرض أمامنا فرق من الكومبارس مجموعة من الأخبار وسيلاً من المراجعات لأفعال مختلفة قمنا بها، أو لمشاعر معينة اخترناها أو لأمنيات نرجو ليلاً ونهاراً تحقيقها .

 وقد يحدث أثناء مرور شريط الأحداث اليومية أن نستوقفه حيناً، أو نمرره سريعاً حيناً آخر، والمحرك هنا هو نداء داخلي معبر عنه برغبة تولدت في تلك اللحظة لتسليط المزيد من الضوء على موضوع ما لاستيضاح ما خفي من جوانبه وتفكيك أجزائه المعقدة . حينها يستيقظ العقل على كذبة حينما أوهمته أن لجسدي علي حق الراحة فيعمل عمل المنشور في تحليل الامور من زوايا مختلفة وفي اتجاهات متباينة، نعجب كيف توارت عنا إبّان حدوثها، ولكن سرعان ما سنجد شماعة التبريرات، وهي طغيان المؤثرات الخارجية البشرية الطبيعية على قدرتنا على فهم حقيقة الأحداث على الوجه الصحيح فشتتت تفكيرنا وعكرت صفو حياتنا .

سيبتهج كثيراً كل من يستعيد لحظات لعب فيها دوراً كبيراً في إدخال الفرح إلى النفوس، وآثار البهجة في الصدور، لذلك تراه يفضل أن يتعايش مع الموقف طويلاً، وسيتحرك  شريط المسرحية ببطء على الشاشة الطيفية المؤقتة، معلناً جواز مشاهدته للكبار والصغار ليستمتع الجميع بالأحداث ويتذوقون حلاوة الإنسانية الغارقة فيهم .

قد يحدث أن نحدث أنفسنا متسائلين عبر سيل من الأسئلة المادية والمعنوية، هل أتعب العمل أجسادنا أم أرهقها الحزن ؟ وهل الراحة تعني الكسل والخمول ؟ هل لا يزال بقية عزم لاستعادة النشاط أم تهنا في زحمة الحياة ؟ نفس مرِحة وبسمة مشرقة وقلم رائع يكتب أجمل الخواطر، هل سيذهب كل هذا مع الريح  ؟ أم هي في خافية الصدور ترتاح حيناً من الحزن والأنين لتخرج سريعاً إلى الدنيا والنور، العاقل من فكر وتبصر وإن غفل عن زمنه ندم وتحسر، إذن فالإصغاء إلى الذات هو فن من الفنون يفتح المجال لآفاق أرحب ، ورؤى جديدة .

ولتحديات مستقبلية مقرونة بالإصرار عليَ تحدّيها وعليَ تجاوزها، أن مراجعة الذات سبيلاً لإيجاد حلول العوائق والعقبات التي تصادف رحلتنا في الحياة، أو تعثرنا فيها بأحد المسالك، يومها يدرك كل إنسان أن ما تحقق له كان لمجرد أنه استمع إلى ذاته، إلى ضميره، وأنه كان وفياً لحضور الحفل المسرحي الليلي <<كشف الحساب>> 

    

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved