1
عندما يفيض العقل ضياءً
مصاب بداء النرجسية والفردية المطلقة، يقبع على الأرض في زاوية معتمة في الغرفة المغلقة، يحدق في نقطة مضيئة، تتدفق من براثن الظلام حروفاً، يراوده القلق ممزوجا بالغضب، وهو يرى بريق الكلمة يزداد نوره اتساعاً، حتى بات يتخيله قنبلة مؤقتة، قد تنفجر في تلك اللحظة، عندما تتحول الكلمة من كتاب إلى مكتبة .
- 2
همسات في زمن الضياع
ْ في ليل عاتٍ هبت رياح صفراء، اتلفت معالم المدينة... في غفلة من الزمن الرديء انهارت ركائز الأخلاق وغاب صوت الضمير… أشجار عارية و صخور صماء تناشد السماء طالبة من السراب الخلاص... عاصفة رعناء مع الأمواج الهائجة تهامست في زمن تهاوت أسوار القلاع... ومن ذات التربة انطلقت الوحوش الكاسرة مُكَشِّرَة عن أنيابها الحادة، حاملة بذرات موروثة من زمن مضى على تاريخه دُهور... أصوات خافتة تتصادم مع مخلوقات قد أصابها الإكتئاب و ازدواجية العقل، تبحث عن معنى الحياة في سراديب الموت... تلك الأصوات تاهت في غمرة الفوضى، وكثافة الضباب... وجدت نفسها هائمة، تتأرجح في بحر النسيان .
- 3
استنفاد
في صباح يوم مشمس، كانت الرياح ساكنة والأجواء يعتريها الصمت، وكنت أرنو إلى سحر الطبيعة وعذوبتها من خلال الواجهة الزجاجية للمقهى الواقع في وسط حديقة كبيرة . وبينما كنت أحتسي رشفة من القهوة، فجأة أمطرت السماء بغزارة أطنانا من الموز حتى امتلأت الحديقة، وإذا بعاصفة من الناس يهرعون من كل منافذ الحديقة سعيا منهم للحصول على أكبر كمية منه . ارتأيت أن اتلذّذ بشرب القهوة حتى النهاية، وأتريث حتى تهدأ العاصفة، عندها خرجت متفائل كي أغتنم نصيبي من الموز، وجدت فناء الحديقة الواسعة خاوِ .
- 4
النور المخادع
يعيش في نفق مظلم، وحيدا، منعزلا، غافلا للنهارات المشرقة، متكلا، ينتظر حلولا من السماء... وفجأة تراءى له من بعيد ضياء خافت يتدفق . بعد ان قضى سنوات جحاف من العزلة في هذا الصمت الموحش، كصمت القبور، سار باتجاه النور. ما كاد أن وصل إلى نهاية النفق، حتى وقع في حفرة سحيقة أشد عتمة .