الخوف من وزارة المرأة

2008-10-01
قرأت//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/05f6d9a0-33c3-404c-aeae-a363c514286e.jpeg تصريحا للأخت رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة عن اعتزام اللجنة السعي لإنشاء وزارة خاصة بالمرأة في اليمن، وعندي ثقة كاملة أن الغرض الذي تفكر به اللجنة الوطنية هو خدمة المرأة، لكن الخوف كل الخوف أن تتحقق الأمنية فتضيع المرأة، كما حدث في إدارات المرأة التي استحدثت في كثير من الوزارات تحت مطالبات دعم المرأة، حيث عملت الدولة على مساعدة المرأة بتخصيص إدارات لها في الوزارات، وللأسف صار ينطبق عليها المثل الشعبي (جا يكحلها عماها).
حيث أسهمت هذه الإدارات-واقعيا- في تهميش المرأة أكثر مما هي مهمشة، ودعمت الثقافة التقليدية بطريقة غير مباشرة، فإدارات المرأة كانت عبارة عن ديكور ليس له أي فاعلية في الوزارة، والمرأة حينما تقصد أي وزارة وتتجه بموضوعها إلى أي إدارة عامة ينظر إليها المعنيون من الرجال بصورة فيها نوع من الاتهام باقتحام أماكن خاصة بهم، ويقولون لها بلهجة قاطعة: اذهبي لإدارة المرأة، فعندكن إدارة خاصة تهتم بأموركن.
وتذهب وهي متفائلة بأنها ستجد الدعم والحل السريع في هذه الإدارة، ولكنها لا تجد حلا لمشكلتها لأن الإجابة الجاهزة على لسان المختصة فيها: (مشكلتك ليست من اختصاص هذه الإدارة، وليس بيدنا القرار في هذا الموضوع)، وهكذا بدلا من أن نساعد المرأة جاءت النتائج عكسية، وكنت أظن أن ذلك مقصور على إدارات المرأة في اليمن، ولكن من خلال مقابلاتي مع بعض النساء الناشطات في مجال حقوق المرأة في الوطن العربي وجدت أن المشكلات متشابهة في إدارات النساء المستقلة عن الإدارات العامة في الوزارات وإن اختلفت صور معاناة المرأة بين الدول العربية إلا أن هذه الإدارات عملت على إقصاء المرأة بصورة قانونية.
لذلك يجب أن نستفيد من التجارب السابقة في الخصخصة، ونبتعد عن تبني أفكار قد تستغل في إبعاد المرأة عن الاندماج في مجالات التنمية المختلفة، ونعمل على استمرار المطالبة بإدماج المرأة في تنمية المجتمع إدماجا حقيقيا وليس شكليا، في كل الوزارات والإدارات وفي المرافق التي يتواجد فيها الرجل مادامت المرأة قادرة على المشاركة، وراغبة فيها.
المجتمع رجل وامرأة، وكل الاحتياجات الإنسانية مشتركة بين الرجل والمرأة، فاحتياجات المرأة هي احتياجات الرجل بصورة عامة، وتخصيص المرأة بإدارات أو وزارات للنساء وحدهن هو نوع جديد من الفصل المغلف بدعم المرأة، فلماذا ندعو إلى فصل المرأة؟!
الصحة والتعليم والتنمية بكل أبعادها للرجال والنساء، لنتساءل هل هناك مشكلة تعاني منها المرأة بعيدا عن الرجل؟ وهل هناك أسرة ليس فيها رجل وامرأة؟
المشكلة ليست في المسميات، وليست في القوانين؛ المشكلة في العمليات التي تحدث داخل بعض المؤسسات الحكومية والخاصة التي تتم فيها معاملة المرأة حسب النوع الاجتماعي، حينما نجد أن المرأة في هذه المؤسسات تحمل مؤهلات ولديها خبرة طويلة وأثبتت كفاءتها في كل المهام الموكلة إليها، ومع ذلك نجد من يحرص على استبعادها من الترقيات ومن المشاركات المختلفة ومن مراكز اتخاذ القرار تحت مبررات الثقافة التقليدية فقط لأنها امرأة.
حينما ينظر الرجل إلى رأي المرأة بنوع من التوجس عملا بقول المثل الشعبي ( قول المرأة الصائب يجلب سبع مصايب)، حينما يؤمن القائمون على مثل هذه المؤسسات أن المرأة يجب أن تبقى في دور معين لا تتعداه، حينها سنظل ندور في حلقة مفرغة، ولن تشارك المرأة ولن تتقدم المرأة إلا بتضحيات مؤلمة تتكبدها المرأة، ولن يسلم من آثارها الرجل مهما ظن أنه بعيد عن المرأة، للأسف أن واقع المرأة ما يزال مثقلا بالأمية والجهل والتمييز، حتى وإن كانت القوانين في مجملها غير مميزة بين الذكور والإناث، إلا أن الثقافة التقليدية مازالت تتحكم في مستقبل المرأة والتنمية بكل أبعادها.
معاناة المرأة تكمن في بعض العقليات المختلة للرجال والنساء معا، فهذه العقليات إما أن تنظر إلى المرأة على أنها كائن ضعيف غير قادر على اتخاذ القرار المناسب، فتسهم في إنتاج مزيد من النساء مسلوبات الإرادة والتفكير الخاضعات خضوع الأنعام، أو أنها تربط بين مشاركة المرأة وتمردها على كينونتها، فتنتج مزيدا من النساء المنفصلات عن ذواتهن، المتمردات على هوياتهن، المشجعات للتصادم مع الرجل، وكلا النوعين ليس هو من تحتاجه التنمية.
لذلك يجب أن نحذر حينما نقترح الحلول لمشكلات المرأة بعيدا عن الرجل، وأن نفهم معنى النوع الاجتماعي حتى نقف على أسس المشاركة الحقيقية للنساء والرجال معا، نحن لا نريد وزارات ولا إدارات خاصة بالمرأة تزيد من تهميش المرأة، لأن المرأة لها احتياجات مثلها مثل الرجل لأنها إنسان مثله.
نحن ينبغي أن نطالب أولا بإجراء تدقيق النوع الاجتماعي في كل الوزارات والمؤسسات الحكومية والمدنية لنشخص واقع المرأة فيها، ثم نطالب الدولة باتخاذ إجراءات حاسمة وواقعية لإلزام هذه الوزارات والمؤسسات والمنظمات بسد الفجوات بين النساء والرجال وإدماج المرأة فيها بصورة حقيقية، ثم نتابع مصداقية التنفيذ لهذه الإجراءات حتى نؤسس لبناء مجتمع متكامل، يستثمر قدرات كل أبنائه الذكور والإناث بصورة متكافئة، وحتى نزيل الإيحاءات الوهمية بقيام حروب بين الرجال والنساء، فالحياة تتمثل في (هي وهو معا) في نظام متوازن متكامل قائم على المشاركة المسئولة.
.................
كلية التربية - جامعة صنعاء

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved