المرأة: في دائرة العنف..!

2014-01-13
عن رابطة المراة العراقية
العنف بذاته؛ حالة تعبر عن قصور في التحكم الإرادي للشخص، إتجاه الطرف الآخر، بغض النظر عن طبيعة العلاقة الرابطة بين الإثنين، ولذلك من الأسباب ما لا تحده حدود؛ وبمعنى آخر، هو الفعل المعاكس لفعل الرقة واللين الذي يمثل الحالة الطبيعية لتصرف الفرد، إمرأة كانت أم رجل، وفي الحدود المقبولة من قبل المجتمع بعيداً عن الإفراط أو التصنع، ولكل هذا أسبابه ودوافعه المتعددة..!
فالعنف الذي يقع على المرأة هو في جوهره لا يختلف عن طبيعة العنف الذي يتعرض له الطفل، أو العنف الذي يمكن أن تمارسه المرأة نفسها ضد المرأة أو الرجل أو الأطفال في البيت أو المدرسة أو في رياض الأطفال..!
والعنف الجنسي ضد المرأة في حقيقته وفي جوهره، لا يختلف عن باقي أشكال العنف الأخرى، إلا في حدود القصد والهدف، وليس التحرش الجنسي _ في سياقه السلبي _ إلا أحد أشكال هذا النوع من العنف الذي تتعرض له المرأة بشكل عام، وله صوره المختلفة، منها "المبطن" ومنها المعلن الصريح، ومنها الذي يرقى الى مستوى الإعتداء الجسدي المباشر، كما هو في حالة الإغتصاب..!
وليست حالة "التحرش الجنسي" وليدة يومها، فهي في قدمها قدم البشرية، ولا يقتصر إنتشارها على أمم أو بلدان محددة، أو يغلب عليها الإنتشار في بلدان تميزت بتحضرها وتفوقها الحضاري من بلدان أخرى لا زالت تحبو في مستويات تطورها الإقتصادي والإجتماعي، فالحالة موجودة في جميع المجتمعات، ولكن شيوعها، يختلف نسبياً من مكان الى آخر، وهذا يعتمد على مستوى التطور القانوني والقضائي لهذا البلد أو ذاك، ناهيك عن طبيعة تطور مستوى الوعي الثقافي للمجتمع نفسه، وبكلمة أدق، يعتمد ذلك على نسبة المستوى العملي والتطبيقي الذي وصل اليه مبدأ المساواة بين المرأة والرجل، على الصعيدين السياسي والإجتماعي، الذي يقابله وقريناً له، المستوى العملي الذي وصلت اليه المرأة في مجال المشاركة في العمل وبشكل خاص في مجال العملية الإنتاجية للمجتمع..!(*)
أما الخوض في أسباب تلك الحالة، أو فيما إذا كان بالإمكان إعتبارها ظاهرة شائعة في البلدان العربية على سبيل التخصيص، كما أوردت بعضاً منها الأسئلة الموجهه من قبل الحوار المتمدن - مركز مساواة المرأة، فالكثير من هذه الأسئلة تبطن أجوبتها في دواخلها، ومن غير اليسير الإجابة على تلك الأسئلة بإجابات قطعية، من حيث نعم أم لا، فالأمر في حقيقته يغور بعيداً في جذور المسائل التي تناولتها أسئلة الحوار المتمدن، مثل الكبت الجنسي، ودور السلطة، والتربية البيتية الذكورية، والتوجهات الدينية، وطبيعة التعليم، والتفريق بين الجنسين في مراحل التعليم المختلفة، وإتساع ظاهرة الحجاب و"الصحوة الدينية"..الخ من الأسباب والعوامل التي تضعها وتفترضها الأسئلة في وارد الأسباب التي تقف وراء شيوع ظاهرة التحرش الجنسي ضد المرأة في مجتمعاتنا العربية، فكل ما تقدم من هذه العوامل يمكن أن يكون لوحده كافياً أو مشاركاً مع العوامل الأخرى، في بروز ظاهرة التحرش الجنسي في المجتمع..!؟(**)
فالحالة نفسها يمكن أن يواجهها المرء في أرقى الدول حضارة كما وفي نفس الوقت، في العديد من الدول المتخلفة إقتصادياً والبعيدة في سلم الحضارة، وهناك غير قليل من العوامل التي تقف وراء تحول الحالة نفسها الى ظاهرة إجتماعية بالصورة التي يتوقعها مركز مساواة المرأة، ولعل من أحد تلك العوامل، ظاهرة إنتشار البطالة لأي سبب من الأسباب، أو التدني في مستوى الوعي القانوني في المجتمع، وغياب القاعدة القانونية العقابية الرادعة، على صعيد المجتمع، والمقصود تلك القاعدة التي تتعامل مع الحالة نفسها على قدم المساواة بالنسبة للجميع، وليس بعيداً عن ذلك ما تتعرض له بعض الدول العربية وشعوبها اليوم، من حالة إنتشار الفوضى والإرهاب والحروب الأهلية، ما يفاقم من حالة "التحرش الجنسي"، ويعمق من عزلة المرأة إجتماعيا، ويزيد من تعرضها للإنتهاك المعنوي والجسدي، وغير ذلك من التجاوزات على حقوقها القانونية والدستورية، وهذا ما يدفع الى التفكير بإستنباط الحماية المناسبة للمرأة من قبل السلطات الحكومية، من جهة، وتفعيل دور النخب المثقفة على صعيد الجنسين، بما فيها الحماية الدولية، الأمر الذي تمت معالجته في مقالة سابقة، ولا يخفى على العيان الدور الذي يلعبه مركز مساواة المرأة لموقع الحوار المتمدن في هذا المجال..!؟(***)

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved