ال" صديقتي الصغيرة تطل عيناك الزرقاوان في صورتك التي لزمتني، على حديقة بسيطة هي مساحة اخرى لنصف الفرح والحزن الانساني، و لعيونك ايضا وجع اخر ممل حينما يتوق العاشق الى الولوج في عيون حبيبته... تجثمين يا صغيرتي في راسي ككتلة اعصاب وبت مدمنا في تعقب صورك كمراهق نزق جٌل وقته يتلصص في ليل شتوي بارد داخل ازقة قرية نائية، استسلمت اضواءها للفقر، فما عاد ضوء هناك وكل شيء اضحى مباح للتمتع ببياض الاجساد العارية .اخط لك يا طفلتي الصغيرة كلماتي هذه وكل نزق، وارى فيكي عاشقة صغيرة تتسمر كل يوم على شباك غرفتها المجنونة المطلة على مدينة التمميز والاضطهاد ومَعقل الانبياء حبيبة الله" القدس" لتاغزل من خلف ستائرها طفلا مشردا مهشم الذاكرة هو انا، كم اتمنى يا صغيرتي ان امسك بعقارب الوقت لأخلق طفولتي من جديد، مثلك، وابادلك الحب على طريقتي الطفولية، وقتها ساشتري لك مما ادخرت في حصالتي، وردة وعصفور كستنائي له صوت جنائزي، متمرس على التحليق فوق القدس ليحرس منصة النبي محمد وايكونة المسيح من يد الغرباء، لن يقتلوا هذا الطائر ولن يقتلو وجود عينيك في المكان، اليس كذلك؟! فانتي ابنته "المكان" ، وسأرمي لك بالوردة ويرمقني احد المارة فيعلم اهل الحي بقصتنا ويطردني الاخ الاكبر وتهدر دمي العائلة وأوصم بالعار، وأهرب عن المكان الى اللامكان لأعود لك تحت جنح الظلام وبيدي قنديل لينير الطريق الي قلبك.
اعود لك يا صغيرتي شابا معاق الذاكرة حاملا حقيبته في كل محطات القطارات، وتقبع في ذاكرته كل طقوس الغربة ،امراة شقراء تقود كلبا باهظ الثمن ومراهقون يتبادلون القُبل، وعجوز عبثا تحاول السير على الطريق الملبد بالجليد، ورجل شعره اسود هو انا، وللقلق طعم المرارة، كم انا يا صغيرتي مخذول ومنسي ولي في عينيك الزرقاوان عذاب شاب مدمن في حب فتاة شرقية في ريعانها ولجسدها قدسية القرآن والانجيل، وليس للغريب حصة منه.
ميرال طفلتي الصغيرة ابنة العامين والنيف يتربع جسدها على وجه مخروطي منتفخ الوجنتين وتحتل العينان الزرقاوان النصيب الاكبر منه ، شقية وبرئية وتتقن فن شرب الحليب ليس كأندادها الصغار فهي منفردة في شربه، تقطن في حي شعفاط في مدينة القدس مع عائلتها المكونة من خمسة افراد هي اصغرهم . احببت فيها طفلتي وشقيقتي الصغرى وما اجمل ان تتخذ ملاكا صغيرا روحه ايكونة صغيرة يتقرب الناس بها الى الله والحلفان بها عند الشدة، وما اجمل ان تكون صديقتي طفلة نقية؟! اعترف يا صغيرتي ميرال للمرة الألف اني احب طفولتك البرئية وتراتيل عيونك المخملية.
تحسين ياسين/ صحافي فلسطيني يعيش في اوسلو

