الثقافة العربيه بين ازمة الثقافة والمثقف

2011-05-27

 المطلع//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/8460579c-6ea2-4595-ac7a-43d1c6458bcf.jpeg على الاطروحات الدراسية لمرحلة مابعد الاستعمار والخاصة بالخطاب الاوروبي حول الشرق الاوسط ، وبالاخص تلك التي تدخل ضمن الحقول المعرفية المتصلة بالعلوم الانسانية والاجتماعيه كالعلاقة بين المعرفة والسلطة والمفاهيم المتعلقة بالهيمنة الثقافية والسياسية يجد انها ساهمت في انتاج صورة الشرق الاوسط لدى العقل الغربي.
إن المتامل في تلك الاطروحات يجد ان التعريفات الاوروبية للشرق الاوسط كانت نتيجة حتمية لنصوص وادبيات نشأت من جيل الفلاسفة والمفكرين والعلماء او ماسمي بجيل المستشرقين ادت الى بناء صورة نمطية ممغنطة عن الشرق فصورته بالانسان الضعيف الذي يحتاج الى من ياخد بيده ويخلصه من ضعفه الفاقد للتفكير العقلاني الموجود عن الغربي ذو العقلية المتنوره.
لقد دق العديد من المثقفين العرب ناقوس الخطر خاصة مع بداية الالفية الجديدة وصوروا الحالة الثقافية عند العرب بالرجل المريض الذي يوشك ان يدعى فيموت كما يصوره بعض المتشائمين وان سبب عدم الاحساس بذلك هو ان العقل العربي لايستشعر الاشارات المنبهة ولو حاول فعل ذلك لاكتشف ان علامات السقوط اصبحت اقوى بل وبات وشيكا.
يقول هشام جعيط في مقدمة كتابه "ازمة الثقافة الاسلامية" ((ان غياب الانتاج الثقافي واضح وجلي في بلدان العالم الثالث ,أي في ثلاثة ارباع البشرية وذلك منذ أن تفككت الرقاع الحضارية الكبرى بمفعول الحداثة والاختراق الغربي ,أي منذ قرن تقريبا)).
ويرجع المؤلف هذا التراجع الى موت الطموح الداخلي لهذه الثقافة ,اذ لايمكن للعرب والمسلمين ان يلجوا باب الحداثة والمشاركة في العالم المعاصر الاّ اذا كونوا لانفسهم طموحا عاليا في مجالات الفكر والمعرفة والعلم.
أما برهان غليون والذي حاول في كتابه "اغتيال العقل" القاء الضوء على بعض اشكاليات الثقافة العربية فاستخدم مصطلح (السكولستيكية) ويعرفها بانها ((عجز الفكر عن الامساك بالواقع)) وهنا مكمن الخلل حسب توصيف الكاتب حيث تعاني هذه الثقافة من عمى يمنعها من محاكاة الواقع بحيث يكون وصفا يتيح لهذا العقل مهمة استبيان طرق التعامل المنهجي معه, فكان هذا الواقع في درجة اعلى من العقل العربي الذي اصبح في حالة سبات , وهنا نجد ان المؤلف اوضح حالة الطلاق بين الواقع والثقافة عند الانسان العربي.
من خلال ماسبق نستطيع القول ان هناك فرقا بين المثقف والمفكر , ذلك ان المفكر هو الشخص الذي يبتكر الفكرة ويحولها لواقع ثقافي معاش يتناسب مع واقع الامة , بينما المثقف هو من يجيد صياغة الافكار المطروحة بحلة جديدة دون ان تمس حاجة الانسان العربي وتناسب واقعه .
استطيع القول هنا ومن خلال التوصيف السابق ان أزمة الفكر العربي سببه عدم وجود مفكرين يستطيعون ابتكار الافكار بما يتناسب والمرحلة الراهنة , بينما نجد ان المنتديات الثقافية العربية تعج بالمئات من المثقفين الذين يعيدون صياغة الافكار الموجوده والتي كانت تناسب وقتها ومرحلتها وتناسب الضروف المحيطة آنذاك. مما احدث هوة بين الفكر والثقافة العربية والانسان العربي الذي لايجدها تحاكي واقعه الملموس.
ان الثقافة العربية بحاجة الى انتفاضة فكرية تزيح عنها غبار الماضي عبر عملية جراحية دقيقة تشخص الحالة الواقعية للانسان العربي لتعيدها الى الحياة بدل ان يفكروا في تنظيم مراسم الدفن عند الموت, ويتأتى ذلك من خلال الوقوف على التحديات وتخطي الجدار المانع لانطلاق ثقافة حديثه حية , بل والقفز على الحوجز اى تكن اجتماعية او سياسية او سلطوية واعادة ربط العقل العربي وثقافته بواقعه.

نزار الهاشم
المملكة العربية السعودية

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved