ثير منا سمع باسم حذام بنت الريان تلك المرأة التي عاشت بالجاهلية واصبحت مضرب المثل في صدق القول فكانت تلازم الشعراء في ابيات المديح فيقال :كنتم حذام القول احقابا والى وجوه الخير ارشد مدسع
احببت ان تكون حذام مدخلا سهلا لفهم عقلية وطريقة تفكير بعض الكتاب والصحفيين القابضين على اعلامنا العربي المقروء والمسموع ، تلك العقلية التي تعودت على الفهم الخاطئ لعقل الجمهور .
لقد مرت حقبة ليست بالقصيرة كان عقل الانسان العربي على استعداد تام للتلقي ناتج من ما تعلمته الذات العربية عبر طرق التلقين المتوفرة آنذاك كالبيت والمدرسة ووسائل الاعلام الموجهة باتجاه احادي الفكر ، مع عدم وجود محيط ثقافي متنور يحفز على المبادرة والتفكير والنقد بل والتفريق بين المادة الجيدة والسيئة.
يعد التلقين من افضل واذكى بل واقوى وسائل الاقناع التي استخدمها الانسان عبر التاريخ ، الا انه يعبر كما يصمه البعض بوحدة القطيع الذي لايمنح قدر اكبر لقدرات الافراد في التفكير والتكييف والتأمل والتحليل النقدي والابتكار والمرونة.
لقد مارست النخب الاعلامية والصحافية في الوطن العربي هذا الدور وجعلوا خطابهم للمتلقي العربي يتسم بالتعالي على عقليته وتفكيره ، مقابل جمهور كان يتلقى المادة ويتعامل معها تعامل المسلمات دون نقد او تحليل ، حتى ان اى نقاش يواجه بمعارضة جمعية مستدلين بمقال لفلان او بقول لاحد الاعلاميين في برنامج ما ، ومتمثلين بقول الشاعر :
اذا قالت حذام فصدقوها فان القول ماقالت حذام
وبما ان حذام هذه قد عفى عليها الزمن واصبحت مثلا لايقاس به فاصبح المتلقي العربي اكثر فهما ووعيا ودراية بما يتلقاه , واصبح يناقش وينتقد فلا يسلم بمضمون ماينشر فقطع مراحل متقدمة سبق بها النخب الاعلامية والثقافية .
في المقابل نجد ان الكثير من هذه النخب ظلت على اصرارها في تقزيم العقل العربي عبر تقديم مادة اعلامية وصحفية لاتناسب الفكر التنويري الذي شربة المشاهد من خلال الافاق الجديدة التي فتحتها القنوات الاعلامية المتوفره في سماء الحرية بعيدا عن الرقابة الابوية السابقة.
والتساؤل هنا: ألم يأن الوقت لاتخاد خطوات جادة وكبيرة تتسم بالجرئة لدفع الاعلام العربي للامام عبر ايجاد استراتيجية اعلامية متطورة ومشاركة ثقافية واسعة من قبل ذوي الخبرة والكفاءة والانفتاج على المجتمع وتلمس حاجياته ومخاطبة عقله بما يناسب مستوى تفكيرة !! اتوقع اننا جديرون بذلك.
نزار الهاشم

