الي صديقي في حضن الغياب....

2010-12-06

//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/27f19c85-0204-4b0a-b944-9dc38eaa943b.jpeg صديقي  حسين عزيز.... تحية بغدادية، تحية تراب العراق المغمس بالدم والتشتت وروائح جٍيف الطائفية، تحية المكان في اللامكان، تحية عامين بعد الاربعين هو عمرك الهارب منه"انت" الى غياب يرشدك الى الله والشمس، كم كان يقلقك الحديث عن العمر والمستقبل والاستقرار والبيت والاطفال!! وكيف تبددت هذه السنون على مذبح الدفاع عن الوطن، وكيف ساقت بك الاقدار الى هذه المدن الموغلة بالبرد والثلج والضباب والعلب الليلية، والخمر المعتق والحسناوات الثملات الهارابات الى انفسهن، هل يكفينا يا صديق كأس واحد لنسيان قلقل الحياة اليومية والارصفة والضياع في اوطاننا المغتصبة المحكومة بالفوضى والقمع؟!

كم اضناك الحديث عن الرئيس ووطنك المليئ بالغربان وفرق الموت وكم ابكاك الحديث عن نينوى مرقد رأسك والحضن الدافيء، وست سنوات هرست بها صحراء الرافدين جسدك إبان الحرب الايرانية، ولم تنبس ببنت شفه فداء للوطن ومحاربة اعداء الله والحضارة، وكم كنت فخورا لملامسة يديك يًد الذي غيبت روحه شياطين الغرب وعصاباته ومن بعده ضاع الوطن في تيه، يا صديق!!!

لكنك عبثا كنت ذات صباح شتوي مثلج تحاول اخفاء دموعك بعد ان طمرت رأسك بخرقة هي من رائحة نينوى، يومها استبسلت انا في معرفة ما يدور في خلدك ولم تتوانى لحظة عن البوح بما في راسك من ذكريات وعذابات، في رحلة البحث عن الوطن من اعتقال وتعذيب على يد _من يدعون الانسانية ويتشدقون بحقوق الانسان_ خفر السواحل اليونانية في الطريق الى هنا، وعن ست طعنات كانت احشاؤك على موعد معها بعد سقوط الوطن وضياعه، وكيف ان عصابات العمالة لم تتوقف لحظة واحد عن البحث عن طيفك ، هل لانك كنت من المدافعين الاوائل عن الوطن؟؟ ام انك كنت بعثيا افتراضيا ؟؟ ام ان هناك حسابات للكون بحقك مغلوطة!!

كم نحن الغرباء مخذولون يا صديق، لا وطن ولا حبيبات ولا اهل!! فانا لست بافضل حال منك، فوطني منذ اثنين وستين عاما وهو يضمد جراحه وما زال ينزف، ولا شيء يلوح بالافق، والضياع مستمر، فيا صديقي مدن الاضواء هذه ليس لها غير ان تهرس ايامنا وتسلم ضجيج اجسادنا للحيرة والضباب وفوضى الغياب، فما اقسى ان تكون بلا عنوان وبلا رصيف وبلا مرفأ، وليس لك من هذه الدنيا غير حقيبة تتعب ساعديك في البحث عن نفسك...

إشارة.....

حسين"عزيز  عراقي( 42) عاما مشرد عن وطنه بعد ان حاولت قتله لاكثر من مرة فرق الموت التي تهدد الحياة اليومية في العراق المحتل، جمعتنا رحلة اللجوء في احدى مخيمات مملكة النرويج ورحل عني بعد ان تقرر نقله الى احدى المدن جنوب العاصمة اوسلو، هاتفني ذات ظهيرة باردة وكان صوته خافةً ويشي بالتعب، عاودت الاتصال به مرات لكن هاتفه ظل أخرس "

تحسين ياسين/ صحفي فلسطيني يعيش في اوسلو

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved