
على شرفة البيت القديم كانت تعد النجوم وتهمس في أذن القمر كل حروف القهر وكلمات الحزن.. تنظر إلى المتسللين تحت المصابيح المتباعدة ..لتقرأ ما وراء وجوه المارة من أخبار دفينة عن زوجها الغائب .
تشيح بوجهها وتصوب بصرها عبر النوافذ القريبة والبعيدة التي تزفر مصابيحها الناعسة أضواء خافتة، فتتنهد بعمق لأنها تعرف بأن وراء كل نافذة سراً أسدلت عليه الستائر، وخلف كل جدار صفيق روحاً هائمة تختزن الكثير من الأحلام ، فتنزوي في ركن لا ترى منه ..كانت تراقب ..!لم تنم ليلتها.. كانت دموعها حارقة وزفراتها كاوية تحاول عبثاً احتباس مسيل الدموع فلم تفلح..
الدموع تحرق المآقي وتلهب الوجنتين فتتلظى من وهجها الشفتان فترتجفان لتطلقا همساً
ولكن ماذا يجدي ..!
كان ليلها ثقيلاً لتنسج منه غلائل الصبر..
ها هو ذا يعود الليلة همّت أن تصيح باسمه عالياً عندما طال مكوثه لكن كبرياءها منعها من ذلك.. لم يطل ذلك الحلم... فشمس حضوره خرجت متثائبة تلملم ما تناثر من أطيافها لتتسلل بهدوء إلى نافذتها.. نهضت بتثاقل لتسدل الستارة أملاً باستمرارية ذلك الحلم..!!
عقيل هاشم الزبيدي
العراق

