متى يعلنون وفاة العرب عنوان لقصيدة مطولة من ديوان لنزار قباني صدر قبل أربعين عاماً يذم فيها العرب والعروبة ويتنبأ بوفاتهم .
انا ما تورطت يوما بمدح ذكور القبيلة ولكنني شاعر قد تفرغ خمسين عاماً لمدح النساء،
لماذا ؟ هل لأنه يئس تماماً من رجال العرب وخلفاء العرب وفرسانهم .
هذه القصيدة هي على شكل سؤال يتكرر بإلحاح في هذه الأيام بعدما جرى ويجري في العراق وسوريا ولبنان واليمن والسودان وليبيا و و و و... لو كان الشاعر حياً إلى يومنا هذا ماذا كان سيقول عن حياة العرب وموت العرب وهو يحاول منذ الطفولة رسم بلاد
تسمى مجازاً بلاد العرب
أحاول رسم بلاد لها برلمان من الياسمين
وشعب رقيق من الياسمين
كيف ينسى الناس دروس الخيانة والعمالة وماضيهم الأسود وطهرهم المعدوم ولا إرث لهم سوى الحروب والخيانات والغزو، وكيف يستطيع أن يلغي كل الأحقاد وكل الحروب وملايين المتضررين واللاجئين والنازحين ويمنحهم فضاءاً من الياسمين ويعيد كتابة تاريخ العرب بلا خيانة ولا حمالات حطب .
وداعاً قريش
وداعاً كليب
وداعاً مضر
إن نزار قباني ليس الوحيد بين الشعراء ممن يحلمون بسماوات صافية واقمار مضيئة وعواصم بهيجة وعلاقات وطيدة ولكنه في النهاية يقررعنهم ويقول :
وحين أفقت اكتشفت هشاشة حلمي
فلا قمر في أريحا
ولا سمك في مياه الفرات
ولا قهوة في عدن
ويظل الحلم يراود الجميع رغم أن لصوص الأرواح واعداء الحياة أزالوا الغابات وبساتين النخيل وجفّفوا البحيرات والأهوار ورغم ان اليأس يسكنهم ويسيطر عليهم فيبحث نزار عن الأمان والوطن في حضن الحبيبة ورائحتها فيقول :
أُحاول أن أُحبك خارج كل الطقوس
وخارج النصوص
وخارج كل الشرائع والأنظمة
أُحاول سيدتي أن أُحبك في أي منفى ذهبت إليه
لأشعر حين أضمك يوماً لصدري
باني أضم تراب الوطن
وبعد أن كثر الدجل والنفاق وكثرت المافيات والمليشيات والأحزاب وصار الكل يريد أن يهاجر، حتى ضباط الهجرة في البلاد العربية يحلمون بالهجرة والشاعر مذ كان طفلاً :
يحاول قراءة كتاب يتحدث
عن أنبياء العرب
وعن حكماء العرب
وعن شعراء العرب
فلم أجد إلّا قصائد تلحس رجل الخليفة من أجل حفنة رز وخمسين درهم
ولم أر إلّا جرائد تخلع أثوابها الداخلية لاي رئيس من الغيب يأتي
واي عقيد على جثة الشعب يمشي
ماذا يفعل العرب غير النوم على بحار النفط وتخزين الأموال ولكنهم رغم الملايين يشحذون، من يبكي العرب والعروبة ؟ لا أحد .
وإنه برغم التطبيع والذل والهوان والحروب الأهلية فان البعض ما زال يمجد العرب ويشيد ببطولاتهم الورقية وتاريخهم الذي أضاعوه ببيعه رخيصاً للمستعمر .
إذا أعلنوا يوماً موت العرب، ففي أي مقبرة يدفنون
ومن سوف يبكي عليهم،
وليس هنالك حزن وليس هنالك من يحزنون
العروبة شعر ولا دواوين
وجيوش ولا من جيوش
وفتوحات ولا من فتوح
قتلى وجرحى على شاشة التلفاز
عيوننا متسمرة على التلفاز بانتظار النصر يأتي الينا من الله
أيا وطني جعلوك مسلسل رعب
نتابع أحداثه في المساء
فكيف نراك إذا قطعوا الكهرباء
قبل أربعين من السنين كتب شاعر عربي وهو نزار قباني :
رأيت العروبة معروضة في مزاد الأثاث القديم
ولكنني ما رأيت العرب !!!!