قراءة في كتاب "الهجرة إلى الموت" / ابراهيم الحجري /

2007-10-23

عن منشورات الزمن صدر للدكتور عبد الواحد أكمير كتاب موسوم بـ"الرحلة إلى الموت" قراءة في أحداث إليخيدو، وهو بحيث يندر في مجال اهتمام الباحث، الذي يتخصص في دراسة مشاكل الهجرة وصورة العربي في ذهنية الآخر، إضافة إلى الاهتمام بجوهر القضايا المتعالقة بين المغرب وإسبانيا، والملفت في مقاربات الباحث هو كونه يقرأ الحاضر المغربي الإسباني في أفق استحضار التاريخ، ويعود إلى الماضي ليجعلنا نفهم الحاضر، في هذا الكتاب الصغير حجما، الكبير من حيث عمق القضية التي يطرحها، نظرا للدلالة التي تكتسيها النازلة المدروسة في بلورة تصور واضح حول نظرة الأسبان للمغاربة، وجاء الكتاب في 150 صفحة من الحجم الصغير مع تقديم للأستاذ العربي المساري، واستهلال للمؤلف، وثلاثة فصول وخاتمة، مع ملحق يتضمن حوارات حول النازلة مع أناس من مختلف الشرائح الإسبانية والمنظمات الحكومية وغيرها، وقد بنى الدكتور عبد الواحد بحثه القيم انطلاقا من بحث ميداني يستقصي الحقائق في مظانها الأصلية، وقد خولته جرأته في البحث ومنهجيته العلمية الدقيقة في بلورة الأطاريح وتمثل الآفاق التي يستدرجه إليها مسار الفرضيات، وقد سعى إلى تجلية أبعاد الحدث، الذي انطلق من حادث بسيط، أول انطلاقا من خلفيات تاريخية تعصبية وصليبية، يتمثل في اغتيال مهاجر مغربي أحمق لفتاة إسبانية بقرية إليخيدو، ومع أن مغاربة آخرون سهلوا عملية تسليم الجاني إلى العدالة، فقد طوق الأسبان المتعصبون المغاربة ولاحقوهم في الشوارع والأزقة وأتلفوا مقاهيهم ودكاكينهم وأشعلوا النار في سياراتهم، وطاردوهم في الجبال مسلحين بالعصي والهراوات والقضبان الحديدية والسلاسل، فتطورت القراءات للحدث، الذي زاد من تعقيد العلاقات المغربية الإسبانية، وصعب من إمكانية حضور رؤية واضحة لقضية التعايش في إسبانيا بين المهاجرين المغاربة والأسبان بوصفهما مجموعتين بشريتين مشتركتي المصالح. وقد وضع الباحث منذ البداية المشكل في إطاره السياسي الواضح وخلفياته المضمرة تاريخيا، باعتباره وضعا إشكاليا نشازا في السياسة الإسبانية تجاه مشكل الهجرة ككل، وقد استحضر الكتيب مواقف النقابتين الرئيسيتين والحزبين الرئيسيين ، والجرائد ومنظمات المجتمع المدني، معززا إياها باستقراء آراء بعض المهتمين بالشأن المغربي الإسباني من باحثين ومثقفين ومفكرين، حول مشكل الهجرة بصفة عامة، وحدث إليخيدو بصفة خاصة، ومع أن المواقف تصاعدت آنذاك ولوحت في الأفق نداءات كاذبة منافقة استثمرت الحدث لمصالح انتخابية، فإن المهاجرين المغاربة تضرروا أكثر مما كسبوا، وبقيت دار لقمان على حالها.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved