لعل المتابعين لكلمة الناشطة والمدافعة المدنية عن حقوق الإنسان هناء أدور يجدون أنها بمثابة نقلة نوعية في عرض حال ما صل إليه العراق بعد قرابة عقدين من الزمن، من تسلط حكم المحاصصة الذي غلب عليه الإسلام السياسي والقومي الكردي، الذي أفضى الى تراجع مستمر فقد فيه العراق هيبة الدولة وسيادتها على أراضيه وجعل هذا البلد العريق محط أطماع دول الجوار وجورهم وبالأخص الجارة الشرقية إيران وحتى الجارة الجنوبية الكويت ! ناهيك عن الفساد المستشري والتدهور الشامل، وخاصةً الإقتصادي الذي يلقي بكاهله على عموم الفئات المسحوقة من الشعب، رغم ارتفاع المردود الريعي بسبب ارتفاع سعر البترول ! والأمر ينطبق على الوضع الصحي والثقافي والسياسي والاجتماعي !
ورغم أن كلمة الناشطة جاءت مركزة وشاملة بما يسمح به الوقت المخصص، إلّا أن الناشطة المتمرسة هناء أدور استطاعت أن تسلط الضوء على وضع العراق بواقعية ودقة وشمول، ما يعني أنها نقلت صورة صادقة عمّا آلَ إليه وضع العراق إلى أعلى منتدى دوليّ بشجاعة، حيث أعطت صورة مشرّفة عن نضال المرأة العراقية المرتبطة كقضية بمجمل قضايا العراق، في ظل نظام اجتماعي رجعي ثيوقراطي عشائري متخلف لا يني يستشري، مدعوم من قبل نظام المحاصصة الجائر، وفي ظل المليشيات المسلحة ذات الولاء الإيراني التي أصبحت تتبجح جهاراً نهارأ بولائها لإيران متقوية بدعم مسلّح متسلط وتموين ماليّ منه !
ويبدو واضحاً أن الكلمة المتماسكة المعبّرة ،وشخصية الأستاذة هناء أدور الوطنية النزيهة المثقفة المعروفة، قد آلمت الطغم المتسلطة والمنتفعين من توابعها، فتعالت الأصوات الناشزة لافتعال ضجة للنيل والتشكيك في وطنية صاحبة الكلمة، من شخصيات مغمورة لا ثقل لها، برزت مع الاحتلال واحتلت مواقع في مؤسسات هامة كأعضاء في مجلس النواب، أو مجالس المحافظات، وكل واحدة لم تثبت كفاءة وجدارة في المواقع التي شغلتها ولا أريد الاستطراد وتسليط الضوء على قضايا النزاهة !!
والأسئلة تتوالى وتطرح نفسها : فإن كان لدى الناعقات والناعقين تشكيك فهاتوا كتابكم إن كنتم صادقين ؟! ألم يوجد خرق دستوري كبير لرئيس وزراء فاقد الشرعية، وكذلك رئيس الجمهورية منذ خمسة أشهر؟! ألم يكن هناك وضع شامل للحالة العراقية يتسم بالتدهور الصحي والثقافي والاجتماعي والسياسي ناهيك عن الاقتصادي ؟!
ألم يكن هنا تحكم عشائري غدا بديلاً عن القضاء الذي أصيب بما يقرب من الشلل ؟ ألم يُغتَل القضاة النزيهون ؟! ألم تزدد مؤشرات الانتحار والتي تشكل المرأة ضحيته الأكبر! الم تزدد نسب الطلاق بشكل خطير يهدد الأسرة العراقية ؟ ألم يزدد البغاء بما في ذلك المقنن منه تحت عنوان الزواج المؤقت "المتعة" ؟ ألم تتسع ظاهرة الإدمان على المخدرات ؟ ألم تصبح تجارة المخدرات متاحة وفي متناول الجميع حتى الأطفال ؟ ألم يتفاقم عدد النابشين في الأزبال بحثاً عمّا يسد الرمق ؟
اذهبوا إلى المستشفيات والمراكز الصحية لتروا أي مؤسسات مزرية وكيف يُعامل المرضى ؟! ونوعية الأمراض ؟.. افحصوا مياه الشرب ! أين الكهرباء الوطنية وكم حصة العائلات منها !
إذهبوا إلى المدارس في الريف أولاًلتروا العجب الذي ليس له مثيل في أفقر البلدان، مدارس الصرائف ومدارس الطين مخلوعة الأبواب، وبلا شبابيك، وانعدام دورات المياه لتصبح ليلاً ملاذاً للحيوانات السائبة !
ما هي حصة المواطن العراقي من الغذاء الصحي وما هي حصته من البروتين الحيواني ؟!
راجعوا مؤسسات الدولة وكونوا على بينة كيف يبتز المراجع وكيف يمتهن مالم يدفع الرشوة لتمشية معاملته !
لقد أصبح العراق في مقدمة الدول المتخلفة في كل مناحي الحياة نعم في كل المجالات !!
أما من الناحية الأمنية فلا أمان في ظل الاختطاف والاعتقال الكيفي، ولا خبر عن الذين اختُطفوا، ومازال قتلة المتظاهرين يسرحون ويمرحون، بل أن قاتل المحلل السياسي هاشمِ الهاشمي قد هُرّب من السجن !!
فهل ما جاء في كلمة هناء أدور فيه كذب وتضليل ؟
تحية للناشطة المدنية والحقوقية هناء أدور ودامت في نشاط دائب وسلامة .
20 مايس/أيار 2022
