كانت قد طلبت مني أن نلتقي على النت للدردشة، غير أني اعتذرت بأن لي مشاغل كثيرة .. لكن متى قبلت النساء الأعذار؟ ومتى قدرن صدق أقوال الرجال؟
.. مرات كثيرة كانت ترسل إلي رسائل على هاتفي، فأفتح النت ونشرع في الكلام حول موضوع في بعض الأحيان، وفي الخواء أحيانا !
ومرات كثيرة خدعتني رسائل منها تستعجلني بدعوى خطورة الموضوع، لأكتشف بعد ذلك أنني غير معني بكل ما أسمعه ويُطلب رأيي فيه ! وأن الموضوع بأكمله لا يستحق نقاشا ولا استعجالا !
وكالعادة كنت أتغافل وأتخادع رغبة مني في الإبقاء على حبل الصداقة بيننا .. تماما كما يفعل كثير من الأصدقاء في تعاملهم مع " الأصدقاء " و " الصديقات ".. لكن يبدو أن الناس لا يعنيهم ( وأغلب النساء لا يعنيهن أبدا ) أن تكون في شغل، أو مرض، أو مشكلة، أو أزمة، أو سوء مزاج أو ما شابه. كل ما يعنيهم أن يجدوك ملبيا عندما يطلبونك للقاء، خدوما عندما يريدون منك خدمة ولو كنت غارقا في العمل .. حتى أعلى زَغَبَة بيضاء في شعر رأسك !
قد تكون جالسا مع أحد الأعزاء، فيهجم عليكما " صديق " .. ودون أن يحترم خط الحوار الممتد بينكما يشرع هو في الحديث في موضوعه الأثير، لتكتشفا، أنت وعزيزك، أن دوركما في هذا اللقاء هو الاستماع فقط . وعلى الرغم من أن حالة الغضب تود أن تطل من عيونكما، فإن كل واحد منكما يلصق ابتسامة على شفتيه لكي يرضي هذا الذي كل همه أن يكون مسموعا ومحط عناية واهتمام !!
وما أكثر ما تكون حزينا ومهموما فيطلب إليك أحدهم لقاءه على وجه السرعة. وعلى الرغم من أنك تتعلل بالمرض أو بالانشغال بأمر ما، فإنه يلح على لقائك مستعجلا، لتجد عند اللقاء أن إلحاحه إنما كان بهدف إغراقك في هم مع همومك وحزن مع أحزانك، دون أن يقدر حالتك النفسية ووضعك الاجتماعي وضائقتك المالية !!
وما أكثر ما يغضب هؤلاء الذين يزعجهم اعتذارنا مع أننا كثيرا ما نلبي رغباتهم ونضحي بأوقاتنا وجهودنا خدمة لهم !
اليوم غضبت مني صديقتي، فجاءني ردها حاسما وقاسيا، كأنما تحاول أن تشعرني بتبكيت الضمير فأسرع للاتصال والاعتذار.
واليوم، وعلى غير المعتاد، قررت أن أرد على الحسم بالحزم، وعلى القسوة باللامبالاة. فكرت أن أرد برسالة هاتفية مشابهة .. أن أبعث، مثلا، بنقطة منفردة. نقطة واحدة فقط كالتي وردت بعد " شكرا " في ردها. لكنني فكرت أن نقطة النهاية لا توضع سوى مرة واحدة ومن شخص واحد. وإذا أضيفت إليها نقطة أخرى صارتا نقطتي حذف، ودلتا حينئذ على إمكان استئناف الكلام !!