صفعة الشعر الأولى على نقرة اللغة

2010-09-09

إن جسّ نبضا في كتابة أولى أشبه بلملمة شظايا موجة وهي تتكسر لذلك الأجدى سماع دقات القلب التي لا يلبث أن يتردد صداها في الشرايين وبدلا من إمساك الموجة الأفضل مراقبة كامل المشهد الذي يصنع الشط.
" في.. ولن.. ولكن" شهيقه الأول ل ميلاد فؤاد ديب , يبدو في مجموعته متبرما من الحياة وراغبا بها بشدة , ضاغطا جمله في صرخات متوالية , عبر مقاطع تكسر بلور الصمت الذي صنعته دهشته ورعبه من العالم الذي احتواه ومجبرا على احتوائه " ركض على نفسه/ فسبق جثته".
كما الطفل يتلمس جمله يقلبها ثم يرميها ليستمع للمعرفة التي تحدثها أو الضجة التي يريد منها أن تفل ضجة العالم التي سلبته الطمأنينة " أفرغ جسدي تماما/ من غير أن أسأل ما هي الروح" , فهنا أو هناك, المعنى الذي سبقه بالوجود وهذه الأسبقية التي تحدد مسارات القول وبالتالي الحلم- كما حلموا لا كما يحلم - تتغذى على فرديته , الملاذ / القصيدة كما يشتهيها هو لا أحد غيره ؛ لذلك يريد ابتداع معناها بداية , فيقول:" أزني مع اللغة / لأحرم المعنى".
في " ومضات" يقدم بداهاته, " نفضت أمي تنورتها/ فخرجت كهلا" يجعلها طلله الذي سيمر به من دون بكاء , لكنه سيقبض على رماده ويعليه في الريح " أرفو طفولتي/ حتى لا تتخرق رجولتي" هذه الومضات حادة , سريعة , تترك ندبا بالقارئ فأصلها جرح لا يندمل في الشاعر, مفاتيح لما يأتي في "متتالياته" وقصائد صغيرة " و" قصائد " التي تهدأ جملته فيها كفراشة ترشف الرحيق.
عبر " متتاليات " وقصائد صغيرة " ينجز رفو طفولته بلغة واضحة بسيطة تمتح من اليومي, يصبها بمفارقات مدهشة كأنها "هايكو" أجاد تنضيد زهوره , ثم تركها للريح لتشكلها كما تريد تحت عناوين لها صفة النافذة , حيث ستارتها منفلتة من عقالها" في المساء/ يا حبيبتي/ حيث يركض الجميع خلفنا/ ومالنا غير القبور/ عرفت كم أنت جميلة/ وبسيطة.../ كالموت".
أما في "قصائد" تهدأ نفسه وتطول قصائده ومقاطعها , تظهر وحدة القصيدة وتلاحمها , حيث يطفو المعنى فوقها كضباب صباحي لا يلبث أن تبدده شمس القراءة وتحوله لرطوبة خانقة أحيانا ومنعشة أحيانا أخرى ,معتمدا على سردية قصصية ومونولوج , بعيدة عن الجزالة اللفظية أو البلاغة متوسلة مشهدية ينجز عبرها قوله , مرتبا عبرها لغته أو نفسه , ليكون للقارئ القدرة على التقاط تشظيات موجه والتمتع بنبضات قلبه المبثوثة في شرايين شجرة شعره " بكل ما لدي أحبك/ بالعفن على جروحي/ بالطحلب على قصائدي/ بزعيق ركبتي/ وخرمشات أمعائي / برائحة حرق الحصى/ عندما تمرين إلى أعلى النشيج / بيد تشدك بكامل زنزانتها/ وتطمرك بصدري الوالغ في اليباس".
" لا..ولن.. ولكن" مجموعة شعرية ل ميلاد فؤاد ديب طباعة مكتبة الشمالي
 يونيو 20, 2010
باسم سليمان

 

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved