
" فإن شفرة الروح
تطوي أدغال اللهجات...."
الشاعر عبد الكريم الطبال
في الليلة السادسة من أيامه ، حكى " شهرمارس" ، عن نسوة المدينة . عن " ورقاء" حلقت بين الغيوم. التقطت الشهب ، ونظمت لطوقها عقدا . " ورقاء" ، تناسلت ظلال رفرفات جناحيها ، نسوة من مدينة تطوان.غصن ببحور الحبر ، وتتبعن ما تخطه اليراعات . هن نسوة استعدن حضورهن الفعلي ، و كينونتهن المقدودة من تباريح ذات الأنثى . كان يوما ليس كباقي الأيام ، ضجت فيه نون النسوة بأركان الأرض الأربعة ، بينما غمر مدينة تطوان فيض أنثوي فارق. بشراكة بين جمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي الجماعة الحضرية لتطوان ، و بين جمعية فنون و شعر ، تم تنظيم أمسية ، تحتفي بمناسبة اليوم العالمي للمرأة ، خاصة بالزجل ، تحت شعار" طفرة الزجل التطواني من طفرة المرأة التطوانية" ، فصدحت نسوة بقصائد زجلية ، اهتزت لها أفنان الإبداع بالمدينة.
رفلت جميلة العلوي المريبطو، في حلل من الميراث الاجتماعي و اللغوي الأندلسي لمدينة تطوان . ورحلت بنا الزجالة الرقيقة كريمة العاقل ، في عمق المشترك الانساني بين مدينة تطوان و باقي التراث الانساني العالمي ، من خلال قصيدة " حاكوزة". بينما غاصت زجالة الحكمة المستقطرة ، من رحيق الأصالة المغربية، في المرجعية الاجتماعية ، و نماذجها البشرية ، فأبدعت قصائد عميقة الدلالة ، روعة في التركيب اللغوي المغربي المحكي.
استرسل " شهرماس " في حكيه عن أيامه و أبطالها الثلاث ، المرأة و الحب و الشعر ، حيث تابعناه ، وهو يحكي عن ليلته الواحدة و العشرين ، حين نظم اتحاد كتاب المغرب ـ المكتب التنفيذي و فرع الاتحاد ، بتنسيق مع جمعية العمل الثقافي بالمضيق ـ الملتقى الشعري الأول للمضيق ، دورة تكريم الشاعر إدريس الملياني. وكانت الأنثى حاضرة . نسقت فقرات اليوم الأول عندلة الشعر المغربي ، الشاعرة فاطمة الزهراء بنيس ، و متى انفصل الشعر عن الأنثى؟!!!!
ليلتا أنس شعرية ، أثثتها أجيال مخضرمة ، و أخرى شابة . شيوخ القريض و مريدوه . و نساء تمسكن بأهداب الحرف. جبن آفاق الإبداع ، و طاردن فراش الخيال المجنح. فحضرت إلى جانب الشعراء : عبد الكريم الطبال ـ محمد الشيخي ـ أحمد بنميمون ـ المحتفى به ادريس الملياني ـ أحمد لمسيح ـ محسن أخريف ـ عبد الجواد الخنيفي ـ نجيب مبارك ـ جمال أزراغيد ـ محمد عابد . الشويعرات : وفاء العمراني ـ نسيمة الراوي و أمل الأخضر.
تتابعت حكايات " شهرمارس" عناقيد ، تغري عشاق الإبداع بكل أنواعه ،و هي تشع في كل ربوع المغرب . و سنتوقف قليلا ، لنصغي إليه يحكي عن أمسية مدينة طنجة ، عروس المتوسط .أمسية تشدو بكل اللغات. حسناء تسبح في بحور الشعر، لتستريح على ضفاف المتوسط. باركت أجوائها الباذخة ، آيات من الذكر الحكيم بصوت أنثوي ، كرس حضورا مائزا للأنثى ، تخطى المألوف . ثم تلته وصلات أندلسية تعد بالوفاء لكل ما هو أصيل ببلدنا.
هكذا أينعت رحاب قاعة المؤتمرات ، لفندق أمنية بورتو بطنجة ، يوم 22 مارس 2014 ، و تلألأ أثيرها بصوت إعلامي أنثوي ، للإعلامية زهور الغزاوي ، التي غطت فعاليات الأمسية ، و رافقت احتفالية " الأنثى" ، في عيدها العالمي ، الذي تزامن مع المهرجان الدولي الرابع للشعر، فكان للرجل نصيب من الحضور و المساهمة الشعرية. اختارت اللجنة المنظمة للمهرجان شعار " صرخة امرأة " ، الذي كان من اقتراح دولة الدومينيك ، فكان بالفعل احتفالا بأهمية دور المرأة في المجتمع ، انطلاقا من الفن و الشعر، و فرصة مناسبة للتعريف بقضايا المرأة.
لم تسجل أيام " شهرمارس" ، أي سكوت له عن الكلام المباح ، في شأن ثلاثية المرأة و الحب و الشعر. استمر يحكي و يصدح بربوع بلادنا ، و سنضع عصا ترحالنا هذه المرة على ضفاف مرتيل . نصغي لإحدى حكاياته المحلقة في سماوات العطاء الانساني الراقي . حيث الشعر سطان بأمره تشيد للحب قصور ، تسلم للأنثى مفاتيحها.هناك حيث " ملتقى الإبداع" . عندما تجند طلبة الأدب العربي في المغرب العلوي الأصول و الامتدادات ، و مجموعة البحث و الدراسات المغربية الأندلسية ، يومي 26 و 27 مارس ، من أجل إعداد هذه التظاهرة الإبداعية ، فكان لهم ما أرادوا .
كان اليومان بحق ، تفعيلا للمعرفة بالشعر و الابداع ، و كل القيم الجميلة للفن .فكما جاء في كلمة الدكتور عبد اللطيف شهبون أحد ضيوف منصة اليوم الأول :" إن هذا اللقاء يسعى إلى تأصيل قيم المعرفة بالآداب و العلوم الإنسانية".و عن الإبداع و سياقاته و روافده ، يؤكد الدكتور شهبون أن " الشعر سلطان الأجناس ، و الشعراء يتاح لهم ما لا يتاح لغيرهم". حفل الملتقى برواد الشعر و براعمه و عشاقه. فكان الاحتفاء و كان الوفاء . قال منسق الجلسة ، الأستاذ مصطفى الستيتو وهو يقدم الشاعر محمد الميموني ، المحتفى به في صبحية اليوم الأول للملتقى:" أجد نفسي صغيرا و أنا أقدم هذه القيمة الشعرية".
جاء في تقديم أحد طلبة الأدب العربي في المغرب العلوي الأصول و الامتدادات، المفوهين:" إن الملتقى ثلاثي الأبعاد:
1ـ أن نجعل من كلية الآداب بمرتيل ، و على ضفاف مرتيل منارة علمية.
2ـ أن يكون أساتذة و طلبة كلية الآداب بتطوان ، حفدة للراحل محمد بنتاويت ، و الدكتور محمد الكتاني ، و الدكتور عبد الله الترغي.
3ـ تطوان في هذا الملتقى تقول : إنها رافد من روافد الثقافة المغربية ، و أنها الآن تساهم في وضع اللبنة الأولى للشعر العربي الحديث . إنها تطوان الريف . تطوان الجبل . تطوان الحضارة.
بقلم : الزهرة حمودان

