شربنا من الكون حتى العدم

2009-05-10

ديوانٌ شعريٌّ جديدٌ للشاعر السعودي فيصل أكرم صدر عن دار (الفارابي) ببيروت هذا العام 2009، وهو الكتاب العاشر للشاعر بعد: الخروج من المرآة 1997، التداخلات 1999، قصيدة الأفراد 2001، مقدّمة الكتاب الأخير//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/4188d370-8b90-42dd-b03c-4e6215934827.jpeg 2002، الصوت الشارع 2002، آت من الوادي 2003، كبار 2004، نصف الكتابة 2004، سيف بن أعطى 2007م. وجاء ديوان (شربنا من الكون حتى العَدَمْ) في 104 صفحات ولوحة غلاف لفارس غصّوب..

الديوان اشتمل على 14 قصيدة:
- هل طفلٌ يسرُ هناك؟؟
- هي ذي قصيدتك الجديدة؟!
- لا شكّ أنك لستَ أنت
- مثلُ نفسكَ: لا أحد
- عودة إلى متاهاتٍ صغيرة
- قصيدة خاصة جداً
- من القدمين.. للرأس
- رهانات صغيرة خاسرة
- تجلّ بي يا صاحبي
- ذكرى لعينيك أيها الناسي
- نشيد العشاق الجدد*
- عنكَ وحدك.
- أنفاس.. قصيرة.. فاترة
- حَسَنْ

وتصدرها إهداء جاء فيه:
ولأوّل مرةٍ أكتبُ إهداءً
إلى روح (حَسَنْ).. رحمة الله عليه
أخي الأكبر، وأستاذي الأول، وحبيبي الذي...
لم نرَ بعضنا ربعَ قرنٍ.. حتى مات أحدُنا.. ولم يستطع الآخر
حتى رؤيته ميتاً..
نعم يا سيّدي.. نعم يا حَسَنْ
أنت وأنا، فقط:
(شربنا من الكون حتى العَدَمْ).

نختار هنا القصيدة التي كان سطرٌ منها عنواناً للديوان:
عرفتكَ تمشي..
على قطعةٍ من حريرٍ سميكْ
عرفتكَ تهدي بياضاً كثيفاً،
تجمّعه، ثم تفرده صوبَ من جهّزوكَ
لقتل أبيك..
*
عرفتُ بأنك تعرفُ أني
وقفتُ على باب من فرّقوكَ على كلّ شارعْ
وكنتُ أنادي عليكَ كأني
أمدّ وجوداً إلى كلّ ضائعْ
*
فهل كنتَ مثلي..؟
هل كنتَ تعرفُ أنّ الذين يصدّون عني
يريدون أن أتقدّمَ حيناً
إلى كلّ ذاكرةٍ تنتهي..
كما كلّ شاردةٍ تختفي..
فهل أنتَ سوف تطيق التخلي؟!
وهل أنتَ سوف تطيق التراجع..؟
*
ومن دون ذنبٍ ستجرحُ نفسكَ
ترفعُ عن كتفيكَ الأكفَّ
وتدفن بين يديك الأصابعْ
*
كأنك ما كنتَ يوماً هناكَ،
ستأتي..
وسوف تعود،
كأنك لمّا تزل بعدُ: بعضَ الـ.. كأنّ!
*
كأنكَ كنتَ تعمّد نفسكَ
في جدولٍ قد تصرّف من تحت أقدامهم
حين عابوا عليك الوصول إليهم..
كأنك كنتَ إليهم وفيهم،
ولكنهم لم يكونوا لمثلك، حتى وإن كنتَ حرفاً
سيُكتب حيناً
ويُسقط حيناً
ويُرفع، يُنصبُ.. حيناً.. فحيناً
إلى أن يكون اكتمالُ العناوين بارزةً
دون أسمائهم..
فأسماؤهم لا شبيه لها
وليس لها كانتمائك،
حين رأيتَ الحياة زماناً
فكنتَ مكاناً
يكوّن شيئاً لأشيائهم.. حين تُرفع بعدكَ
أو تنتهي في حضيض المواقع.
*
بمثلك كان التشفي بديلاً
عن الحزن في لحظة الاحتضارْ..
وأيضاً،
لمثلكَ كان التأني دليلاً
إلى الخوف في لحظة الاختيارْ..
فهل كنتَ، مثلي، انكشفتَ رحيلاً
نهاراً وراء نهارْ؟
هل كنتَ، مثلي، وقفتَ قليلاً
لتنفض عن وجنتيكَ الغبار؟
وهل سوف نبقى معاً
جيلاً فجيلاً
نهذّبُ أنفسنا، ذاتها..
لنختار أنفسنا -ذاتها- بعد كلّ انهيار..؟!
*
تعبنا؟ نعم..
شربنا من الكون حتى العدمْ
قطعنا من الحلم حتى الندمْ
تعبنا؟ نعم
بكينا؟ نعم
ملأنا المناديل دمعاً ودمْ
وما فادنا في الكلام سلامٌ
ولا فادنا في السلام كلامٌ
ولا فادنا ازورارُ القلمْ
*
سنكره أنفسنا، يا حبيبي..
وسوف نكذّبها، يا صديقي..
وسوف نعودْ.
وسوف تعود المتاهاتُ فينا
بغير حدودْ.
سنكره أنفسنا، يا حبيبي..
فكن مرّةً من نصيبي،
ودعنا معاً في فضاء القيودْ
فسوف نكذّبها، يا صديقي..
فكن مرّة خطوةً في طريقي،
ودعنا نحقق بعضَ الوعودْ.
دَعْنا
نحُقّقُ
بعضَ الوعود..........

يذكر أن دار الفارابي ببيروت أصدرت مؤخراً طبعة جديدة تضم ديوانين لفيصل أكرم (الخروج من المرآة، والتداخلات) في كتاب واحد، اشتمل على مقتطفات من دراسات وآراء حول الديوانين لعدد من المثقفين العرب، ومنهم: د. غازي القصيبي، د. عبد الملك مرتاض، د. محمد صالح الشنطي، د. نضال معروف وغيرهم..

يقول فيصل أكرم على الغلاف الخلفي للكتاب:
لم أحاول أبداً ابتكار طريقة جديدة في كتابة الشعر، ولكني تعمّدتُ المشيَ كتابةً عبرَ كلِّ الطرقات المؤدية إلى القصيدة والشعر.. بخاصةٍ في هذين الديوانين:
1- الخروج من المرآة (طبعته الأولى عام 1997عن النادي الأدبي بالرياض).
2- التداخلات (طبعته الأولى مطلع العام 1999عن مؤسسة إصدارات النخي).
وقد جمعتهماً معاً في هذه الطبعة الجديدة، الصادرة عن دار الفارابي ببيروت، لأنهما يشكلان تجربة واحدة تدفَّقَ معظمُها في مرحلة (منتصف التسعينيات الميلادية) قبل أن تأخذ شكلها المستقرَّ في دواويني الأخرى..
حاولتُ أن أقتطفَ بعض السطور من مقالاتٍ ودراساتٍ وقراءاتٍ كثيرة تناولتْ هذين الديوانين، ولكن ـ للطرافة والأسف- كنتُ أحتفظ بمعظم تلك المواد مصوّرة ومرسلة لي بالفاكس (لصعوبة تنقّل المطبوعات العربية في وقتها!) وفوجئتُ الآن أنّ (درزينة السنين) حوّلتْ ورق الفاكس (الكربونيّ الناعم) إلى اللون الأسود الفاحم!

 

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved