كثيراً ما مررت أمام باب معهدٍ للموسيقى في دمشق يقف عنده آباءٍ وأمهات ينتظرون أطفالهم بعد إنهائهم دروسهم الموسيقية، وما أثار دهشتي الاسم الذي يحمله ذلك المعهد: (معهد صلحي الوادي)، لعلمي بأن عائلة الوادي من العائلات العراقية المعروفة، فتشكلت لدي الكثير من الأسئلة حول المعهد والاسم الذي يحمله، فقررت الدخول إلى ذلك المبنى التراثي والذي يبدو انه كان يوماً ما منزلاً لإحدى العائلات الشامية، وأصبحت الموسيقى الآن هي التي تسكنهُ بآلاتها وعازفيها وطلابها ومدرسيها..
وعند دخولي للمبنى استقبلتني الآنسة عبير الجابي مسؤولة النشاطات فيه، وعلمت بأنها عملت مع الفنان صلحي الوادي لمدة عشر سنوات فضلاً عن إنها تعمل في المعهد منذ 18 سنة تقريباً، ولهذا سألتها عن كنية الوادي فأجابتني إن الفنان صلحي الوادي ولد في دمشق من أب عراقي وأم سورية وبهذا تأكدت من صحة المعلومات التي املكها.

أما عن المعهد فأخبرتني بأنه تأسس عام 1961، وعدد طلابه حوالي الألف طالب وطالبة يتعلمون فيه العزف بجميع الآلات ماعدا الآلات الالكترونية، حيث يدرس الطالب علم قراءة النوتات الموسيقية في البداية وبعدها يبدأ بدراسة المادة ذاتها مع آلة موسيقية.
يستقبل المعهد الطلاب في سن السابعة ويتخرجون في سن الثامنة عشر ويشترط في قبولهم وجود الموهبة الموسيقية عنده.

الدراسة متلازمة ومتوازية مع الدراسة العامة للطالب حيث صباحاً يكون في المدرسة ومساءً يدرس الموسيقى في المعهد الذي يضم طلابا ومدرسين غير سوريين وهذهِ دلالة على تطور المعهد ومناهجه الدراسية. وبعد التخرج قد يحصل الطالب المتميز عن زملائهِ منحة دراسية خارجية، كما حدث مع الفنان الفتي بلال نمر عازف الكمان الذي حصل على منحة دراسية في فرنسا والذي التقيته حين أقام أمسيته الموسيقية في دار الأوبرا. والطالب جاد بغدادي الذي أذهلني أدائه المتميز على البيانو خلال حفل موسيقي لمجموعة من طلاب الآنسة جمان.

ومن ابرز الأسماء الذين تخرجوا من معهد صلحي الوادي: جوان قرة جولي وهو المدير الحالي للمعهد، والسيدة ماريا ارنؤوط مديرة دار الأوبرا حالياً والآنسة جمان عبيد رئيسة قسم البيانو.

سيرة الفنان صلحي الوادي:-
مواليد عام 1934 في بغداد، لأب عراقي وأم سورية.
درس في المعهد الموسيقي بالإسكندرية بمصر ثم في الأكاديمية الملكية الموسيقية في لندن (بريطانيا) بين عامي 1953-1960.
عاد إلى دمشق في عام1960 حيث ساهم في إنشاء المعهد العربي للموسيقى وأصبح مديراً لهُ وظل يشغل هذا المنصب حتى عام 2002.
أسس الفرقة السيمفونية الوطنية السورية والمعهد العالي للموسيقى.
قدم أول أوبرا في سورية (دايدر وايفياس) سنة 1995.
مُنِحَ وسام الشرف السوري من الدرجة الأولى تقديراً لإسهاماته في الحياة الثقافية والموسيقية في سوريا.
أُصيب بجلطة دماغية أفقدتهُ القدرة على العمل في عام 2004.
تم تكريمهُ بإطلاق اسمهِ على المعهد العربي للموسيقى بدمشق.
وافتهُ المنية صباح يوم الأحد 30-9-2007 في دمشق الشام.