هكذا وفي اللحظة المناسبة تماما توقف الجسد عن الصراخ وانفرط صار كل شيء إلي خواء، خواء ووحشة همدت الأنفاس في الفراغ واستقرت في الحلوق،
لم يعد ممكنا،
لم يعد متاحا،
لم يعد محتملا،
لم اعد أعرف ماذا تماما !!
غير أن شيئا ما، أشار ذات صباح مليء بالانضباط إلي عواء وفزع
وكان علي آن أصرخ . أو أتحدث، كان علي أن أجري أو انفلت من اللحظة ذاتها
كان علي أن أتذكر شيئا ما. ولأن الموقف صار هزليا
كان الضحك هو الممكن والوحيد، هو المتاح الوحيد، هو الاحتمال الوحيد
( 2) كشف..
أنا راحل في دمي.. مُتعثرا، استوضحني واستمهل الشرايين وتستمهلني. تقودني الطرقات/ألمس جدران الذاكرة والوجوه الخبيئة. تشدني رائحتها لما قالت : دعنى أفتش في ذاكرتي عن شيء يصح أن أقوله لك، ترتج مسامعي وأتوقف عن النزف والنزيف لأسقط في الحد الفاصل بين شفتيها والبحر. في انحنائي أتمرغ قاطعا صوت السكون وصورتها، رغم انقباضي التام في اللحظة ذاتها .. لكنها تظل حنينا ومدا ، تتطلع الصرخات فيّ وتسقط الأزمنة، أغرق في النيل وحدي، مُشتتا في أنحائها الضاربة في أعماق جذوري وقالت : دعنى أفرق بين تفاهتك وحلمي !! دعنى أحبك دون فزع أو ارتباك مرة واحدة !!
(3) وجد..
كانت تلملم بقاياها قاطبة تشبك السوتيان من الخلف وأنا أساوي أيامنا،اهزم التفاصيل 1, 2, 3, مع مرور الوقت الذي عشناه لم يعد يدهشني كثيرا صمتها وحزني كنت على شاكلة من التردد والحيرة رغم الارتباك الذي أصابني، كانت داخلي تلك السكينة الممتعضة.. وانتظار لا يبدله أية ريبة أو خوف، حين تتلاقي أقدامنا في الطريق تائهة. تاركين في جدران البيت المُهدم ظلالنا عالقة . يأتي الصباح ويمحو كل شيء.. أكد كل منا لنفسه المنطقة التي غابت في انغمار الضوء لتتكاشف النظرات المنزوية وتسكن الأصوات مكانها. كان ما يزال هو وحده الذي يحاورها ويسمعها لتغيب في دوائره المنعقدة فوق عالمها الوحيد..
اشرف الخريبي
عضو إتحاد الكتاب المصري
روائي وناقد