
يُعرِّف تايلور الثقافة بأنها ذلك الكل المعقد والمركب يشمل المعرفة والمعتقدات والفن والأخلاق والقانون والعادات وكل القدرات والعادات الأخري التي يكتسبها الإنسان بوصفه عضواً في المجتمع .
وبذلك تعد الثقافة كياناَ كلياً يشكل ذاتية أفراد المجتمع، وتخلق هوية عامة تميز هذا المجتمع عن ذاك، وتنبثق من هذه الثقافة العامة للمجتمع بعض الأنماط الثقافية الفرعية والتي تشكل في ظاهرها نموذج ثقافي معين، مثل ثقافة الفقر أو ثقافة الاستهلاك ... الخ
ويتناول هذا المقال نمط أخر من الثقافة يمكن أن نطلق علية " ثقافة المتناقضات " وترجع كلمة متناقضات إلى أصل الفعل تناقض والتي تعني في المعاجم اختلف وتعارض وتباين .
وينشأ هذا النمط من الثقافة داخل الكيان الكلي للثقافة حينما تحتوي تلك الثقافة علي الشئ ونقيضه، والسؤال : هل يمكن لثقافة أي مجتمع أن تحتوي على نماذج وأنماط ثقافية وتحمل نقيضها في ذات الوقت ؟
قد يحدث ذلك خاصة في حالات الوهن الثقافي، حينما لا تستطيع بعض الأنماط الثقافية القيام بأداء وظائفها لكل أفراد المجتمع . ويظهر ذلك جلياُ في حالات عديدة مثل حالات تعاقب الأجيال . فقد يؤمن جيل الأباء بقيم وعادات وتقاليد ثقافية معينة ويري جيل الأبناء أنها من مخلفات التاريخ، ولا ترتقي لما وصل إليه الجيل الجديد من علم وتكنولوجيا ... الخ .. وتظهر أيضاً في حالات زيادة الفوارق الطبقية داخل المجتمع الواحد ومحاولة كل طبقة من فرض قيم وأنماط ثقافية معينة قد تتناقض في مضمونها عن أنماط ثقافية للطبقات الأخرى .
وفي هذه الأحوال تنشأ حالة من الإزدواجية داخل المحتوي الثقافي الكلي للمجتمع . والتي تكمن خطورتها مع الوقت في خلق حالة من " الأنومي " أو فقدان المعايير لدي بعض الشرائح داخل المجتمع الواحد . وهذا يستوجب وجود آليات فاعلة داخل كل مجتمع للتنبؤ بمثل هذا النوع من ثقافة المتناقضات وعلاجها .