إن كنت ممن يرى أنه فاتته الفرصة لتحقيق أهدافه، وقد مضى به العمر سريعا وأصبح أكبر من أن يستطيع إنجاز عمل أو تحقيق طموح، فالسيدة منيرة حمزة التي حصلت على الدكتورا دولة عن سن 85 سنة تقول لك أنت مخطئ، فالعمر ليس عائقا أمام ما تطمح إليه، بل أفكارك التي توجه إرادتك.
إنها إمرأة أو بالأحرى جدّة، تجاوزت الثمانين من العمر ولكنها لم تكلّ يوم عن طلب العلم والمعرفة، ولم ترى تقاعدها عن العمل تقاعدا عن الحياة والأمل، بل إستمرت تحلم وتنجز وتنفذ وتستفيد. وبما أن العزيمة لاتموت بسبب كبر العمر بإعتبارها مرتبطة بالإرادة النفسية التي لا يُنقصها كبر السن أو صغره، فقد إستطاعت التونسية منيرة حمزة ذات 85 سنة أن تحصل على دكتورا دولة في الأدب الفرنسي وتحديدا في أصعب المجالات وهو مجال اللسانيات، من جامعة كلية الآداب والإنسانيات بولاية منوبة التونسية، لتأكد بذلك أن كبر السن ليس عائقا أمام تحقيق مايمكن لشباب تحقيقه. وهذا التميز والإنفراد ليس بجديد عن السيدة منيرة، بل شهد أن كانت أول إمرأة تتحصل على الباكالوريا في ولاية زغوان التونسية وذلك سنة 1952 لتبدأ مسيرتها العملية كمعلمة إبتدائي سنة 1956 ليقودها طموحها بعد ذلك لمواصلة دراستها، فحصلت على الأستاذية سنة 1973 ولم تكتفي بذلك بل واصلت مسيرتها العلمية فحصلت على الماجستير بدرجة إمتياز. ومع ذلك حلم الدكتوراه ظل يراودها ولم يتخل عنها إلى حين تقاعدها عن العمل وبتشجيع من العائلة إستطاعت السيدة منيرة تحقيق حلمها بحصولها على دكتورا دولة في الثماننيات من عمرها، وتعتبر سابقة هي الأولى من نوعها في تونس وحدثا فريدا لم تشهده أروقة الجامعات التونسية من قبل، ليمثل نجاحا جديدا يضاف للمرأة التونسية بشكل خاص وللمراة العربية بشكل عام، التي أثبتت ومازالت تثبت قدرتها على تذليل كل الصعوبات في سبيل أن تقدم وتنجز وتنجح لتثبت ذاتها في المجتمع.
ومن هنا نستخلص أن العمر ليس عائقا أمام الأنسان، مادام له طموحا أو أمل يريد تحقيقه. ومادام في العمر بقية، هناك دائما مجال للعمل والنجاح، صحيح قد تضعف بعض القوى لكنها تكون موجودة، فإن حركتها تمددت وأنتجت، والسيدة منيرة حمزة أكبر عبرة ومثال على ذلك. فمن حاول وإنطلق فسوف يصل ...