رغم تأكيد كافة الأديان والمذاهب الإنسانية على مبادئ العدالة الإجتماعية، والمساواة بين بني الإنسان وأهميتها في بناء المجتمع البشري وإستقراره. فمازالت البشرية تعاني من حجم الأضرار التي تكبدتها وعانت منها، جرّاء إعتماد العنف كأداة للتخاطب وخاصة العنف ضد المرأة. إذ أن ثلث نساء العالم يعانين من العنف، وبما أن تحقيق التنمية المستدامة لأي مجتمع يتعذر دون مشاركة المرأة على مختلف المستويات الإجتماعية، الإقتصادية والسياسية، والحفاظ على حقوقها وتفعيل دورها في بناء المجتمع وتطورها، فقد أصبح الإهتمام بقضية المرأة، وخاصة العنف ضدها، أحد أهم الأولويات – ليس للمرأة ومنظماتها فقط – وإنما أيضا لقادة الدول والمجتمعات والمؤسسات المدنية. بإعتبارها قضية مجتمعية تنعكس آثارها على المجتمع ككل، لذلك يعتبريوم 25 نوفمبر من كل سنة مناسبة للوقوف على معانات النساء من ظاهرة العنف التي تتخذ عدة أشكال مترابطة، وتؤثر في المرأة منذ الولادة إلى الشيخوخة. والعنف لايعرف حدود في الثقافة أو العرق أواللون أو العمر، و يختلف من مجتمع إلى آخر بحسب المفاهيم السائدة ووعي المجتمع المحلي، ودرجة عدالة القيم الإجتماعية وسيادة مبدأ القوانين وحقوق الإنسان. كما يعتبرالعنف ضد المرأة ظاهرة عالمية لا وطن لها، فهي لاتفرق بين دول غنية أو فقيرة أو بين دول متقدمة أو نامية.
العنف ونساء دول المرحلة الإنتقالية.
إن ما شهدته بعض البلدان المرحلة اللإنتقالية من إنفلاتات أمنية وصراعات سياسية أدت إلى إستفحال ظاهرة العنف ضد المراة فكمثال لذلك نذكر:
- تونس: التي وعلى الرغم من أنه كان لها شرف الريادة في القوانين المتعلقة بالمرأة بداية من مجلة الحوال الشخصية وصولا إلى دستور2014، إلا أن هذه الترسانة من القوانين لم تمنع من تفشي ظاهرة العنف ضد المرأة، والتي إن سلمت تونس من بعض المظاهر الموجودة في غيرها من البلدان خاصة العربية مثل القتل من أجل الشرف وختان البنات والزواج القصري، فإنه لاتزال 47.2 بالمئة من التونسيات بين سن 18 و64 سنة يتعرضن في حياتهن إلى أحد أشكال العنف الأسري، وذلك حسب آخر مسح إحصائي قام به ديوان الأسرة والعمران البشري بتونس سنة 2010 إذ تبلغ نسبة العنف النفسي ضد المرأة في تونس 28.9 بالمئة ونسبة العنف الجنسي 15.7 بالمئة ونسبة العنف الإقتصادي 7.1 بالمئة. كما أظهر التقرير الذي نشرته الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان مؤخرا أن 46 إمرأة لقيت حتفها من مجموع 7861 تعرضن إلى العنف في الأشهر العشر الأولى لسنة 2013. كما ذكر التقرير أن 90 بالمئة من حالات العنف قام بها أزواج الضحايا. كما تكشف إحصائيات مركز الإصغاء والتوجيه لنساء ضحايا العنف التابع للجمعية التونسية لنساء الديمقراطيات، أن العنف الزوجي والجنسي بلغ في الفترة افنتقالية حوالي 70 بالمئة، كما شهدت الفترة مابين سبتمبر 2013 وفيفري 2014 تعرض 95 إمرأة من جملة 144 معنفة إلى شكل من أشكال العنف الزوجي ويبلغ عدد المعنفات الاتي لاعمل لهن 46 إمرأة و 72 إمرأة تتراوح أعمارهن بين 30 و60 سنة، وقالت 7 نساء أنهن تعرضن إلى العنف السياسي، بينما تعرضت 11 إمرأة إلى عنف إقتصادي ويجدر بالذكر أن من 10 إلى 30 بالمئة فحسب من حالات العنف التي تم الإعلام عنها.
- مصر: تعتبرمصرأسوء مكان في العالم العربي يمكن أن تعيش فيه المرأة وذلك على حسب دراسة أجرتها مؤسسة "تومسون رويتيرز" وإستعانت فيها بخبراء متخصصين في مجال قضايا المرأة. كما وأثبتت الدراسات والبحوث أن مصر تحتل المرتبة الثانية على العالم بعد أفغانستان في التحرش الجنسي، وهو ما تؤكده أيضا دراسة لأمم المتحدة جاء فيها أن 99 بالمئة من المصريات تتعرضن كشكل من أشكال التحرش. وبحسب إحصاءات المركز المصري لحقوق الإنسان فإن 83 بالمئة من المصريات تتعرضن لتحرش في حين أن 98 بالمئة من النساء اللواتي يزرن مصر يتعرضن لتحرش مرة واحدة على الأقل . كما كشفت دراسة حديثة صدرت عن المجلس القومي للمرأة تؤكد أن 28 بالمئة من السيدات المصريات يتعرضن للعنف الجسدي.
- سوريا: أشارت التقارير التي أعدتها الأمم المتحدة وبعض المنظمات غير الحكومية في سوريا إلى تصاعد وتيرة العنف الجنسي بما في ذلك الإغتصاب واعتداء الجنسي، وإزدياد حالات الزواج القسري والمبكر إضافة إلى البغاء وجرائم الشرف وحالات الطلاق. وينتشر هذا الوضع بين النازحين ضمن الأراضي السورية وبين الاجئين داخل المخيمات وخارجها في الدول المجاورة، ومن الصعب الحصول على أرقام دقيقة تعكس العنف الجنسي في سوريا بسبب إمتناع الضحايا عن الإبلاغ بتعرضهم لمثل هذه الإنتهاكات.
العنف ونساء بلدان الخليج والشرق الأوسط:
- السعودية: على الرغم من المرأة السعودية تردي عباءات سوداء فضفاضة عند خروجها من البيت، إلا أن ذلك لم يمنع تعرضها للتحرش بمختلف أشكاله،حيث صنفت السعودية في المركز الثالث من حيث معدلات التحرش بالنساء في أمكان العمل، وذلك بحسب تقرير صادر عن وكالة "رويترز" عام 2011، شمل 24 دولة،إذ أن 16 بالمئة من العاملات بالسعودية يتعرض ن لتحرش من رؤسائهن. حيث ذكرت آخر إحصائية رسمية سعودية أن قضايا التحرش في السعودية قدرت بـ 2797 قضية، يمثل المتهمون فيها من السعودين بنسبة 60 بالمئة، والبقية لغير السعودين بنحو 1128 قضية تحرش.كما كشفت دراسة أجراها مركز رؤية للدراسات الإجتماعية، أن 93 بالمئة من النساء السعوديات إعترفن أن أزواجهن يمارسون العنف عليهن، 20 بالمئة منهن تتراوح أعمارهن بين 18 و19 سنة، و25 بالمئة منهن بين سن 20 و29 سنة، و7 بالمئة منهن من الفئة العمرية بين 50 و59 سنة. كما تأكد الدراسة أن 60 بالمئة من النساء المعنفات بدون عمل، و 30 بالمئة تعرضن للعنف الإقتصادي.
- فلسطين: حسب تقرير مركز مساعدة ضحايا العنف الجنسي والجسدي، فإن 64 بالمئة من توجهات الإعتداءات الجنسية التي وصلت المركز، كانت عبارة عن إغتصاب، و36 بالمئة كانت عبارة عن تحرشات جنسية و27 بالمئة عبارة عن إعتداءات جنسية داخل إطار الزواج . وفي قطاع غزة بلغت مستويات العنف ضد المرأة أعلى مما كانت عليه في السنوات السابقة، فحسب مركز شؤون المرأة في قطاع غزة فإن 77 بالمئة من النساء في غزة تعرضن لأنواع مختلفة من العنف، بينما شهدت 53 بالمئة من النساء عنفا جسديا وتعرضت 15 بالمئة للإعتداء الجنسي.
- العراق: فحسب معطيات عن وزارة شؤون المرأة العراقية، فإن خُمس نساء البلاد يتعرضن لعنف جسدي. كما يؤكد مسحا أجراه الجهاز المركزي للإحصاء بأن 22 بالمئة من النساء يتعرضن للعنف النفسي المتمثل في الإهانات اللفظية والرمزية، إلى جانب 18 بالمئة يتم ترهيبهن وتخويفهن و 19 بالمئة يتم تهديدهن بالطلاق. كما يجدربنا عند الحديث عن العنف ضدالمرأة في العراق أن نذكر الفتيات الأيزيديات وما يتعرضن له من شتى أنواع العنف من طرف تنظيم الدولة الإسلامية بما يعرف بـ "داعش". فحسب تقرير نشرته الصحيفة البريطانية "الدايلي تلغرام" فإن أعضاء تنظيم "داعش" يجبرن الفتيات الأيزيديات على ممارسة جهاد النكاح، وذلك بعد خطفهن والإبقاء عليهن كجواري أوإجبارهن على الزواج من المقاتلين، أو يتم بيعهن في الأسواق. حيث أكد تقرير للأمم المتحدة أن مقابلات عدة مع شهود عيان تؤكد أنه تم نقل أكثر من 150 مسيحية وإيزيدية من قبل تنظيم "داعش" إلى الرقة ليتم بيعهن كرقيق جنس.
- إيران: شهدت إيران مؤخرا جملة من الحوادث التي تدل على ما تتعرض له المرأة الإيرانية من شتى أشكال العنف، فبعد تنفيذ حكم الإعدام شنقا بحق المواطنة ريحانة جباري، وذلك لقتلها رجل إستخبارات إعتدى عليها، جاء حكم السجن لمدة سنة في حق الإيرانية إنجا قوامي، لأنها بكل بساطة حاولت حضور مباراة كرة الطائرة لشباب. دون أن ننسى سلسلة الإعتداءات على الإيرانيات بإستعمال مادة الأسيد الحمضية "ماء النار" مما أدى إلى إحراق وجوه وأجسام 17 إمرأة في إصفهان، ووفاة واحدة بسبب تعفن جروحها. فحسب مجلة "الجراحة في إيران" لسنة 2011 فقد تم إحصاء 59 هجوما بماء النار في إيران بين سنة 2001 و2010. كما تعاني الإيرانيات أيضا من ظاهرة الرجم حتى الموت.
العنف ونساء أفريقيا السوداء.
- الكونغو الديمقراطية: تعتبر الكونغو من أسوأ خمس دول في العالم، بسبب عمليات الإغتصاب الوحشية التي تقع فيها، وذلك حسب مسح عالمي أجري عام 2011. مما جعل ظاهرة الإغتصاب في هذا البلد تصبح مشكلة خطرة تؤرق الأمم المتحدة بعدما تحول إلى واقع يومي يزيد من تفاقم الأوضاع السياسية والأمنية، ووفقا للأمم المتحدة فإن الكونغو الديقراطية أو زائير سابقا، تشهد 36عملية إغتصاب يوميا. وقد وصفتها الموفدة الخاصة للأمم المتحدة لمكافحة العنف ضد النساء والأطفال في النزاعات بـ" العاصمة العالمية للإغتصاب".
- جنوب إفريقيا: تسجل جنوب إفريقيا واحدا من أعلى معدلات الإغتصاب حول العالم. فحسب دراسة أعدها مجلس البحوث الطبية بجنوب إفريقيا، فإن أكثرمن ربع الرجال في هذا البلد قد إرتكبوا جريمة إغتصاب، وقال 64 بالمئة منهم أنهم فعلوا ذلك أكثر من مرة في حياتهم، ونحو 175 إمرأة تتعرض للإغتصاب يوميا، كما تتعرض إمرأة للقتل كل 8 ساعات على يد شريكها. كما تظهر إحدى الإحصائيات أن الشرطة تتلقى ما يقرب 65 ألف بلاغ عن حوادث إغتصاب سنويا، وهنالك الكثير من الحالات التي لايتم الإبلاغ عنها.
- كينيا: عند كل فجر في كينيا تغتصب إمرأتين، وذلك حسب ما جاء في تقريرعن الجرائم أعدته الشرطة الكينية، فنسبة عمليات الإغتصاب في إرتفاع، فحسب التقرير فإن الفترة الممدة بين جانفي و ماي من العام الجاري تم الإبلاغ عن 338 حالة إغتصاب مقارنة بـ 297 حالة تم الإبلاغ عنها في نفس الفترة من عام 2011 و 332 حالة في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2012 كما تظهر الإحصائيات أن واحدة من بين 20 إمرأة مغتصبة تبلغ عن الحادث في حين واحدة من كل 6 نساء مغتصبات تحضى برعاية صحية.
- الصومال: تعتبر الصومال واحدة من أسوأ خمس دول في العالم بسبب إرتفاع معدل الإغتصاب فيها، فبحسب تقرير نشرته منظمة "هيومن رايتس وتش" بعنوان " الإغتصاب أمر عادي هنا" فإن الأمم المتحدة قد سجلت 800 حالة من العنف الجنسي ضد المرأة الصومالية، في الأشهر الستة الأولى من العام الماضي. كما ويشار إلى أنه في عام 2012 كان هنال ما لايقل عن 1700 حالة من العنف الجنسي في الصومال، وذلك وفقا لممثل الخاص للأمين العام المعني بالعنف الجنسي في حالات الصراع.
- هناك أيضا بلدان إفريقية أخرى تشهد إرتفاع في معدلات العنف ضد المرأة ففي موريتانيا تم تسجيل أكثر من 20 حالة إغتصاب في شهر مارس فقط من العام الماضي في نواكشوط لوحدها، وأن 90 بالمئة من حالات الإغتصاب لايتم التبليغ عنها، وذلك وفق دراسة أعدتها منظمة " الأم والطفل" في موريتانيا في العام الماضي. كما نجد أيضا بنغلاديش حيث إعترف 10 بالمئة من الرجال بالإغتصاب ، و25 بالمئة من الرجال في كميوديا قالوا أنهم إرتكبوا شكلا من أشكال إغتصاب المرأة، وذلك وفق دراسة للأمم المتحدة.
العنف ونساء أوروبا.
- الإتحاد الأوروبي: تواجه النساء في بلدان الإتحاد الأوروبي مخاطر الإعتداء البدني أو الجنسي، حيث أن واحدة من كل 3 نساء في الإتحاد تعرضت لهذه الإعتدءات، حيث كشفت وكالة الحقوق الأساسية التابعة للإتحاد الأوروبي ومقرها فيينا من خلال دراسة تعد الأكبر في العالم حول العنف ضد النساء و التي حاورت خلالها 42 ألف إمرأة في جميع دول الإتحاد الأوروبي، أن ما يقدر ب13 مليون إمرأة تعرضت لسوء المعاملة الجسدية، وأن 3.7 ملايين إمرأة أُغتصبن أو تعرضن لتحرش الجنسي. وحسب الدراسة أيضا فإن أعلى عدد من النساء اللائي قلن أنهن تعرضن للعنف مثل الضرب والحرق الإغتصاب وأشكال أخرى من الجنس القهري كانت في الدنمارك بنسبة 52 بالمئة وفنلندا بنسبة 47 بالمئة والسوييد بنسبة 46 بالمئة. في حين سجلت كل من بولندا والنمسا وكرواتيا أقل نسبة بنحو 20 بالمئة في كل دولة منهم. كما سجلت دول جنوب أوروبا مثل إيطاليا واليونان 33 بالمئة لكل منهما. وبحسب مرصد جماعة الضغط النسائية الأوروبية فإن ما يقارب 8 حالت إغتصاب يتم تسجيلها لد الشرطة يوميا في بلجيكيا .
- فرنسا: حسب منظمة الصحة العالمية فإن 95 بالمئة من ضحايا العنف في فرنسا هم من النساء. ووفقا لمعلومات الداخلية الفرنسية فإن إمرأة واحدة تفقد حياتها كل 3 أيام نتيجة العنف المنزلي، أي ما يمثل 16 بالمئة من مجموع جرائم القتل في البلاد. وفي السياق ذاته وحسب مرصد وطني مختص في العنف ضد المرأة في فرنسا، فقد صرحت 654 ألف إمرأة فرنسية أنها كانت ضحية العنف في السنة الماضية. كما تشير جمعيات فرنسية تقاوم العنف ضد المرأة، أن 175 ألف فرنسية تتعرض إلى الإغتصاب سنويا. كما يسجل الرقم الأخضر الخاص بحالات العنف سنويا مايقارب 80 ألف مكالمة.
- تركيا: حسب دراسة تركية فإن قرابة 60 بالمئة من النساء التركيات فوق سن الـ 15 يتعرضن للعنف أو الإهانة والإذلال على يد رجال من داخل الأسرة، و50 بالمئة من النسبة الآنفة يتعرضن لضرب بشكل مستمر وأن 40 بالمئة منهن يرجعن السبب في ذلك لظروف الإقتصادية وتناول الكحول. و25 بالمئة من النساء المعنفات يقمن بالرد على العنف بعنف مماثل، في حين 10 بالمئة فقط منهن يتركن البيت إحتجاجا على العنف الذي يتعرضن إليه، وأن 70 بالمئة من هؤلاء السيدات لايحبذن الطلاق حفاظا على مستقبل الأولاد.
- بريطانيا: إرتفعت معدلات حالات الإغتصاب المسجلة في بريطانيا في الآونة الأخيرة إلى حدود غير مسبق في أعقاب الكشف عن العديد من فضائح الإعتداء الجنسي داخل البلاد، وهذا مايؤكده المعهد الإحصائي الوطني في لندن، حيث أفاد أن النصف الأول من العام 2014 شهد تسجيل أكثر من 22 ألف حالة إغتصاب، ما يعني إرتفاع النسبة بـ 29 بالمئة عن العام الماضي. وبحسب موقع صحيفة " الغارديان " البريطانية فإن إمرأة واحدة من بين 10 نساء في بريطانيا تعرضت لتحرش الجنسي، في حين إمرأة من بين 20 تعرضت للإغتصاب. ووفقا لبيانات شرطة ساسيكس التي أدرجتها شبكة " النساء ضد العنف في أوروبا" فإن إمراتين تقتل أسبوعيا على يد رفقاء حاليين أو سابقين.
العنف ونساء بلدان الأمريكتين الشمالية والجنوبية.
- الولايات المتحدة الأمريكية: تتعرض إمرأة من بين 5 سيدات في أمريكا للإغتصاب في حياتهن، في حين أن 40 بالمئة منهن تخضن شكل من أشكال العنف الجنسي وذلك وفقا لبيانات لمجلة "تايم" الأمريكية. كما كشفت دراسة حديثة لمنظمة " إيقاف التحرش الجنسي في الشارع" الغير الحكومية، أن 65 بالمئة من النساء الأمريكيات المشمولات بالدراسة إعترفن بتعرضهن للتحرش الجنسي. وكأحدث مثال عن التحرش في أمريكا هو الفيديو الذي نشرته الشابة الأمريكية التي تعرضت فيه من خلال تجولها في شوارع نيويورك لمدة 10 ساعات لـ 180 حالة تحرش جنسي.
- كندا: تتعرض أكثر من نصف نساء الكنديات وتحديدا 51 بالمئة لخطر التعنيف، إذ أن 61 بالمئة من البالغين يقولون أنهم يعرفون شخصيا إمرأة واحدة على الأقل كانت ضحية العنف الجسدي أو الجنسي وذلك حسب تقارير منظمة الصحة العالمية. وحسب الشرطة الكندية فإن كل 6 أيام في كندا تقتل إمرأة من طرف شريكها، كما تُحصى يوميا أكثر من 3000 إمرأة يقمن في ملاجئ المستعجلات للتخلص من عنف الشريك. كما سجلت الشرطة الكندية في 2010 مايقارب 582 حالة إختفاء أو إغتيال لنساء كنديات. وتأكد منظمة الصحة العالمية أن حوالي 80 بالمئة من ضحايا الإتجار بالجنس في كندا هم من النساء والفتيات.
- البيرو: حسب مصادر الشرطة فإن 70 بالمئة من الجرائم المسجلة لدى الشرطة هي لنساء تعرضن لضرب من قبل أزواجهن، كما تفيد 28 بالمئة من النساء في البيرو بأن أول تجربة جنسية عرفنها لم تتم بموافقتهن.
العنف ونساء البلدان الأسيوية:
- الهند: تعتبر الهند واحدة من أسوء البلدان في سجل الإغتصاب، وهو ماتأكده دراسة عالمية أجرتها مؤسسة " تمسون رويترز"، حيث إعتبرت فيها الهند الأسوء بالنسبة للمرأة بسبب إرتفاع معدلات الإغتصاب وقتل البنات لدى ولادتهن والعبودية... ووفقا للأرقام الرسمية الصادرة عن المكتب الوطني لسجلات الجريمة، فقد تم الإبلاغ عن 24 ألف و 206 حالة إغتصاب في عام 2011. وتسجل نيودلهي أكبرعدد من الجرائم الجنسية من بين مدن الهندالكبرى، حيث يتم التبليغ عن جريمة إغتصاب كل 18 ساعة في المتوسط ، وذلك وفقا لبيانات الشرطة. كما تشير بيانات الحكومة إلى إرتفاع جرائم الإغتصاب المُبلغ عنها في البلاد بنحو 17 بالمئة بين سنتي 2007 و 2011. كما وجاء في تقريرالأمم المتحدة تحت عنوان " الذكورة والعنف ضد الشريك وتفصيل الأبناء" أن 6 من بين 10 رجال في الهند إعترفوا بممارسة العنف ضد زوجاتهم . كما إحتلت الهند المركز الأول من حيث معدلات التحرش بالنساء في أمكان العمل بنسبة 26 بالمئة، وذلك حسب تقرير صدر عن وكالة رويترز لسنة 2011 شمل 24 دولة.
- أفغانستان: أثبتت الدراسات والبحوث أن أفغانستان تحتل المرتبة الأولى على العالم في التحرش الجنسي. كما ذكر متحدث بإسم حقوق الإنسان المستقلة الأفغانية أن أحدث الأرقام لعام 2013 توضح أن هناك زيادة بنسبة 25 بالمئة في حالات العنف ضد المرأة في الفترة من مارس إلى سبتمبر. كما أعلنت وزارة شؤون المرأة الأفغانية أن 3500 حالة عنف ضد النساء سجلت في 6 الأشهر الأولى من العام الجاري ومن بين هذه الحالات 70 جريمة قتل.
وبالتالي وعلى ضوء هذه الأرقام والنسب المفجعة للعنف ضد المرأة، فإننا نلاحظ إنتشار هذه الظاهرة إنتشارا واسعا، إذ أصبح واقعا غير مرغوبا فيه وتخجل منه المجتمعات المتحضرة. فالعنف ضد المرأة كما لاحظنا لا وطن له فهو لا يقتصر على الدول النامية أو الفقيرة، بل إنه يتسع ليشمل كافة المجتمعات حتى الغنية منها والمتقدمة. فأكثر حالات العنف كما وكيفا نراها في أكثر الدول التي تحمل شعارات الديمقراطية والعدالة والمساواة وسيادة القانون. والعنف ضد المرأة له العديد من الآثار ليس على المرأة فقط وإنما تتجاوزها لتشمل المجتمع ككل.
تأثير العنف على المرأة.
تعيش المرأة المُعنفة صراعا داخليا وحالة من الضياع وتجد نفسها في دوامة تتداخل فيها معطيات نفسية وأخلاقية وإجتماعية وثقافية عديدة تمنعها من البوح والإفصاح عما تعرضت له وتجبرها أكثر الحالات على لزوم الصمت، مما يزيد من تأثيرات العنف عليها والتي تتمثل خاصة في:
- الآثار النفسية للعنف: قد يكون من الصعب حصر الآثار التي يتركها العنف على المرأة، وذلك لأن المظاهر التي ياخذها هذا الجانب كثيرة ومتعددة. ومع ذلك نستطيع أن نذكر أهم الآثار وأكثرها وضوحا وبروزا على صحة المرأة النفسية والعقلية مثال لذلك فقدان المرأة لثقتها وإحترامها لنفسها، الشعور بالذنب إزاء الأعمال التي تقوم بها، إحساسها بالإتكالية والإعتمادية على الرجل، شعورها بالإحباط والكآبة، إحساسها بالعجزوالإذلال والمهانة، عدم الشعور بالإطمأنان والسلام النفسي والعقلي وكذلك فقدان المرأة الإحساس بالمبادرة وإتخاذ القرار. ولاشك أن هذه الآثار النفسية تصاحبها آثار جسدية.
- الآثار الجسدية للعنف: وتتمثل خاصة في الإصابة بالتقرحات والكسور وتضرر في الأعضاء الداخلية، الحمل الغير مرغوب فيه، مشكلات بالجهاز التناسلي، الإجهاض، إلتهابات الحوض، الصداع المزمن، الإعاقة الدائمة، ضيق التنفس والربو، الألم المزمن بالحوض، والأمراض التناسلية المعدية إلى جانب الإنتحار، وجرائم القتلوإنتشار مرض نقص المناعة "الإيدز".
- الآثار الإجتماعية للعنف: تعتبر هذه الآثار من أشد ما يتركه العنف على المرأة، ولا نبالغ إذا قلنا أنها الأخطر والأبرز والمتمثلة خاصة في الطلاق، التفكك الأسري، سوء وإضطراب بين أفراد العائلة الموسعة، تسرب الأبناء من المدارس، عدم التمكن من تربية الأبناء وتنشئتهم تنشئة نفسية وإجتماعية متوازنة، جنوح أبناء الأسرة التي يسودها العنف وكذلك العدوانية والعنف لدى أبناء الأسرة التي يسودها العنف. وهذه الأثار الإجتماعية من شأنها أن تأثر إقتصاديا على المرأة و المجتمع،
- الآثار الإقتصادية للعنف: يؤدي العنف الممارس ضد المرأة إلى تكبد تكاليف إقتصادية ضخمة تخلف آثار عديدة على المجتمع قاطبة. فقد تعاني النساء من العزلة وعدم القدرة على العمل وفقدان الأجر ونقص المشاركة في الأنشطة المنتظمة كما تتكبد الدول أيضا تكالف باهضة جراء العنف حيث تتكبد الولايات المتحدة الأمريكية 5.8 مليار دولار في العام منها 4.1 مليار دولار للخدمات الطبية و1.8 مليار دولار من جراء الخسائر في الإنتاجية. أما في مصر ووفقا لدراسة جديدة فإن حوالي 147 مليار جنيه هي حجم الخيائر التي تكبدها الإقتصاد المصري خلال 50 عاما مضت جراء العنف الموجه للمرأة.
وبالتالي لاتكفي الأرقام أو مدى تأثير العنف على المرأة أو المجتمع للوعي بحجم هذه المعضلة. فالعنف ظاهرة من شأنها زعزعة تماسك المجتمع وإنسجام أفراده وبالتالي تقوده إلى التفكك والعنف لذلك وجب معالجة هذه الظاهرة. وأقول هذا ولست متشائمة، بل قلقة ومتسائلة عن ما يمكن أن يكون حلا وعاملا مساندا لكل الجهود المبذولة من أجل مجتمع خال من العنف وتسوده العدالة والمساواة.
إقتراحات للحد من ظاهرة العنف ضد المرأة.
أصبحت ظاهرة العنف ضد المرأة تمثل تهديدا لتنمية العالمية وإنتهاكا لحقوق الإنسان، مما دعا المجتمع الدولي والمحلي إلى وضع مجموعة من القواعد والمعاهدات والإتفاقيات للقضاء على هذه الظاهرة بهدف التخفيف من وطئتها على النساء وعلى المجتمع ككل، وإصدار العديد من القرارات والإستراتيجيات الداعية لتعزيز حقوق المرأة الإنسانية والقضاء على كافة أشكال العنف والتمييز ضدها. مثال لذلك إتفاقية سيداو، نظام روما الأساسي، بروتوكول باليرمو، القرار 1325 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إعلان الأمم المتحدة للقضاء على العنف لعام 1993 وإعلان ومناهج عمل بيجين. أما على مستوى الوطني فقد أولت العديد من البلاد أهمية كبرى لكيفية القضاء على ظاهرة العنف فهناك من الدول من سنت قوانين لحد من هذه المعضلة مثال لذلك فرنسا التي أقرت قانون يمكن المرأة من إستصدار حكم إستعجالي أو إذن على عريضة في إستبعاد الزوج من محل الزوجية ومنع إقترابه من الزوجة. كما أن هنالك من الدول من إستعانت بالتكنولوجية للحد من ظاهرة العنف مثل إسبانيا التي تعتمد أساور إلكترونية تلزم المعتدي على لبسه لتتمكن الشرطة من خلاله تحديد موقعه لدرء الخطر عن الضحية. وكذلك الشأن في تركيا إذ تلبس النساء أساور في المعصم يستطعن من خلال النزول على زر من طلب الشرطة كلما تعرضن للعنف.ولكن وعلى الرغم من المجهودات الدوالية والمحلية للقضاء على العنف ضد المرأة ورفع الظلم وإزالة الممارسات والأفعال تجهها، إلا أنه تعذر الحد من مخاطرها، بل تنامى مفعولها وتصاعدت أثارها السلبية الواقعة على جهود التنميةوأرساء معاييرالعدالة الإجتماعية والإقتصادية والسياسية، الأمر الذي يتطلب معالجة هذه الظاهرة معالجة جذرية تتمثل خاصة في:
- الحرص كل الحرص على القضاء على الأمية بين صفوف النساء من أجل التأثير إيجابا على مستوى الوعي بظاهرة العنف.
- تأمين الدعم والحماية للنساء المعنفات من النواحي النفسية والقانونية والإجتماعية، وإعادة دمجهن في الحياة الإجتماعية.
- رفع مستوى المعرفة بين صفوف النساء ووعيهن بحقوقهن من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، بإعتبارها أبلغ الوسائل تأثيرا في تعميم سبل نبذ العنف ضد المرأة وضرورة عدم السكوت عنه. إذ أظهرت دراسة أن 55 بالمئة من النساء العراقيات لا يعرفن الكثير من السلوكيات المصنفة عالميا بأنهاعنف، و59 بالمائة يوافقن على ضرب الزوج لزوجته لأي من الأسباب.
- وضع الأسس والأطر الضرورية للإحداث تغيير ثقافي يستهدف تعديل الإتجاهات والممارسات والصور النمطية السائدة عن المرأة، خاصة في الأرياف التي لايزال فيها الرجل ينظرللمرأة على أنها تابع له وجزء منه وإمتداد مكاني لوجوده.
- تعزيز القاعدة المعلوماتية والدراسات المتعلقة بقضايا العنف ضد المرأة ليسترشد بها راسمي السياسات والبرامج، فهناك ندرة في الأبحاث والدراسات المتعلقة بهذه الظاهرة.
- إحداث برامج تنموية صديقة للمرأة ومُولدة لفرص العمل، وذلك لتعزيز قدرة المرأة في مجال إتخاذ القرار ات الأسرية والإقتصادية والسياسية، لبناء ذاتها وإعادة الثقة بنفسها.
- وضع برامج وآليات لإشراك الرجل في مناهضة العنف ضد المرأة.
- سن وتطوير التشريعات والقوانين والإجراءات القانونية التي تنسجم مع مبادئ القرارات والإتفاقيات الدولية والإقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان ومناهضة العنف ضد المرأة.
- مزيد تأسيس أقسام للمشورة الأسرية ضمن الوحدات الصحية المنتشرة خاصة في الأرياف.
وفي النهاية فإن المشوار مازال طويلا بل أنه في بداياته الأولى حت تتغير العقلية، وتصبح المرأة إنسانا وكيان إعتباري ثابت، لايمكن في أي وقت التنازل عن حقوقه والتضحية بمكتسباته. إن إيجاد الحلول الشافية من حالة العنف ضد المرأة يتطلب عملا وجهدا يتراكم في ضمير البشرية، ويزيل كافة التراكمات والموروثات المنتجة والمحفزة له. والتي إستقرت منذ ما لايمكن تحديد بداياته، وفي سبيل ذلك سيكون لكل مرحلة ولكل زمان ومكان أولويات عمل تتراكم لتصب في تحقيق الهدف. واليوم بعد أن بات الضوء أكثر تسليطا على قضايا العنف ضد المرأة، ورغم سعي المنظمات الدولية والمؤسسات الأهلية والجمعيات والنساء الناشظات الحقوقيات برفع الصوت حول هذا الموضوع فإن مسألة العنف ضد المرأة تظل قضية عالمية، ويبقى لليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة أهمية كبرى في إطار العمل الجاد والحقيقي من أجل وضع خطط عالمية تقضي بوقف كل عنف يُمارس في حق أية إمرأة في أي بلد كان. وهذا وتسعى العديد من الدول إلى إعتماد قانون خاص بقضايا العنف ضد المرأة. وعلى الرغم من الجهود المبذولة من أجل التصدي لهذه الظاهرة فإن واقع الحال يؤكد أنه مازال يتعين القيام بجهود جبارة للقطع مع السلوكيات التي تعتمد العنف الأسري الذي يحتاج إلى تحرك الجميع بصفة سريعة وجدية لوقف إرتفاع معدلاته. فاليعلو صوتنا نحن النساء في كل مكان، رافضات العنف بكل أشكاله وتجلياته مهما كان مصدره قريبا لإنتمائنا العائلي أو الروحي...ولنردد جميعنا....لا......لا......ثم لا لكل أشكال العنف ضد المرأة في أي مكان في الأرض