إعداد :
أمنية محمد عبد الفتاح
د / يحيي حمدي محمد البشار
الإمبراطور كلاوديوس
توليه العرش:-
كان كلاوديوس عم الإمبراطور الراحل كاليجولا وقد كان مضحكة القصر وموضع احتقار كاليجولا، وقد أمسك به أحد حراس القصر من خلف الستائر داخل غرفة الجريمة عند مقتل الإمبراطور السابق وقد أخذ يتهته خوفًا على حياته كما رأى بعينيه المشهد التراجيدي المريع، ومرت لحظات تبادلت فيها مجموعة الحرس البرايتوري النظرات وفاجأ أحدهم الجميع وتوجه إلى كلاوديوس حاملا إياه على أكتافه وهاتفًا بحياته إمبراطورًا جديدًا خلفًا لكاليجولا.
وذكر عن كلاوديوس أنه رجل أبله وغبي وتولى العرش وقد تجاوز الخمسين من عمره، ولكنه لم يكن يخلو من الحكمة، وذو إحساس ذكي بالذوق العام وذو خيال واسع لم يتمتع به لا أوغسطس ولا تيبيريوس.
*السياسة الداخلية :-
وقع كلاوديوس ضحية جبهتي تأثير على شخصيته الطيبة، وكانتا هاتان الجبهتان متعارضتين أو بالأحرى متناقضتي التأثير، وقفت زوجتا الإمبراطور في ناحية وهن مسالينا وأجربينا الصغرى وكانتا امرأتين لا خلاق لهما وأزعجتا الإمبراطور كثيرًا واستغلتا ضعفه أمامهما، ثم الجبهة الأخرى المكونة من ثلاثة موظفين عتقاء يديرون شئون القصروهم:-
- ناريسيوس خاص بالمراسلات.
- كاليستوس كان قائمًا على حفظ الشكاوى والالتماسات الموجهة إلى الإمبراطور من الأفراد العاديين.
- بالاس كان قائمًا على حساب القصر والإمبراطور.
وكانت نتيجة الصراع في صالح الجبهة الثانية من الرجال الذين استطاعوا إقناع الإمبراطور باتخاذ إجراء ضد مسالينا فأمر بقتلها بعد أن شاع في روما سيطرة نساء القصر على كلاوديوس حيث كان لمسالينا دسائسها ضد رجال القصر والمجتمع الروماني.
- أظهر كلاوديوس احترامًا شديدًا لسياسة أوغسطس واتخذ لقبه قسمًا غليظًا لديه، كما أظهر تبجيله للسناتوس. وجه ضربة قاضية للطبقة الأرستقراطية عام 47م عندما أعاد إلى الوجود وظيفة الكنسور(الرقيب) ووضعها في يده هو.
- أوقف العمل بقانون الخيانة العظمى الذي أرهب الجميع.
- اهتم الإمبراطور شخصيًا بالشئون القضائية اهتمامًا خاصًا وسيطر معه أمناء ومديرو الشئون المالية على السلطة الفعلية في البلاد.
- اهتم اهتمام خاص بحركة الإنشاء والتعمير فأكمل بناء جسور المياه العلوية والمجاري وبنى ميناء أوستيا وأشرف على إنشاء الطرق والمرافق العامة.
- سهل إجراءات تفريغ ودخول البضائع إلى روما وشجع أصحاب السفن وأعطاهم امتيازات عدة لتوصيل الغلال إلى العصمة من الميناء.
- حرص على توزيع القمح الرخيص على الشعب الروماني وكان ذلك يتم تحت إشراف اللإمبراطور شخصيًا.
السياسة الخارجية:-
لم يكن كلاوديوس تقليديًا في إدارته للإمبراطورية الرومانية وعمل ما كان من شأنه تغيير صورة أباطرة الرومان السابقين عليه والذين فقدوا الثقة في تيبيريوس وكاليجولا، فعاد بسياسته إلى سيرة أوغسطس الأولى بل وسياسة التوسع الخارجية في عهد يوليوس قيصر الطموحة التوسعية.
- نجح في ضم كل من بريطانيا وموريتانيا وأبقى على وضع الولايات الصديقة مثل ولاية ثراكي في شمال اليونان وجعلها ولاية رومانية بعد موت ملكها. وكا ن كلاوديوس في عام 44م قد اعتبر مملكة يوديا شبه ولاية رومانية ووضع عليها مسئول روماني بدرجةProcurator .
- حرص كلاوديوس على قيام علاقات وثيقة مع ممالك البحر الأسود وقام بتطهيره من القراصنة Piratae .
- لم يفرق بين روماني روما وبين سكان الولايات فقد منحهم الجنسية الرومانية وخاصة شعوب الغال، وقد عين بعض زعمائهم بالفعل في مجلس الشيوخ كأعضاء وعاملين لهم نفس حقوق المواطنين الرومان في العاصمة.
كان كلاوديوس دبلوماسيًا حريصًا على مصالح إمبراطوريته وعاصمته على وجه الخصوص .
الإمبراطور نيرون
توليه العرش:-
وصل نيرون إلى العرش الإمبراطوري في هدوء وذلك بمساعدة مربيه الكاتب الكبير والفيلسوف سينيكا وكذلك رئيس الحرس البرايتوري بوروس.
لقد كان غلام، مدلل، ذو ستة عشر عامًا، ربته امرأة، يحكم إمبراطورية هي أقوى وأكبر كيان في ذاك الزمان، من أب نبيل عرف بأنه أغلظ الناس قلبًا وأقساهم طباعًا. وقد كانت أمه متسلطة تريد أن تجمع كل الخيوط في أيديها هي، ولم تضع ابنها على العرش إلا صورة وغطاء يخفي ممارساتها الفعلية.
استطاعت الأم أجريبينا أن تسيطر على زمام الأمور بيدها لمدة قصيرة ولكن سرعان ما نهض الابن نيرون بأعباء الحكم الإمبراطوري، وحاول القيام ببعض الإصلاحات مثل التعديلات الضرائبية ومنع الألعاب ومنافسات المبارزة الانتحارية التي كان يفضلها كلاوديوس.
وعندما ثبت عدم إمكانية تحقيق وتنفيذ تلك الأفكار فقد نيرون الرغبة في الإصلاح واندمج في اهتمامات أخرى تتفق وسنه مثل سباق العربات والموسيقى والمسرح وسهرات المجون والعبث مما أطلق يد سينيكا وبوروس لتسيير دفة الأمور في الإمبراطورية ومن خلفها مساندة رجال السناتوس الأقوياء.
هنا نشأ صراع بين جبهتين: جبهة الأم وجبهة مستشاري الإمبراطور الصغير الذي بدأ يحس بمضايقات الأم في كل تصرفاته وأراد أن يتخلص منها فأمر بقتلها وتمت المؤامرة بإغراقها عام 59م، وكانت هذه ثاني جريمة يقدم عليها هذا الصبي ليتخلص ممن حوله، الجريمة الأولى كانت عام 55م أي بعد عام واحد من توليه العرش، وعندما خطط لمقتل بريتانيكوس بن كلاوديوس، ونفى كذلك ابنة الإمبراطور نفسه (أوكتافيا) حتى لا يبقى أي أثرر لوراثة العرش الشرعية.
تزعم أحد رجالات السناتوس مؤامرة ضد الإمبراطور الشاب، وكان السناتور بيزو ولكن انكشف أمره هو وأعوانه وكان مصيرهم الإعدام مثل كثيرين آخرين لاعتراضهم على الإرهاب الإمبراطوري .
تدهورت سمعة الإمبراطور تدهورًا واضحًا في روما ولاسيما عندما ظهر على المسرح ليقدم أولى أعماله الفنية ،وكانت هذه الفضيحة لإمبراطور روما( والتي صعق لهولها رجالات السناتوس المحافظين).
أجبر نيرون الكثيرين من شخصيات مرموقة سواء قادة أو عسكريين أو رجال فكرعلى الانتحار ،مما جعل الجميع –على اختلاف مواقعهم- يؤمنون بأن دوام الحال من المحال وبالتالي فكروا جميعًا في التخلص منه.
كانت سياسة نيرون الداخلية مليئة بالصراعات الدموية وعمليات الإعدام المستمرة لشخصيات رومانية كبيرة وأحب الظهور والاهتمام بالثقافة اليونانية بما فيها ألعابها.
نهاية نيرون والأسرة البوليوكلاودية:
قامت ثورة عام 68 م بقيادة قائد يدعى فندكس حاكم جالبا الوسطى، ولكن جالبا حاكم أسبانيا كان قد اتصل بفندكس سرًا ، ولحق به أوتو ( زوج بوبيا السابق عشيقة نيرون وزوجته الآن) ونادى به جنوده إمبراطورًا ، وقد أكد السناتوس ذلك في روما ، وأعلن الحرس البرايتوري تضامنه مع جالبا ، عندئذ أدرك نيرون سوء موقفه، فهرب ومعه بعض رجاله المخلص ، وفقد عقله وراح يصرخ قائلًا: واحسرتاه علي ، أنا الفنان ، ألقى حتفي. ودفع بخنجره إلى عنقه ومات منتحرًا في يونيو عام 68م.
المراجع المستخدمة
كتاب حضارة الرومان منذ نشأتها وحتى القرن الأول الميلادي لدكتور محمود إبراهيم السعدني