إعداد /
أمنية محمد عبد الفتاح د / يحيي حمدي محمد البشار
مقدمة
لا شك أن قدماء المصريين قد ورثوا علوما شتى قد اثرت علي سائر العالم، فكان من الشيق أن نبحث عن الألعاب الرياضية وشغل أوقات الفراغ عند قدماء المصريين وكيفية قضاء وقتهم في مثل تلك الألعاب .
أساليب شغل أوقات الفراغ عند قدماء المصريين كما في شكل 1:
الرياضة بأنواعها:-
- ألعاب يسيرة الأداء والأوضاع.
- ألعاب عنيفة وشاقة.
- ألعاب الحظ والفكر.
وسائل التسلية:-
- مشاهدة ألعاب الأطفال.
- المآدب والولائم.
- الخروج للصيد.
- الخروج للتنزه.
- تفسير الأحلام وسرد القصص.
شكل 1 يوضح تقسيم شغل أوقات الفراغ والرياضة عند قدماء المصريين
أولًا الرياضة بأنواعها :
كان الغرض منها تنمية البدن والرشاقة، فضلاً عن أغراض اللهو والمتعة، وفي الواقع أن الرياضة لم تكن ميسرة لغير القلة من الناشئين، مثل أبناء الأثرياء والمحترفين وبعض العسكريين ومن تسمح لهم ظروف معيشتهم بأوقات فراغ واستمتاع، وكان من أنواع الرياضة :-
أ- ألعاب يسيرة الأداء والأوضاع :-
وتشمل تمارين بسيطة باعتبارها من ألعاب اللهو والتسلية وكانت تشمل تمارين أخرى سجلتها مناظر ترجع إلى القرن العشرين ق.م.
وتتألف من :-
* ألعاب المرونة وحفظ التوازن :
- تمرين لف الجذع الأعلى في شدة .
- تمرين صور حركة سريعة ينقلب فيها غلام على ناحية رأسه, ويحفظ توازنه في استقامة كاملة دون أن يرتكز على يديه أو كفيه .
- تمرين آخر جلس اثنان فيه متظاهرين على الأرض وحاولا الوقوف دون الاستعانة باليدين .
- وتمرين رابع لمرونة الظهر وتقوية الأطراف ومحاولة الانثناء إلى الخلف في قوس كامل .
* العدو:
تعد رياضة العدو أول رياضة يمارسها الإنسان، فقدماء المصريون كانوا يتبارون في سرعة الجري، ومن تلك الأمثلة التي توضح ممارسة العدو مناظر في مقبرة “بتاح حتب ” بسقارة ترجع إلى الأسرة الخامسة، ولقد وصلت رياضة العدو درجة كبيرة من الأهمية إذ نجح فيه الفرعون تولي عرش مصر، حيث كان شرطاً أساسياً لتولي الحكم أو التجديد للفرعون أن يقطع مسافة محددة عدواً منفرداً أو مسابقًا حيوانًا لكي يثبت أنه بصحة جيدة تؤهله إلى الحكم، والدليل على ذلك النقوش الموجودة بالمقصورة الحمراء بمعبد الملكة حتشبسوت بالكرنك حيث نرى الملكة وهي تعدو .
* السباحة:
أغرم المصريون القدماء بممارسة السباحة، فكانوا يخرجون إلى شاطئ النيل لممارسة رياضة السباحة، وأهالي دندرة كانوا يغطسون في مياه النيل ويعبرونه بكل سهولة دون خوف من التماسيح، وقد صورت النقوش الأثرية العديد من مناظر السباحة، منها صورة تمثل فتاة وهي تعوم بين زهور اللوتس, وهناك نماذج أثرية عديدة تمثل رياضة السباحة منها وعاء من الألباستر على هيئة فتاة سابحة في النيل, كما ورد رسم سباحين على جدران مقبرة مري روكا .
* الفروسية :
رغم أن المصريين القدماء لم يستخدموا الخيول إلّا في الفترة الوسطى من تاريخهم، ويرجح العلماء أن استخدام الخيل تزامن مع دخول الهكسوس مصر، فقد اهتم المصري القديم برياضة الفروسية، فأصبحت من الرياضات التي يجب ممارستها، وظهرت مناظر عديدة للفروسية على الآثار المصرية منها منظر على معبد رمسيس الثاني .
* القفز العالي :
أو ما يسمى بالوثب العالي، وكانت تلك الرياضة معروفة في مصر القديمة حيث تظهر مناظرها في مقبرة الوزير بتاح حتب الموجودة في سقارة .
* كرة اليد :
كان اللعب بالكرة كما في شكل 2 معروفًا في مصر القديمة، والمصريون القدماء أصحاب اختراع كرة اليد، فقد وجد على جدران المعابد والمقابر الفرعونية أن قدماء المصريين مارسوا لعبة كرة اليد، وقد سمح المصري القديم للفتيات بممارسة الرياضة، حيث ظهرت المناظر العديدة لتلك اللعبة على جدران مقابر بني حسن بمحافظة المنيا، وهناك طريقة أخرى للعب وهي أن تعتلي فيها فتاة ظهر زميلتها ثم تتقاذفن بثلاث كرات صغيرة في حركات سريعة متلاحقة .
شكل 2 يوضح مجموعة من الفتيات اثناء لعبهم لكرة اليد
* الهوكي :
مارس قدماء المصريين لعبة الهوكي منذ آلاف السنين، ثبت ذلك من النقوش والرسوم التي اكتشفت بمقابر بني حسن بالمنيا، فيظهر في هذه النقوش لاعبين قد أمسكوا بعصا معقوفة استعدادًا لضرب كرة صغيرة في انحناءة رياضية .
* التجديف :
مارس المصريون القدماء رياضة التجديف في نهر النيل أو البحار المحيطة بمصر، وتحتفظ الآثار المصرية بالعديد من النقوش والنماذج التي توضح رياضة التجديف من الدولة القديمة ومنها منظر المجدافين من الدولة الحديثة .
ب- ألعاب عنيفة وشاقة :-
نوع آخر من الألعاب استلزم أداؤها نصيبًا كبيرًا من المجهود والمهارة والتمرين الشاق، وأداها هواة ومحترفون ومارسها العسكريون ومنها :-
1- المصارعة :-
- وقد صورت على جدران بعض المقابر في الدولة القديمة، اشترك في أوضاعها صبية صغار . فهناك منظر في مقبرة بتاح حتب من القرن الخامس والعشرين قبل الميلاد .
- وعثر من الدولة القديمة على أوستراكا عليها شابان يتصارعان .
- ومن الدولة الوسطى عثر على لوحات من القرن العشرين ق.م فيها أوضاع مختلفة للمصارعة كانت تقام في ساحات عامة وكانت هذه الساحة تحدد جوانبها بعلامات وتفرش برمل أو حصير .
- وفي مقابر بني حسن رسم الرسامون 219 وضعًا للمصارعة وكلن الهدف من هذه الأوضاع هو الرغبة في التغلب على الخصم بعد الاشتراك معه في مباراة منظمة ومجهدة في الوقت نفسه .
- وشغلت مناظر المصارعة لوحات كبيرة في عصر الدولة الحديثة، اشترك فيها العسكريون وشاهدهم الملوك في مناسبات النصر الحربي واحتفالاته .
- وتبدأ مباراة المصارعة بأن يشد كل لاعب يد منافسه بيسراه ويجذب عنقه بيمناه, وهو تقليد لا زال ساريًا حتى اليوم. وكان يشترط للفوز أن يجبر المغلوب على أن يلمس الأرض في أوضاع مختلفة .
2- الملاكمة :-
- المصريون القدماء أول من تدرب على ممارسة رياضة اللكم، بهدف الدفاع عن النفس ومن ثم الدفاع عن الوطن, مما يؤكد أن مصر الفرعونية عرفت رياضة الملاكمة قبل الإغريق بقرون .
- هناك منظر يمثل اثنين في وضع يشبه أوضاع الملاكمة في نقش من مقابر بني حسن, وهناك صورة باقية من القرن الرابع عشر ق.م تصور مباراة ملاكمة بين خصمين .
3- حمل الأثقال :-
- وهي محاولة رفع غرارة مليئة بالرمل حتى ثلاثة أرباعها بساعد واحد إلى أعلى, مع الاحتفاظ بها في وضع قائم ما أمكن. ويوجد هذا المنظر في أحد مقابر بني حسن .
4- المبارزة :-
تعد لعبة المبارزة لعبة مصرية خالصة، فقد توصل المصريون القدماء إلى ممارستها وأعدوا لها أدواتها والأقنعة التي استخدمت لحماية الوجه، وقد ظهرت أول مباراة للمبارزة عند قدماء المصريين في نقوش معبد مدينة هابو القريبة من الأقصر، والذي يرجع إلى عصر الملك رمسيس الثالث، حيث ظهر فيها المبارزان ممسكان بأسلحة مغطاة عند طرفها ومرتديان أقنعة لحماية الوجه تشبه إلى حد كبير الأقنعة الحديثة التي تستخدم في مباريات سلاح الشيش . وقد مارسها المصريون للرياضة والتسلية أحياناً ومارسوها خلال التدريبات العسكرية أحيانًا أخرى، وتطلب من لاعبيها المهارة وقوة الساعد.
5- ألعاب الحظ والفكر:-
- أغرم المصريون القدماء بألعاب منزلية شتى تحتاج إلى فكر، فقد عثر على كثير من قطع اللعب المصنوعة من سن الفيل، كما كان لدى المصريين لعبة تشبه لعبة الضاما تمارس على رقاع مقسمة إلى مربعات اختلف عددها, ولو أن أغلبها كان يتكون من ثلاثين أو ثلاثة وثلاثين مربعًا صغيرًا مقسمة إلى ثلاثة صفوف, كما ظهرت لعبة السنت ومعنى التسمية “مرور, عبور, اجتياز ” .
- وهناك كذلك لعبة الثعبان تستخدم فيها قطع لعب على شكل كرات صغيرة . وكان الهدف منها هو إدخال الكرات إلى مركز الدائرة في الوسط .
- توجد بالمتحف المصري مجموعة من ألعاب، ورقعات للعبة الضاما وأنواع من لعبة المنفرد، وعرائس من الخشب وكرات من الجلد والقش والخيط ولعب للأولاد .
ثانيًا وسائل التسلية :-
1- مشاهدة ألعاب الأطفال :
- مشاهدة ألعاب الأطفال وهم يلعبون ويمرحون كان باعثًا للبهجة والسرور في أفئدة الآباء, وكان من ألعاب الأطفال :
- اللعب بالكرة وهي من أحب الألعاب إلى قلوب الفتيات .
- لعبة إخفاء الوجه .
- لعبة الطوق .
- ألعاب القفز المتنوعة .
- أغرم الأطفال الصغار بالصعود فوق الأطفال الكبار .
- وهناك مناظر عديدة تعبر عن ألعاب الأطفال منها :
- منظر يمثل بعض الأطفال من بينهم غلامان يتبارزان بسيوف قصيرة .
- غلام يحمل طفلين فوق ظهره .
- يوجد منظر في مقبرة من مقابر الدولة القديمة في سقارة يمثل بعض ألعاب الأطفال من بينها لعبة الدوران والمرح.
- يوجد منظر لأطفال يتصارعون ويلعبون ويوجد هذا المنظر في مقبرة بتاح حتب بسقارة.
2- المآدب والولائم :-
- كان من أكبر دواعي السرور عند المصريين أن يجمعوا عددًا كبيرًا من الأقارب والأصدقاء حول الموائد لتناول الطعام ولاسيما عند الطبقات الغنية، وكان يسبق الوليمة حركة كبيرة في المخازن والمطبخ وفي كافة أرجاء المنزل، ويستدعى بعض الموسيقيين والمغنيين والراقصين من الجنسين، كما يستعد كل شخص في المنزل ولا يبقى سوى حضورالمدعوين.
- وكان الرجال حريصون في هذه المناسبات على حسن المظهر في الملبس وتصفيف الشعر, وكانوا يستخدمون شفرات مصنوعة من المعادن لقص الشعر, كما حرصت النساء أيضًا على وضع أنواع الزينة والتواليف من مساحيق وأصباغ وملابس فخمة وشارات وأيضًا أدوات لتصفيف الشعر وتقليم الأظافر .
3- تفسير الأحلام وسرد القصص:-
كان تفسير الأحلام من الأمور المحببة وتقص علينا بعض النصوص ما يراه الإنسان في منامه وما يجب عليه تحقيقه من رغبات للمعبودات التي تحدثت إليه في منامه .
وكذلك سرد القصص كان من الأشياء المفضلة، فبردية وستكار في متحف برلين تظهر لنا خوفو مهتمًا بقصص السحرة التي يرويها له أولاده كل بدوره .
ويبدو أن هذا اللون من التسلية كان شائعًا عند جميع الطبقات. وبالمتحف المصري لوح غريب على شكل ناووس عليه أبيات من الشعر اليوناني, ملئت بالمداد الأسود، وكان لعراف كريتي يحترف تفسير الأحلام لزائري السرابيوم بسقارة، من عصر البطالمة .
4- الخروج للتنزه :-
تذكر بعض النصوص أن المصريين كانوا يخرجون للتنزه، ونرى بعض المناظر الموجودة على جدران بعض المقابر,مناظر تمثل بعض الحدائق التي كانوا يفضلونها ويتنزهون فيها، وأنواع الأشجار والأزهار التي كانت تروق لهم, وما كانوا يرونه في البحيرات ومستنقعات البردي من بط وفراشات بألوانها الجميلة المتعددة . ونرى أيضًا مناظر القطيع الذي يرعى كلأه والأسماك تحت الماء بألوانها الجميلة المتعددة .
5- الخروج للصيد:-
أولًا صيد البر:
- صيد الحيوانات:-
كان الصيد البري رياضة لعلية القوم كما في شكل 3 , فقد أولع هواة الصيد بالخروج إلى أودية الصحراء يطاردون فيها الحيوانات البرية مستخدمين القوس والسهم, وكانوا يصيدون الثيران الوحشية والماعز والغزلان والوحوش والثعالب والأرانب والنموس والضباع والأسود والزراف والنعام والفيلة.
وممن عرف عنهم حب الصيد:
ساحورع – تحتمس الثالث – تحتمس الرابع – أمنحتب الثاني – توت عنخ آمون – سيتي الأول.
شكل 3 يوضح توت عنخ آمون أثناء الصيد
- صيد الطيور:-
من أهم الطيور عند قدماء المصريين الإوز والبط والبجع والسمان والعصافير وقد حرم صيد بعض الطيور المقدسة كالصقر رمز المعبود حورس وطائر أبو منجل رمز المعبود تحوت.
واستخدم لصيد الطيور عصا الرماية أو الشباك.
ثانيًا صيد البحر :
- الأسماك :-
كانت هواية صيد الأسماك كما في شكل 4 تمارس كرياضة ووسيلة من وسائل التسلية فكان يتم اللهو بمحاولة إصابة السمك بالحراب وأحيانًا تستخدم حراب ذات حدين .
شكل 4 يوضح قدماء المصريين اثناء صيدهم للأسماك
- فرس النهر:-
هوى علية القوم صيد فرس النهر مستخدمين في ذلك حرابًا خاصة طويلة ذات أنصال معدنية مدببة في نهايتها. وكان صيد فرس النهر مثيرًا ولكنه في الوقت نفسه شديد الخطورة ولذا فكثيرًا ما كان يقوم به الأتباع والخدم تحت إشراف سيدهم.
المراجع المستخدمة
- Rosalie David, "Handbook to Life in Ancient Egypt, Revised Edition", Library of Congress Cataloging-in-Publication Data, 2003
- Nigel B. Crowther, "Sport in Ancient Times", Library of Congress Cataloging-in-Publication Data, 2007
- The Oxford Encyclopedia of Ancient Egypt G-O ( vol 2 ) by Donald B. Redford , Oxford University Publication, 2000
- Joyce A. Tyldesley, "Egyptian Games and Sports", Shire Publisher , 2008