"أحباب الله "رواية من وراء القضبان التونسية/سيرة فتى كشف عورة الزعيم

2020-10-16

ي

إنْ كان الكلام عن الأدب في عمومه صعبا، وإنّه يزداد صعوبة في السِّيَرِ الذاتيّة لأنّ تناول سيرة كاتب، هو تماما كالدخول لبيته وحاضنته، فتجد نفسك كقارئ مكتفيا بالقراءة دون جرأة في التفكير في الكلام عمّا تقرأ، ففي حضرة الألم يخرس اللسان، ويصبح الأمر بالغ الصعوبة إن وجدت نفسك تطالع سيرة لسجين سياسي سُجِنَ وحِيلَ بينه و بين الحريّة زمنا، فكان التأريخ لمحنته ملاذه الوحيد لإنقاذ نفسه وذاكرته لكن وبتواضع كبير أمام عذابات المساجين السياسين، كان من الواجب علينا الكتابة عن أدب السجون التونسي الذي لم يأخذ حظّه في تونس إطّلاعا ودراسة رغم المآسي الإنسانية التي شهدتها الجمهورية منذ الإستقلال إلى سقوط نظام المخلوع ورغم الشهادة الخالدة عمّا جرى من إنتهاكات لحقوق الإنسان خلال تلك الفترة المظلمة من تاريخ تونس .

1 - كمال الشارني

صحفي تونسي منذ سنة 1989 عمل بجريدتي الصحافة والشروق والآن يمارس مهنته التي أتعبته وأتعبها بإذاعة تونس الثقافية .

الشارني رجل قدم من عمق الريف التونسي الذي مازال حضوره طاغيا في حنينه له وشوقه الأزلي لمضارب أهله، وهو ما نقرأه  واضحا في نصوص كثيرة ينشرها بصفحته على الفايسبوك أو من خلال الصور التي يتذكر بها أيّاما خلت من حياته .

هو إبن سركونة، الناظور، الكاف وهو مزيج من السهول والجبال وبعضٍ من واد ملاق وسدّه العظيم .

هو طفل مازال يحلم بتسّلق أشجار الغابات الكثيفة، يملأ صدره بروائح الأعشاب التي لا حصر لها، هو فتى يسابق الريح في مجاري الأودية ويخاف عواء الذئاب في الليل فيحتمي بظهر أبيه ويدسّ رأسه في حجر أمّه .

هو شاب بعثَرَتهُ دولة الإستقلال في ريفه، فرحل عنه مضطرّا يبحث عن شتات نفسه في المدينة التي غاص فيها حد الكهولة فغرق  ولم يعرف النجاة منها حتى بعد أن كتب " أحباب الله"، إذ مازال به بعْضُ وَجْد على أيّام كان يقضيها في أعالي دير الكاف ينْقَع فؤاده الذي أضناه طول الهجر .

كمال الشارني صديق لقلمه، هما يشبهان بعضهما، لذلك حين تقرأ له كأنّك تجالسه، هو حاضر في كلماته وفقراته، هو يكتب نفسَه  لِنفسِه فيصنع روحا جديدة من روح قديمة متهالكة .

2 - أحباب الله

قرأت رواية " أحباب الله" للمرة الأولى منذ سنة، حينها بدأت الكتابة عنها لكن توقفت لأنّها رواية تقطر ألما وتفيض وجعا، لكن بعد سنة عدت بشجاعة لقراءتها ثانية بكثير من التأنّي لعلّي أنصف شخوصها بإحساس أكثر بما قاسوه في زنازين الزعيم وخلفِه الهارب ودولتِهما الظالمة التي قطفت أحلامهم وقصفت أعمارهم فأعادتهم، هذا إن حصل ذلك أصلا، ذواتاً مهشّمة إحتاجت وقتا طويلا للترميم لكنّ الندوب مازالت ظاهرة لمن إنتبه أو أنصت لأنّات حبيسة في صدور من مرّ من هناك، من الزنازين .

"أحباب الله "، رواية للكاتب الصحفي والأديب التونسي كمال الشارني، تقع في مائتين وست صفحات، وهي صادرة عن منشورات كارم الشريف سنة 2012 في طبعتها الأولى، صمم غلافها الداخلي الفنان التشكيلي حسين مصدق أما تصميمها الداخلي فكان لإبراهيم بن هقي وراجعها لغويّا محمد الثابت .

هذه الرواية من نوعية الروايات التي لا تقرأ بل تُتَعَاطَى، فالرواية التي تقرأ هي تلك التي لا تترك لديك إنطباعا كبيرا بل تمرّ بها كمرورك بكلّ ما هو مكرر فلا يشدّك إليها شيء مميّز فتنساها وتنسى كاتبها بمجرّد طيّك لصفحتها الأخيرة هذا إِن أكملتها، أمّا الرواية التي تُتَعَاطَى فهي التي تعيش معها شعورا كالذي يعيشه متعاطي مخدّر ما إذ أنّك تبدأوها فَتَدْخُلُكَ وتُدْخِلُكَ عالمها فلا تخرج إلاّ حين تتمها، كما تجبرك أن تحياها كأنّك أحد شخوصها وتتفاعل مع أحداثها و لا تشعر بأنّك لست من عناصرها إلاّ حين ينتهي بك المطاف وتستفيق من خَدَرِك الذي كُنْتَهُ طيلة أحداثها .

هذا ما فعَلَته بي رواية " أحباب الله" التي كتبت عنها في يوم سابق بأنّها قادرة على تحويلي لمجرم ولطالب ثأر يبحث عن الثأر لكلّ تلك الدماء التي أريقت والأعراض التي أنتهكت في زنانزين الزعيم الذي لم يرحل قبل أن يدنّس طفولة " أحباب الله" ثمّ مرر مشعل البطش لخلفِه الذي أكمل ما بدأه معلّمه إلى أن أطاحت به ثورة الشعب التونسي سنة 2011 .

إستهلّ الكاتب روايته بالتأريخ لبداية كتابتها حيث يقول " في الأصل بدأت كتابة هذه الرواية في منتصف شهر ماي 1986 على ما  بقي من أوراق كرّاسي المدرسي لمادّة الفلسفة في السجن المدني بالكاف" ص 9، وقد ذكر بأنّ فكرة الكتابة جاءته بعد أن رفضت إدارة السجن تمكينه من إجتياز إمتحان الباكالوريا فقرر أنّ يبدأ كتابة يوميات سجنه في الكراريس التي كان من المفترض أن يستعملها إستعدادا للباكالوريا لينتهي به الأمر لتهريب هذه المادة الروائية من سجن القصرين بعد أكثر من سنتين قضاهما بين سجني الكاف والقصرين حيث يقول في ذلك " وعندما غادرت سجن القصرين، منتصف نهار 6 نوفمبر 1988، تمكنت من تهريب 462 صفحة كرّاس مدرسي مكتوبة بخط اليد بأقلام وألوان مختلفة تتراكم فيها أحداث وتتكرر" ص 11، وقد إعتبرها غنيمة حرب وهي فعلا لأنّها أضاءت لنا جانبا مظلما من تلك الفترة الحالكة التي شهدت حربا لنظام مستقوي بأجهزة الدولة على الجميع ومنهم أحباب الله الذين لم يكن لهم من ذنب سوى أنّهم أبناء فقراء، كان يحتاجهم الزعيم ليتمثلهم أعداء يثخن فيهم فيثبت بأنّ دولته تنتصر أمام من يشاغبها وهو تماما ما فعله مع آبائهم حين ألقى بهم أيضا في الزنازين عقب الإستقلال بعد موجات متفرقة من مناهضة حكمه .

تنقسم الرواية لثلاثة فصول، الأول " الجوع والجنون"، الثاني " تاجروين، لسنا مسؤولين عن سلامتك" والثالث " الأب الغائم" .

يمتدّ الفصل الأوّل لمحنة أحباب الله من الصفحة خمسة عشرة إلى الصفحة الواحدة والثمانين، وكما يظهر من عنوانه فهذا الفصل هو حقًّا فصل من الجوع والجنون، جوع للحريّة المفقودة التي طاردها أحباب الله في أزقّة وشوارع مدينة الكاف وجنون لأنّهم ظنّوا أنّ  ذلك ممكنا مع نظام الزعيم الذي كان يرى أن الحريّة ترفا مازال الشعب بعيدا عن مناله، لكن قبل ذلك إستهلّ الشارني هذا الفصل بالحديث عن بداية محنته الشخصيّة والتي ستكون الخيط الذي سيقود القارئ لإكتشاف ما كان يحدث خلف جدران المعتقلات اللّعينة، فحادثة تصدّيه لسجّان متسلّط يهوى إيقاع الألم بالمساجين وضربه له، كانت البداية لما قاساه الكاتب فيما بعد رغم أنّه يقرّ بأنّه عرف سجانين آخرين كانوا مختلفين عن هذا المتسلّط، فمن تلك اللحظة بدأت المعاناة لكنّ الكاتب ورغم ما تعرض له من تعذيب فإنّه تناسى وجعل سلواه في توثيق ما يعانيه الأخرون الذين نقل معاناتهم ومآسيهم التي مهما تخيّلت فإنّك ستدهش حين تقرأ ذلك الواقع بقلم تميّز حقّا في وصف ذلك الوجع والتدمير الممنهج للذَّات البشريّة وكيف تتمّ صناعة المجرمين والمنحرفين داخل الزنازين .

أما الفصل الثاني " تاجروين، لسنا مسؤولين عن سلامتك" فيمتد من الصفحة خمس وثمانين إلى الصفحة مائة وواحد وستين، حيث يتحدث الكاتب عن أولى مِحَنِه حين تمّ نفيه عن مدينة الكاف إلى مدينة تاجروين وهذه الغربة المقيتة التي سيعيشها طوال فترة بقائه فيها والتي ستنتهي بمحنة أشدّ وأهلك حين يتمّ إتهامه بمحاولة إضرام النار بمبيت المعهد فينتهي محكوما بخمس سنوات سجن نافذة .

تاجروين هذه المدينة ذات الذاكرة المثقوبة أو التي بلا ذاكرة كما يقول الكاتب، مدينة لا تحبّ الغرباء، شديدة الحذر منهم، مدينة رفضته فرفضها وكأنّ بداية وصوله لها تنبئ عن النهاية التي سيكون عليها حين يخرج منها إلى الزنازين بعد أن تواطأت الظروف و الأشخاص والمدينة ذاتها ضدّه ليشهد الجميع بأنّه الخطر الأكبر الذي قَدِمَ من الكاف لينشر الشرّ والخراب في تاجروين كما قدّمه  مدير المعهد ليلة ذات مداهمة للبوليس لمهاجع نومهم في مبيت المعهد .

في هذا الفصل يبكي الكاتب حبّه الذي خلّفه وراءه في مدينة الكاف وهذه المشقّة الروحيّة حيث وجد نفسه في مدينة لا يحبها وبدون حب وفي معهد مديره يراود التلميذات عن أنفسهنّ ومساعده منحرف جنسي لا همّ له الا البحث عمّن يفاحشه، وكأنّ هذه الأجواء بدأت تتهيّأ لغريب دون أهل مقطوع من كلّ حماية ليرمى به وسط قِدْرٍ بدأ بالغليان فوق نار مشتعلة منذ سنوات .

يستذكر الكاتب أيضا في هذا الفصل ذكرياته مع أمّه و كيف تخلّت عنهم الدولة منذ زمن فتركتهم يواجهون قسوة الطبيعة وأحيائها  حتّى أنّه يمكن أن تنتهي رحلة فتى صغير ذاهب لمدرسته مقطّعا بين أنياب ذئب كما حدث مع " وِلْد جفّال" صديق طفولة الكاتب الذي إنتهى طعاما للذئاب في طريق أحلامه المدرسي، لكن نفس هذه الدولة تذكرتهم بكلّ عنفها وجبروتها حين طالبوا بشيء من الكرامة فرأت في ذلك تمرّدا لا غفران له فزجّت بهم في زنانزين من مخلّفات الإحتلال الفرنسي بدعوى أنّ الكرامة تَرَفٌ لشعب لم يتملّك بعد أساسيات البقاء على وجه الحياة وبأنّه لا كرامة في الجمهورية إلاّ للزعيم الذي يحنو ويقسو على الجميع بمن فيهم " أحباب الله " الذين تجرّؤوا على كشف عورته .

أما الفصل الثالث " الأب الغائم "، الممتد من الصفحة مائة وثلاث وستين إلى الصفحة مائتين وستة، فهو فصل عذابات الذات الحقيقيّة التي ستبدأ مع لقاء الكاتب بأبيه في أروقة محكمة الكاف حين جيء به مقيّد اليدين وتلك الصورة البائسة التي كان عليها    الأب التي ستطبع ذاكرة الكاتب والتي ستجعله يحيا بألم مزمن يُشْعِرُه بأنّه كان الوحيد وراء كلّ ما حدث وبأنّه مذنب حدّ النخاع في تشتيت الأسرة وفشل الإخوة وضياع أحلام عائلة بأكملها بل حملها لوزر وشبهة مناهضة الدولة ونظامها الساعي والساهرعلى حسن سيرها، بإختصار إنّها عائلة مارقة أنجبت طفلا عاقّا لدولته وزعيمها، وهو يستحقّ كل ما حدث معه، هكذا كان الجميع يتحدث .

وفي غفلة أو بتواطئ، يُطَاحُ بالزعيم من قبل من سيخلفه في القمع لكن لضرورات المرحلة ولغاية تثبيت الحكم يقوم بالإفراج تباعا عن المساجين السياسين ليعانق حبيب الله الشارني الحريّة بعد زهاء الثلاث سنوات سجنا، فيخرج حاملا سيوف إنتقامه ممن ظلمه لكنّه وجد أنّ أحداثا كثيرة جرت في غيابه فيُقْدِمُ حينا ويتراجع أحيانا إلى أن قرر أن يخطّ ثأره بقلمه فيهدي الذاكرة الوطنية رواية " أحباب الله " التي بقيت تنتظر لأربع وعشرين سنة كأوراق متناثرة قبل أن تعرف طريقها لمطابع النشر .

3 - لله ثمّ للتاريخ

أعترف أنّها رواية أرهقتني نفسيّا لأنّه ليس من السهل أن تقرأ عن عذابات الآخرين وأنت تعلم يقينا أنّ ما يرويه الكاتب من احداث ليست من اختراع خياله بل وقعت فعلا وأنّ شخصيات الرواية شخصيات حقيقية عاشت تلك المآسي .

" أحباب الله " رواية شاهدة على ما عانته أجيال من التونسيين والتونسيات ولعلّ عدم ترتيب أحداثها وتبعثرها يكفي دليلا على بعثرة حقبة كاملة من تاريخ تونس التي عبثت بها أيدي قذرة إستحلّت شرف أبنائها وبناتها ففعلت بهم ما لا يخطر على بال الحيوان أن يفعله بمِثْلِه .

ففيها من الأحداث والشواهد ما يثير أسئلة كثيرة، كيف لبشر أن يفعل ذلك ببشر مثله ؟ أيّة بهيميّة تقود إنسانا ما للتعدّي على إنسان آخر بطرق تتعفف عنها حتى الشياطين ؟ أي جُرْمٍ إرتكبه هؤلاء المساجين حتى يُفْعَل بهم ذلك ؟ هل كنّا نستحقّ كلّ ذلك ؟ كان هذا  سؤال الكاتب الذي رافقه طوال مدة سجنه وهو غارق في البحث عن مبرر واحد للدولة وزعميها يعطيهما حقّ إذلال البشر ونزع إنسانيتهم .

كثيرة هي تلك الشهادات الموجعة حول إستباحة هذا الإنسان التونسي التي أوردها الكاتب في سياق الرواية، فذكر حالات فقدان العقل التدريجي وكيف يبدأ الإنسان بفقدان الإدراك لينتهِيَ كحيوان بين أيدي سجّانين لم تعرف الرحمة لقلوبهم مسلكا لكن هؤلاء السجانين لم يكونوا إلاّ آخر حلقات الشرّ في دولة الزعيم، حيث تبدأ من مركز الشرطة أو الحرس في جلسات التحقيق مع كلّ أنواع التعذيب الذي كانت ممارسته سياسة متبعة لإنتزاع الإعترافات ثمّ القضاة الذين يحكمون بهذه الإعترافات مع علمهم بطريقة الحصول عليها، لقد كانت جمهوريّة قذرة مليئة بأوساخ كثيرة .

لم تنجح جمهورية الزعيم في شيء كنجاحها في تحطيم وتشريد وتشويه أجيال متعاقبة ستبقى تعاني عَطَبَهَا النفسي سنين طويلة حتى بعد رحيله وذلك لدخولها في نفق آخر من سياسة طَحْن الذّات الإنسانية خلال فترة حكم المخلوع الذي أكمل من حيث توقف سلفه .

إذن إن كانت هناك حاجة لكتابة شيء ما في هذا البلد فبلا شكّ ستكون آلام وجراح أولئك المكلومين، الحبر الأمثل لتدوين تاريخ حافل بالشرّ والحقارة والنذالة لنظام ضيّع البلد وأهله كما يقول الكاتب { اسألوا عني في تاريخ عذاب مدينة الكاف، ستجدون صوتي بين آهات الأصوات الباكية ألما وفي أغاني الحزانى عندما دمّروا شباب أجيال كاملة في بداية الثمانينات . ستجدون آلام جيل كامل في أغاني أمهاتنا وإنتظاراتهن أمام مراكز الشرطة، مع بكاء المطر على الجدران المائلة وفوق الأرصفة الحزينة وتلك التي لم تبلّطوها بعد . ستجدون آلامنا في أغانٍ شعبيّة وفي صور نساء لم توجد إلّا في خيالاتنا وفي صور بنات إستنبطناها من حاجتنا إلى الحبّ في بلد الحبّ، فلم تكن توجد إلاّفي خيالاتنا} ص126.

 

 

 

 

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved