أراد جار أبي، علي أبو حسين أن يبني دارا أخرى في بيته ليسكن فيها ابنه الذي تزوج حديثا، وكان لا بد أن يخرج النخلة من البيت حيث إنها تقع في نفس المكان الذي من المقرر أن تُبنى فيه الدار .
فأحضر أبو حسين منشارا وبدأ يقص السعف سعفة بعد أخرى حتى أتى إلى آخر سعفة؛ ثم بدأ بقص الجذع حتى أسقطها، فسحبها خارج البيت ثم همّ بتجميرها !
وكان أبي حاضرا، فاقترح عليه أن يغرسها على الرصيف؛ لكن عليا رفض، فقال بنبرة لم تخل من الاستغراب :
يا أبا محمد، لقد ماتت النخلة ودون أي شك، ذلك لأن عروقها بقيت تحت الأرض ولم يبق منها سوى الجذع . فأنّى لها أن تنمو ثانية ؟!
وتابع أبي مصرا : وما يضرك غرسها ؟! لعلها تخضر فتثمر ثانية ...
وطفق أبي قبل أبي حسين يحفر الأرض، وساعدهما الشباب فأوقفوا الجذع في حفرة الرصيف .
لم يمض شهر حتى بدأ السعف الجديد بالنمو ... وأثمر ذلك الجذع الذي أوشك على الهلاك لولا اقتراح أبي رحمه الله .
وأصبحت في الشارع نخلة تحييّ بسعفها المارين تحية الصمود .