يبدو أنّ هناك دستوراً من وزارة التعليم والتربية أن يحتفل الطلّاب في مرحلة الابتدائيّة بمناسبة (شب يلدا)، وهي مناسبة لا تمتّ لنا نحن العرب بصلة البتّة .
ولماذا لا يتمّ الحفل بمناسباتنا الإسلاميّة والعربيّة ومنها عيد الفطر مثلاً ؟!
والغاية واضحة، التفريس ولا شيء آخر !
وعندما طلب منّي ابني ماجد مبلغاً من المال، وهو في الواقع طلب المدرسة للاحتفال بهذه السُنّة الغريبة، امتنعت من إعطائه المبلغ ثمّ نصحته أن يغيب عن المدرسة في يوم الاحتفال .
لكنّه طفل لا يزال في المرحلة الابتدائيّة ويحبّ الاحتفال مع زملائه ويحبّ اللعب .
وتذكّرت أبي رحمه الله عندما كان يحكي لي عن الماضي فقال لي ذات مرّة :
كنّا نصيد الغزلان ونربّي صغارها، نرضعها من الغنم، وكانت تؤنس إلينا وكنّا نطمئنّ بها؛ حتّى إذا كبرت سرّحناها مع الغنم .
لكنّها ما إن لمحت سرب الغزلان حتّى تركت قطيع الغنم وفرّت نحوه راكضة متناسية جميع خدماتنا !
وأرجع إلى ماجد، لمّا رأيته منقبضاً متضايقاً، دفعت له المبلغ ليشترك في هذه المناسبة المتطفّلة؛ أدري أنّه سيرجع إلى ملّتنا لا محالة .
ولكن أن يُدعى الكبار للاحتفال بمناسبة (شب يلدا) ! هذا ما لا أستسيغه أبداً، بل إن طلبت منّي أن أصنّفه فسأصنّفه في خانة التطبيع .
ولا تظفر مثل هذه الدعوات بطريق لنجاحها طبعاً؛ وقد تؤدّي إلى فشل مقترحها وربّما إقصائه من الساحة الثقافيّة الأهوازيّة؛ وكيف يطمع عندئذٍ أن يكون له دور أو أيّ تأثير إيجابي في مجتمعه ؟!
وهذا ما لا نبتغيه لمثقّف وشاعر مثل صديقنا منشئ مجموعة همس النخيل .
وسأضرب مثلاً :
كان في المحمّرة رجل دين يحترمه الناس ويجلّونه، ما إن أيّد هذا الرجل الصالح مرشحاً لانتخابات المجلس إلّا وفاز .
وقد وقف في سنة من السنين بجانب مرشّح غير عربي، ظانّاً كالأعوام المنصرمة أنّ مرشحه سيفوز حتماً !
لكنّ الناس صوّتوا لغيره وخسر .
فيا إخوتي الأعزّاء، الشعب الأهوازي ربّما يتنازل عن أشياء كثيرة، لكنّه لا يتنازل عن قوميّته وعن عروبته؛ وهذا ما أثبته طوال قرن ضدّ محاولات التفريس والذوبان .
ولا أرى هذه الدعوة للاحتفال بمناسبة (شب يلدا) سوى إنّها دعوة للتنازل عن قوميّتنا وأن ننصهر بثقافة الغير كما كان وما زال يخطّط لنا !
فلا تعزفوا على الأوتار الحسّاسة كي لا تصطدموا بالشعب .