ينقل لي السيّد هلالي عن قريتهم السّرحانيّة الواقعة في المحمّرة فيقول :
كان لدى جارنا أبي عيسى حديقة نخيل، وقد شتل فيها أنواع النّخيل مثل (البرحي، والبريم، والقنطار، والسّعمران، والدّيري، والأشقر) .
وكان الرّجل بارعا في شتل النّخيل وذوّاقا يحبّ التّنويع .
وذات يوم أراد أن يزوّج ابنه الأكبر، ولم يكن يملك المال؛ فاضطرّ أن يعرض الحديقة الجّميلة للبيع !
ويضيف زميلنا السيّد هلالي قائلا :
سأله أبي :
بكم تبيعها يا أبا عيسى ؟
وطلب الرّجل مبلغا لا أتذكّره، فاشتراها أبي منه دون ترديد أو تخفيض في السّعر .
وتزوّج عيسى وعمل هو وأبوه في المزارع والشّركات حتّى امتلكا مالاً يفوق سعر الحديقة .
وضاف أبي جارَه ضحى أحد الأيّام وقال له :
رجّع لي فلوسي يا أبا عيسى وخذ حديقتك .
تعجّب الرّجل، ثمّ رفض .
لكنّ أبي أصرّ على استرجاع الحديقة إلى جاره وقال :
يا جاري العزيز، وجدتك محتاجا، وأدري أنّ كبرياءك لا يسمح لك أن تستقرض مخارج زواج ابنك، ولهذا اشتريت الحديقة منك كي لا تبيعها لأجنبيّ .
وكنتُ ناويا من البداية أن أرجّع لك حديقتك بعد ما تتيسّر أمورك، والحمد لله قد تيسّرت .
فخذ حديقتك الّتي أحببتها كثيرا وتمتّع بنخيلها وثمرها، وإيّاك أن تعرضها للبيع مرّة ثانية .
فالأرض العربيّة غالية أينما وجدت، في قرية الجليزي الأهوازيّة كانت أم في القدس .
ولا نسمح لأيّ أجنبيّ أن يطأها .
فإيّاكم أن تتخلّوا عنها يا أهلها؛ واعلموا أنّها تستحقّ التّضحيات والسّجن والشّهادة .